يحتل المغرب المرتبة 138 في الحريات الصحفية من ضمن 179 دولة حسب آخر تقرير نشرته منظمة مراسلون بلا حدود الدولية. وإذا كانت دول كتونس ومصر قد تقدمت في الترتيب بعد الربيع العربي فان المغرب يحاول جاهدا الدفع بقطاع الاعلام الى المزيد من الحريات من خلال إنشاء لجنة تعمل على إعداد مشروع مدونة للصحافة والنشر. لا سجن للصحفيين تضم اللجنة صحافيين ونقابيين وحقوقيين وممثلين عن وزارة العدل والحريات، وقد وعد وزير الاتصال المغربي مصطفى الخلفي بإلغاء العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر وجعل إجراءات منع وترويج الصحف والمجلات في يد القضاء.
في تصريح لإذاعة هولندا العالمية قال الصحفي رشيد نيني الذي قضى سنة كاملة في السجن بتهمة "تسفيه جهود الدولة" على ضوء مقالات نشرها بجريدة المساء أن المهم ليس هو رفع القوانين الحبسية ولكن الأهم هو عدم متابعة الصحفي بالقانون الجنائي. ودعا الى التزام اللجنة بمتابعة الصحفيين في اطار قانون الصحافة وتحديد غرامة المخالفين في شكل يتناسب مع حجم الضرر والقدرات المالية للمؤسسات الصحفية. واستغرب كيف أن من فقد ساقا في حادث شغل تحكم له المحكمة بالفتات، بينما يحكم على مقاولات الصحفيين بغرامات تصل الى ملايين الدراهم من أجل اسكات صوتها للأبد. كما دعى صاحب أشهر عمود بالمغرب الى تنظيم القطاع الذي يعرف فوضى كبيرة. "فكل من هب ودب يستطيع ان يفتح جريدة وأن يدعي ممارسة الصحافة" يقول رشيد. وأضاف أنه حان الوقت للقطع مع ممارسات قديمة كان هدفها تعويم العمل الصحفي وتسخيره لخدمة مصالح اللولبيات السياسية والاقتصادية. وبخصوص مهمة اللجنة الجديدة وعملها، دعا رشيد نيني إلى التريث وعدم التسرع في الحكم على عملها وانتظار مشروع القانون الذي سيقدم خلال ثلاث أشهر. وقال إنه مستعد للدخول في حوار مع اللجنة كصحفي "اكتوى بنار السجن من أجل قضية رأي".
طبيعة استشارية ومن جانبه شدد نور الدين مفتاح رئيس فيدرالية الناشرين المغاربة وفي الوقت نفسه عين عضوا في اللجنة الجديدة، في تصريح لإذاعة هولندا العالمية على أن اللجنة ليست بديلا عن المهنيين وممثليهم وأوضح أن طبيعتها علمية وغايتها تنظيم الحوار بين كل المتدخلين في القطاع وأنها ذات طبيعة استشارية. وأكد كذلك أن أي مشروع قانون لا يضمن الاكتفاء بمحاكمة الصحافيين بقانون الصحافة لا فائدة من اخراجه. وأضاف نور الدين مفتاح أن ارتفاع سقف الحريات بعد الربيع الديمقراطي في العالم العربي يفرض على اللجنة اخراج قانون متقدم سيكون فيه للمهنيين الكلمة الفصل على غرار قانون المجلس الوطني للصحافة، باعتباره يشكل هيئة مهنية مستقلة للتنظيم الذاتي للجسم الصحفي. وسيعرض هذا القانون الذي بات جاهزا على الحكومة التي سترفعه بدورها الى البرلمان من أجل التصويت. خطوط حمراء وفي المقابل استغرب نور الدين لشهب من موقع هسبريس الإلكتروني الأكثر انتشارا في المغرب من تغييب ممثلي الصحافة الالكترونية من عضوية اللجنة المستحدثة، على الرغم من أن الإعلام الرقمي يعرف إقبالا أوسع من الإعلام الورقي. وقال في تصريح لإذاعة هولندا العالمية إن هناك فوضى كبيرة في هذا القطاع ودعى الى تقنين وضبط الولوج إلى مهن الصحافة الإلكترونية. يعاني الصحفيون في المغرب مما يسمى "بالخطوط الحمراء" التي رسمها النظام كالدين والملكية وتهديد الامن العام علاوة على عقوبة السجن في المادة 41 من قانون الصحافة الحالي. وقد شكلت هذه المادة الغامضة سيفا مسلطا على رقاب الصحفيين. وقد عملت السلطات المغربية ابتداء من عام 2009 على استخدام العقوبات المالية لقمع وسائل الإعلام الأكثر جرأة في خطها التحريري، كما فرضت في الكثير من الأحيان غرامات باهظة أدت إلى إفلاس مقاولات صحفية شابة.