تتعدد الظواهر الشاذة والغريبة بالإدارة المغربية، وهذه الظواهر ليست وليدة اليوم ، بل هي قديمة تمتد إلى عقود مضت ومن جملة هذه الظواهر : *ظاهرة الوجوه السمينة والبطون الممتدة نحو االأمام والمؤخرات الممتدة نحو الخلف " والقرفدات" الممتلئة لدى العديد من المسئولين الكبار بالإدارات المغربية حتى يتخيل إليك أنك أمام لاعبي المصارعة اليابانية، وقد يتساءل المرء عن سبب هذه التخمة التي ليس لها نظير ، وإذا عرف السبب بطل العجب، فالميزانية المخصصة أصلا لإنشاء البنية التحتية وتجهيز المؤسسات يذهب قسط منها إلى جيوب هؤلاء، معتمدين على تقنيات عالية الجودة في استدراج الملايين انطلاقا أولا من الصفقات الوهمية والمشبوهة، مرورا بصفقات التجهيزات المربحة. *إهضار كرامة الموظف إذ العديد من المسؤولين يستغلون منظفات القطاع لتنظيف منازلهم الفاخرة ، والأعوان كسائقين خصوصيين لهم ولأبنائهم في المدارس الخاصة مستغلين سيارات الدولة ، وبنزين الدولة واستغلال بعضهم في رعي البقر معتمدين على تقنية " الفلوط" للتواصل. * تزيين الدور الفاخرة لهؤلاء المسئولين(وسائل التبريد والتدفئة، الحواسيب، مكاتب) وكلها ماركة مسجلة باسم القطاع الذي ينتمي إليه. * استغلال الموظفين الحرفيين الموضوعين رهن إشارة القطاع، عفوا رهن إشارتهم للقيام بعملية الإصلاح والترميم والنظافة والطبخ والكنس داخل البيت وتسيير المشاريع الخاصة بهم . * إعطاء الأولوية لعملية ترميم البنايات التي لا يستفيد منها سوى اللوبي البيروقراطي، وخلال عملية الترميم هذه والتي تكلف الدولة مبالغ خيالية يروح القسط الأكبر منها إلى جيوب هذا اللوبي. * التلاعب بالامتحانات المهنية وبالترقيات الخاصة بالموظفين التي لا تعتمد على معايير قانونية أو موضوعية ، فقط ترتكز على الزبونية والمحسوبية والقرابة وبصفة عامة على المثل القائل " أنت وجيبك." * الاستفادة من الدور الفاخرة(فيلات) التابعة للقطاع مجانا، وفي كثير من الأحيان يتم تفويتها بالأقدمية وبدون سند قانوني مع العلم أن هؤلاء يمتلكون منازل فخمة تغنيهم عن تلك الدور التابعة للدولة والتي من المفروض استغلالها من طرف فئة الموظفين المعوزين التي تعاني الفقر والتهميش، وسوء المعاملة والتعسف الإداري. * تفشي ظاهرة الرشوة أو بالأحرى ظاهرة "قهيوة" -حتى لا نخدش الشعور الإداري -، فالمرتفق ملزم بالأداء حتى تقضى أغراضه بأقصى سرعة ممكنة، أو عليه الانتظار شهور وأعوام، وفي غياب الرقابة أو رقابة الرقابة فالظاهرة تتفشى يوما عن يوم ، بدون حسيب ولا رقيب . هذه بعض الظواهر الشاذة- وهي غيض من فيض -، ولم تعد كذلك شاذة لكونها أصبحت كالمسلمة فالإدارة المغربية أصبحت ملكا لبعض المسئولين بل غدت من الموروثات ، وهنا تطرح علامات استفهام حول الإصلاح الإداري الذي طلما حلم به المواطن المغربي وطلما تشدقت به الحكومات السابقة. لقد آن الأوان لإصلاح الفساد، وإصلاح الفساد يقتضي أولا قطع جذوره من أوكاره.، وإن رؤوسا قد أينعت وحان قطافها. فمن يقطفها؟