أيام قليلة عن انطلاق النسخة ال32 لكأس إفريقيا للأمم، بمصر، بدأ النقاد الرياضيون، يبدون تخميناتهم هنا وهنالك، حول أبرز المنتخبات المرشحة للتتويج بهذا اللقب القاري. وكما هي العادة، تبرز في كل بطولة، منتخبات مرشحة فوق العادة للفوز باللقب، إما لكونها تعج بالنجوم أو لتاريخها الحافل وخبرتها الكبيرة، ومنتخبات أخرى لا يمكن الاستهانة بقوتها، إذ يمكن أن تجد لنفسها موطئ قدم في طليعة الفرق المرشحة للفوز، مع توالي المباريات، خاصة وأن النسخة الحالية لكأس إفريقيا تشهد وللمرة الأولى مشاركة 24 منتخبا بعد زيادة عدد المنتخبات، وهو ما سيعزز حظوظ كافة الفرق الوطنية المشاركة. ومهما يكن من أمر، فإن نهائيات أمم إفريقيا، لا تخضع في العادة الى منطق الأقوى على الورق، بل تبقى الخبرة واقتناص الفرص والأداء الجيد على أرضية الملعب المحدد الأساس لبلوغ منصة التتويج، وطبعا مع قليل من الحظ وتجاوز الأخطاء الكارثية للتحكيم وخاصة هفوات تقنية الفيديو المساعد "الفار". وتبدو منتخبات مصر المضيفة ووصيفة بطل النسخة الأخيرة 2017 الذي ليس سوى الكاميرون، والمغرب وتونس والسينغال مرشحة بقوة لإحراز اللقب، حيث تملك نفس الحظوظ وتتساوى في طموحات التتويج. وتجمع التحليلات قبل انطلاق المنافسة القارية، على أن المنتخب المصري بقيادة المدرب المكسيكي خافيير أجيري، سيسعى جاهدا لاستعادة اللقب الغائب عن خزائنه منذ دورة 2010، وبالتالي يبقى هو المرشح الأبرز للفوز باللقب لعدة أسباب أولها استضافته للبطولة وهو ما من شأنه أن يزيد من حظوظ الفراعنة من أجل الفوز باللقب مرة آخرى بسبب عاملي الأرض والجمهور، ناهيك عن التاريخ الحافل لمصر في البطولة والتي تعد الأكثر مشاركة في كأس أمم إفريقيا ب 24 مشاركة توجت خلالها ب 7 ألقاب. كما يضم منتخب مصر الذي يتواجد ضمن المجموعة الأولى إلى جانب الكونغو الديمقراطية وأوغندا وزيمبابوي، أكثر من لاعب محترف في الدوريات الأوروبية على رأسهم محمد صلاح الفائز بجائزة أفضل لاعب إفريقي في العامين الماضيين، والحائز على المركز الرابع في قائمة أغلى اللاعبين في العالم في الوقت الراهن بقيمة 150 مليون أورو. كما يتصدر منتخب الفراعنة قائمة أكثر المنتخبات العربية من حيث القيمة السوقية في البطولة ب202,28 مليون أورو. أما المنتخب المغربي، بقيادة الفرنسي هيرفي رينار، فيسعى بدوره إلى استعادة لقب 1976، على الرغم من وقوعه في مجموعة توصف بمجموعة الموت والتي تضم جنوب إفريقيا والكوت ديفوار وناميبيا. ويمتلك أسود الأطلس كافة المقومات والعناصر التي تكفل لهم المنافسة بقوة على اعتلاء منصة التتويج ومعانقة الكأس القارية. فالمنتخب الوطني، الذي حل في المركز الثاني بقائمة أكثر المنتخبات العربية قيمة تسويقية في البطولة ب187,86 مليون أورو، يضم مجموعة من المواهب الكروية التي تمتلك مهارات فنية عالية بقيادة مدرب مخضرم سبق له الحصول مرتين على الكأس، الأولى عام 2012 مع منتخب زامبيا ، والثانية عام 2015 مع كوت ديفوار ، وخبر خبايا كرة القدم في القارة السمراء مما جعله يحقق نجاحات هامة رفقة المنتخب الوطني وخاصة في مونديال روسيا 2018. ومن أبرز هؤلاء اللاعبين، حكيم زياش نجم وصانع ألعاب نادي أجاكس الهولندي، والمهدي بنعطية نجم الدحيل القطري، ومبارك بوصوفة لاعب الشباب السعودي، والحارس بونو عملاق نادي جيرونا. ومن المنتخبات التي لها باع وتاريخ في الكرة الإفريقية، منتخب الكاميرون الحامل لخمسة ألقاب (1984، 1988، 2000، 2002، 2017)، بحيث تتطلع "الأسود غير المروضة" بقيادة المدرب الهولندي الشاب كلارنس سيدورف، إلى الاحتفاظ باللقب حيث يعتمد سيدورف على كتيبة من اللاعبين المحترفين مثل النجم المخضرم فانسون بوبكار لاعب بورتو البرتغالي ، وكلينتون موانجي لاعب أولمبيك مارسيليا الفرنسي وجويل ماتيب مدافع ليفربول الإنجليزي وإيريك ماكسيم تشوبو موتينج نجم باريس سان جيرمان الفرنسي . لكن العائق الوحيد الذي قد يحول دون وقوف منتخب الكامرون، المتواجد ضمن المجموعة السادسة التي تضم غانا وبنين وغينيا بيساو، على منصة التتويج، هو قلة خبرة سيدروف الذي يخوض أول تجربة تدريبية داخل القارة الافريقية منتخب آخر خبر أجواء نهائيات كأس إفريقيا للأمم، هو المنتخب التونسي (المجموعة الخامسة رفقة مالي وموريتانيا وأنغولا) ، الذي يبقى من المنتخبات الصلبة والعنيدة التي تسعى للتحليق نحو الظفر باللقب الثاني ب"كان 2019". ولعل من العوامل التي ستساعد "نسور قرطاج" المتوجين بلقبهم الأفريقي الوحيد على أرضه عام 2004، في تثبيت أقدامهم في كان 2019 ، هو كثرة مشاركتهم في البطولة (14 مرة) ما أكسبهم خبرة كبيرة في مثل هذه المنافسات، إضافة الى الاعتماد على مهارات لاعبين مميزين جعلت المنتخب التونسي يحتل المركز الرابع في قائمة أغلى المنتخبات العربية من حيث القمة التسويقية ب 54 مليون يورو ، وأبرزهم وهبي الخزري نجم سانت ايتيان الفرنسي ، إضافة إلى لاعبين مميزين على غرار محمد أمين بن عمر لاعب النجم الساحلي ، وعلي معلول وحمدي النقاز وفرجاني ساسي لاعبي الأهلي والزمالك المصريين، فضلا عن خبرة المدرب الفرنسي آلان جيريس الذي بات ملما بأجواء الكرة الإفريقية. وبدوره، يبقى منتخب السنغال (المجموعة الثالثة رفقة كينيا والجزائر وتانزانيا)، من الفرق المرشحة بقوة للتتويج بالكأس القارية على الرغم من فشل أسود "التيرانجا" في الظفر باللقب القاري على مدار تاريخه حتى الآن. لكن خبرة المنتخب في كأس الأمم الإفريقية بعد 14 مشاركة منذ عام 1965، قد تسعفه على تحقيق لقبه الأول خاصة وأنه يتصدر قائمة المنتخبات الأعلى قيمة في البطولة، بقيمة سوقية تبلغ 351 مليون أورو بفضل امتلاك أسود التيرانجا العديد من الأسماء الوازنة في الدوريات الأوروبية أبرزها ساديو ماني مهاجم ليفربول الإنجليزي ، والمدافع كاليدو كوليبالي لاعب نابولي الإيطالي. من جانب آخر، يحظى منتخب "الفيلة" كوت ديفوار بدون شك هو الآخر، بأفضل الحظوظ للتتويج، بعدما سبق له الفوز بلقب نسختي 1992 في السنغال و2015 في غينيا الاستوائية، وهو ثاني منتخب له أكبر مشاركة في البطولة ب23 مشاركة بعد مصر (24 مشاركة) . وتتواجد كوت ديفوار ضمن مجموعة "الموت" التي تضم المغرب وجنوب إفريقيا وناميبيا، وهي المجموعة الوحيدة التي تجمع ثلاثة منتخبات فائزة بلقب البطولة. ويعتمد مدرب المنتخب الإيفواري إبراهيما كمارا، على مهارات عدد من اللاعبين أبرزهم مهاجم كريستال بالاس الإنجليزي ويلفريد زاها، ومهاجم سانت اتيان الفرنسي ماكسي جراديل، ومدافع توتنهام الإنجليزي سيرجي أوروير ، وجيرفينهو اللاعب السابق في صفوف أرسنال الإنجليزي والمحترف حاليا بنادي هيباي فورتون الصيني، وهو ما جعل منتخب كوت ديفوار يحتل المركز الثاني في قائمة المنتخبات الأعلى قيمة في بطولة كأس الأمم الإفريقية، حيث تبلغ قيمته 327 مليون أورو. ويرى متتبعون ونقاد رياضيون أنه من الصعب التكهن بهوية بطل النسخة الحالية لكأس أمم إفريقيا لأن الأداء الفني بات متقاربا بين جميع المنتخبات ال 24 المشاركة في البطولة، بفضل حنكة بعض المدربين الأجانب الذين خبروا اللعبة بالقارة الإفريقية مثل الفرنسيين هيرفي رينار وآلان جيرس وسباستيان ديسابر، المدير الفني للمنتخب الأوغندي المتواجد ضمن المجموعة الأولى إلى جانب مصر والكونغو الديمقراطية وزيمبابوي. ورغم ذلك، تشير التوقعات إلى أنه بالإضافة إلى المنتخبات المرشحة هاته، هناك منتخبات أخرى ستقول كلمتها في هذه البطولة على اعتبار أنها تمتلك مقومات التميز والندية. ولذلك ، من المتوقع أن تنافس منتخبات على التتويج وتصل إلى أبعد من المتوقع للحصول على لقب "الحصان الأسود" بالبطولة مثل نيجيرياوغاناوجنوب إفريقيا. فلا يمكن أبدا تجاهل منتخب نيجيريا (المجموعة الثانية رفقة غينيا ومدغشقر وبوروندي)، والذي طالما يملك لاعبين مميزين وبالأخص في خط الهجوم وهو ما يجعله مصدر خطورة دائمة ، بحيث يملك النسور الخضر حظوظا لا بأس بها للمنافسة على اللقب. كما لا يمكن تجاهل منتخب غانا (المجموعة السادسة رفقة الكاميرون وبنين وغينيا بيساو) ، الفائز بلقب أربع بطولات ويتمتع بتنظيم جيد في صفوفه بقيادة المدرب كويسى أبياه، وكذا منتخب "البافانا بافانا" جنوب إفريقيا ، الذي يسعى مدربه جوردون إيجوسوند إلى العودة بالكأس القارية وإضافة اللقب الثاني لهذا البلد، بالاعتماد على جيل جيد من اللاعبين في مقدمتهم بيرسي تاو مهاجم سانت خيلويزي البلجيكي، وثيمبا زواني لاعب صن داونز الجنوب إفريقي.