كلما عزم السفر في الحافلة أوسيارة ألأجرة ارتعدت فرائصه وتسارعت نبضات قلبه و تاه في عدة تهيأت وافتراضات و ردد كل الدعوات التي حفظها لأجل هذه المناسبة أو بالأحرى المغامرة الخطيرة. فعلى مر كل السنوات التي سافر فيها راكم تجارب عديدة و عاش لحظات رهيبة لا تنسى،إنها مأساة حقيقية تضاهي الكوابيس و تشبه أفلام الرعب.إنه يتذكر كل شيء:محاولات غبية للتجاوز..سرعة جنونية... 120راكبا منها 60 جالسون و الباقي واقفون...حافلات مهترئة كأنها بقايا الحروب...تواطؤ مع بعض رجال الامن...استبدال الطرق السيارة بالطرق العادية لتجنب التكلفة...مناداة بعض الركاب السائق أن يسرع وكلما رفض تكالبت عليه أنواع من الشتائم و الاستهزاء...تسابق بعض السائقين فقط للتسلية كأنهم داخل الحلبة...تجنب نقط المراقبة بسلك طرق وعرة وملتوية... .ولكنه أيضا حسم أمره في أمر حوادث السير ببلدنا الحبيب الذي أصبح رائدا في هذا المجال كأنها حرب أهلية لا تعرف هدنة و لا سلاما كما لا تعترف بقوانين الإنسانية و لا مواثيقها ولا باحترام الحياة. فالرجل يستقل مرارا الحافلات و سيارات الاجرة و أحيانا القطار فهو مثل الكثيرين ,أكثر دراية بأخطار الطريق و متاعبها و سلوك السائقين و الركاب و رجال الامن و الطريق نفسها.أما كل الذين يتدارسون المشكلة في التلفاز أو الإذاعة فالأمر في نظره لا يعدو أن يكون أفكار نظرية و اعتقادات بعضها صحيح و بعضها يتنافى مع الواقع. لقد أدرك المسكين لتوه أن المسؤولية تقع على عاتق الكل في حين جزم أن الطريق و الحافلة تبقيان بريئتين من كل اتهام ببساطة لأنهما مسّيرتين و ليستا مخيّرتين.فالطريق بحفرها و منعرجاتها لن تؤذيك إذا أحسنت السير عليها، أما الحافلة فهي ليست مسؤولة عن تدهورها و كثرة أعطابها بل أصحابها و سائقوها هم من يجب أن يعتنوا بها و يحافظوا على لياقتها و على الدولة إعفاءها من الخدمة إذا لزم الامر. أما الدولة وأرباب شركات النقل فهم أول من يتحمل المسؤولية لتقاعس الاولى عن المراقبة المستمرة والحازمة في المحطات و على الطريق و الوقوف ضد جشع باطرونا الحافلات و السائقين و كذا مساعديهم ولما لا توعية الركاب و إعطائهم مجالا قانونيا للتصدي لكل مخالفة. في عدة دول أجنبية لا يتردد مواطن أو سائق في التبليغ عن مخالفة أو تهور.أما عندنا فالعكس جد صحيح حيث يتعاون السائقون على خرق القانون فينبه أحدهم الاخر بوجود أو عدم وجود مراقبة طرقية.كما أن المواطن المغربي مازالت تغيب عنه ملكة الاحتجاج ويجهل أن من حقه الانتفاضة ضد انتهاكات حقوقه سواء في المحطات أو داخل الحافلة أو على الطريق…