رغم التوجه الحكومي نحو تشديد إجراءات المراقبة على الإستغلال المؤقت للملك العمومي، حيث اتجهت وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك والماء، نحو تغيير التشريع الخاص بهذا الموضوع، من خلال مشروع قانون جديد يتضمن شروطا صارمة، لمنح تراخيص الإستغلال المؤقت للملك العمومي، ويفتح باب المتابعات القضائية في حق المتطاولين عليه. مشروع القانون المذكور والذي يعدل ظهير 1918، المتعلق بالإحتلال المؤقت للملك العمومي، أشار في مذكرته التقديمية أن "الأملاك العامة تشكل رصيدا عقاريا مهما للدولة، وآلية من آليات الإستثمار، وخدمة التنمية الإقتصادية والإجتماعية"، موضحا أن هذا المِلك "موضوع رهن تصرف العموم، وغير قابل للتفويت". شروط الإستغلال ومسطرته القانونية أسس لها ظهير 30 نونبر 1918، إلا أن قِدم النص، والذي يعود لفترة الحماية، جعل بعض مقتضياته متجاوزة في توفير الحماية الضرورية لهذا الملك العمومي الشاسع، إلى جانب إشكالات ونواقص باتت مشجعة على الترامي الغير المشروع على أجزاء من الملك العمومي دونما احترام المسطرة، وفي إضرار واضح بمصالح المواطنين والمواطنات. ظاهرة وطنية وفعالية غائبة... مظاهر إستغلال المِلك العمومي المُفرط، واحتلاله اللاقانوني من طرف أرباب المقاهي والمحلات التجارية وجماعات "الفرّاشة"، وفي شوارع رئيسية تعرف حركة مرورية مُكثفة، ما يشكل تهديدا لسلامة المواطنين، بات أمرا مُؤرقا للجميع، على الرغم من أن السلطات المحلية وبتنسيق مع المجالس تعمد أحيانا للقيام بحملات لتحرير هذا المِلك وإرجاع الأرصفة والممرات للمواطنين، ولكنها حملات تبقى محدودة في الزمان والمكان... إذ سرعان ما يعود المُحتلون إلى سابق عهدهم بل وأحيانا بشكل أبشع، وهو أمر غير مفهوم ويدفع الجميع لطرح التساؤلات... حبيبة مواطنة من ورزازات أكدت في تصريح صحفي أن استغلال الملك العمومي من قبل أصحاب بعض المقاهي والمحلات التجارية غير مقبول من طرف الساكنة، مشيرة إلى أن "المسؤولين يعاينون المشكل يوميا لكنهم لا يتدخلون"، وزادت: "جميع الأرصفة أصبحت محتلة"، وطالبت الجهات المسؤولة بالتدخل من أجل تطبيق القانون في حق جميع أصحاب المقاهي والمحلات التجارية المخالفة للقانون، مشيرة إلى أن "الوضع لم يعد يطاق، ومن شأنه أن يخلق أزمة، خصوصا أن أرباب هذه المقاهي يضعون الكراسي والطاولات على الرصيف"، وفق تعبيرها. أما حميد فاعتبر إن "احتلال الرصيف بشكل قوي... أصبح يطرح أكثر من علامة استفهام، ويدفع إلى التساؤل عن دوافع لامبالاة المسؤولين مقابل خطورة الوضع"، متسائلا باستغراب: "ألا يعتبر وجود كراسي وطاولات المقاهي في الرصيف مدعاة للسخرية وحرمانا للمواطن من حق المرور؟". قبل أن يعلق بالقول: "إنها الفوضى بكل تجلياتها، ويتحمل الجميع المسؤولية عنها، منتخبين وسلطات محلية وفعاليات المجتمع المدني، وحتما نتائجها تنعكس سلبا على الجميع، وربما يكون ضحيتها أحد هؤلاء المتدخلين، إما بطريقة مباشرة أو غير مباشرة"، مضيفا أن "على الجهات المختصة التدخل من أجل تحرير الملك العمومي ورد الاعتبار للمواطن... ". ممر البرانس بمراكش: احتلال المِلك العمومي في أبشع صُوره... قريبا جدا من الساحة التاريخية جامع الفنا، ممر الأمير مولاي رشيد، المعروف ب"البرانس"، حيث حالة من الفوضى والتسيب، ناتجة عن تنامي احتلال الملك العام بشكل مقلق من طرف العشرات وأحيانا المئات من الباعة من مختلف الجنسيات (خصوصا الإفريقية) ومختلف المعروضات، إلى جانب محلات تجارية تعمد لكراء محيط أبوابها خصوصا لباعة "الريكلام" أو الهواتف بأثمان تتراوح بين 500 و1000 درهم يوميا حسب ما أكده لنا أحد التجار... ينضاف إليهم أصحاب مقاهي ومطاعم يتصرفون وكأنهم "فوق القانون" ويشغلون مساحات من الملك العمومي تفوق مساحات محلاتهم بكثير... أحد التجار المتضررين أكد لنا أن الوضع ليس وليد اليوم، رغم مطالب التجار المتضررين بتحرير الملك العمومي بممر البرانس منذ سنوات، ومراسلتهم للجهات المعنية، بل وشروعهم في تنظيم وقفات احتجاجية، بحيث هددوا مرارا بإغلاق جماعي لمتاجرهم، إلا أنهم كانوا يتراجعون دائما أمام الوعود التي يوزعها عليهم المسؤولون والمنتخبون... وكان رئيس المركز الوطني لحقوق الإنسان” محمد المديمي”، قد طالب في وقت سابق والي جهة مراكش أسفي، باتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاربة استغلال الملك العمومي بممر الأمير مولاي رشيد (البرانس) بمراكش، معتبرا أن احتلال الملك العمومي بهذا الممر، خرق سافر للقانون، مشيرا إلى أن أصحاب محلات المأكولات يستغلون الشارع العمومي مما يتسبب في الازدحام وعرقلة الطريق دون تحريك أي ساكن من طرف السلطات المحلية. إحتلال مؤقت أم إمتلاك دائم؟ المتجول بالممر المذكور، تصادفه العشرات من احتلالات الملك العمومي، والتي ذهب أصحابها بعيدا في هذا المجال، إلا أن أحد إبرزها على الإطلاق يبقى مقهى ومطعم في قلب الممر، والذي استصدر صاحبه في وقت سابق ترخيصا مؤقتا لاحتلال الملك العمومي بغرض وضع طنف ثابت (باش)، قبل أن يقوم أن يقوم ببناء ما وصفه التجار بعمارة معدنية، عبارة عن شرفة من صفائح حديدية مقواة، محمولة على أعمدة فولاذية مثبتة بالطريق العمومي. ورغم صدور قرار عاملي (تحت عدد 1050) بهدم البناية الحديدية المذكورة بتاريخ 28 فبراير 2014، وتوجيه المجلس الجماعي إنذارا لمالك المقهى (عدد 23063) بإزالة الشرفة بتاريخ 17 دجنبر 2015، وإصدار المجلس نفسه قرارا ثانيا في 20 يناير 2016 تحت عدد 930 يقضي بإلغاء الترخيص الممنوح له بشغل الملك العمومي نهائيا، والذي وُجه بشأنه إخبار للسيد والي جهة مراكشآسفي عامل عمالة مراكش قصد إصدار تعليماته لمصالح السلطة المحلية للقيام بالإجراءات القانونية اللازمة إزاء هذه الوضعية، ما لم يحدث إطلاقا... فهل عجزت السلطات المحلية لمراكش ومعها المجالس المنتخبة عن حماية الملك العمومي بممر حيوي، و بمنطقة سياحية وتجارية هامة، أم الأن الأمر شيء آخر؟