من القواعد والمبادئ الأساسية للمواطنة أن لا يهاجم المواطن بلده خارج التراب الوطني وأن يدافع باستماتة عن بلده ضد الأعداء، خصوصا إذا كانوا موسومين بالدكتاتورية والفساد والتسلط والقمع. كل مواطن من حقه، داخل بلده، الدفاع عن مصالحه وحقوقه بالوسائل السلمية والقانونية المتاحة والقوانين الجاري بها العمل، وكل مطالب للتغيير والتصحيح لها هى من حقوق المواطنة التي لا يمكن التفريط فيها. لهذا يجب على المغاربة الدفاع عن بلدهم، رغم اختلافهم مع نظامهم السياسي وتجاوزات القائمين على شؤونه، ضد كل من سولت له نفسه التدخل في شؤونه الداخلية، خصوصا إذا كان هناك إجماع وطني حولها. مناسبة هذا الكلام هو ما حملته الأخبار حول التدخل السافر للنظام السوري في الشؤون الداخلية للمغرب بواسطة ممثله في الأممالمتحدة، وكما يقول المثل الشائع "من كان بيته من زجاج لا يرشق جاره بالحجارة" النظام السوري هو آخر وأبعد من يحق له التدخل في الشؤون الداخلية للغير، خصوصا المغرب، رغم أنه ليس من المفاجئ على هذا النظام الموتور مهاجمة المخالفين له، فذلك من طبعه وطبيعة القائمين على شؤونه، الذين يعتبرون كنموذج للتسلط والقمع والدكتاتورية، إضافة للجرائم الكبيرة والفظيعة التي يرتكبها، ليس ضد السوريين فقط، بل ضد الإنسانية، فلم يسبق لنظام في التاريخ الحديث أن ارتكب مثل تلك الجرائم التي يمجها العقل ويحرمها الدين وتدينها كل القوانين الدولية. ثم إن للمغاربة فضل كبير على النظام السوري والسوريين، ونعتذر للسوريين الشرفاء على هذه الإشارة التي دعت إليها الضرورة وليس بنية الشماتة أو المن، بسبب الدماء الزكية للشهداء المغاربة الذين ذهبوا إلى سوريا للدفاع عنها والدود عن ترابها، وقبورها تشهد على جثامين الشهداء المغاربة الذين سقطوا هناك دفاعا عن الحق والكرامة. يبدو ، بل في حكم المؤكد، أن المندوب السوري في الأممالمتحدة ليس له علم بالدماء المغربية السورية التي اختلطت في أرض الشام الشامخة، كما يبدو أنه ليس له علم بقبور المغاربة على تلك الأرض. ثم إن النظام السوري له من الطقوس المتخلفة، المبنية أساسا على فهمه الخاطئ للدين والحقوق الأساسية للناس، أسوأ مما يمكن الاعتماد عليه لمهاجمة تقاليد الآخرين. فأي موقف هذا الذي يجعل نظاما سياسيا متخلفا ودكتاتوريا ودمويا ينتقد ويطعن في تقاليد بلد آخر. انتقاد المندوب السوري لنظام البيعة ومطالبته تلبية مطالب الإصلاح في المغرب ثم تهديد المغاربة بإشهار ورقة الصحراء المغربية، كلها أمور حشر النظام نفسه فيها، ليس دفاعا عن المغاربة ومصالحهم المشروعة والوطنية، بل فقط للتغطية على جرائم نظامه ودموية رئيسه. حينما ذكرنا بواجب المغاربة الدفاع عن بلدهم فذلك لأن أمر النظام السوري وموقفه المجاني في الأممالمتحدة، يجعل منه كآخر من يحق له إعطائنا الدروس في قضايا تهمنا وحدنا دون غيرنا.