من شأن مشروع مثير للجدل تم الإعلان عنه مؤخرا في برشلونة يهدف إلى توفير سكن عبارة عن ( كبسولات ) مساحتها 4 ر 2 متر مربع بقيمة إيجار شهرية تقدر ب 200 أورو أن يحدث تحولات كبيرة في قطاع العقار بإسبانيا ويساهم في خلخلة المعايير التي لا تزال تتحكم إلى الآن في هذا القطاع. وتقترح شركة من برشلونة، من خلال مشروعها الذي أطلقت عليه اسم ( هايبو ) التي تعني خلية باللغة اليابانية مساكن صغيرة عبارة عن ( كبسولات ) يتم تشييدها بمبنى يمتد على مساحة تفوق 100 متر مربع مجهزة بمطبخ وفضاءات مشتركة مع خدمات شبكة الأنترنت، لفائدة الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع الإيجار بهذه المدينة العملاقة . ويسعى أصحاب هذا المشروع عبر هذه المبادرة إلى تقديم حلول بديلة مناسبة للأشخاص الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف الإيجار الباهض خاصة في ظل الانفجار الكبير في أسعار الإيجار بإسبانيا التي ارتفعت بنسبة 6 ر 15 في المائة خلال الشطر الثاني من العام الجاري وفقا لبيانات أعلنت عنها البوابة العقارية ( إيدياليستا ) . وقد أثارت هذه المبادرة الكثير من الجدل في وسائل الإعلام الإسبانية وتسببت في قدر كبير من النقاش حيث يعتقد البعض أن هذه ( الكبسولات ) التي هي عبارة عن مساكن صغيرة تشكل حلا حقيقيا للفئات الفقيرة بينما يرى آخرون أن هذه " التوابيت " لا تستجيب للمتطلبات الأساسية ولا للظروف الملائمة للسكن والصحة كما أنها لا تحترم كرامة الإنسان. وفي بداية شهر شتنبر الماضي بثت صفحة ( هايبو 4 . 0 ) على شبكة الأنترنت إعلانا عن رغبة إحدى الشركات في إنشاء " كبسولات " سكنية في برشلونة بطول 2 ر 2 متر وبعلو 2 ر 1 متر . وحسب وسائل الإعلام فإن هذا الإعلان لقي رفضا من طرف السلطات المحلية رغم أن من يقف وراء هذا المشروع لحد الآن هم مجرد أشخاص ذاتيين لم ينتظموا بعد في إطار شركة أو مقاولة . ولم تتأخر بلدية برشلونة في تقديم ردها على هذه المبادرة وأعطت أوامرها من أجل وقف الأشغال في المبنى الذي كان من المرتقب أن يحتضن أولى نماذج " هذه المساكن الصغيرة " . وقد قامت هيئة التفتيش التابعة لبلدية برشلونة بزيارة لهذا المبنى ووقفت على شروع المنعشين الذين يقفون وراء هذا المشروع في تنفيذ أشغال التهيئة وتكييف المساحات التي ستقام عليها هذه المساكن الصغيرة دون الحصول على أية تراخيص لتقوم مصالح الحرس البلدي بعد فترة وجيزة بإبلاغهم بقرار وقف الأشغال . وكانت آدا كولاو رئيسة بلدية برشلونة قد حذرت من أن هذه " الكبسولات " السكنية تشكل انتهاكا لأنظمة التعمير الحضري المعمول بها وكذا للحد الأدنى من الشروط التي يجب التوفر عليها من أجل الحصول على ما يسمى بشهادة القابلية للسكن مشيرة إلى أن البلدية لم تتوصل بأي طلب للحصول على رخصة إطلاق الأشغال في هذه المباني. وفي هذا الصدد، أكدت جانيت سانز نائبة رئيسة بلدية برشلونة المكلفة بقطاع البيئة والتعمير والنقل أن الحكومة المحلية لجهة كتالونيا " سبق لها أن أكدت مرارا وتكرارا أن هذا النوع من السكن الذي لا يلبي الحد الأدنى من المتطلبات الضرورية ويمس بكرامة الإنسان ليس له مكان في برشلونة سواء الآن أو في المستقبل " مشيرة إلى أن المروجين لهذا النوع من السكن " لا مخرج لهم إلا أن يضعوا حدا لهذه الأشغال " غير القانونية وغير المشروعة " التي كانوا قد انطلقوا فيها . وعلى الرغم من الاعتراضات التي أثارتها الحكومة المحلية لجهة كتالونيا فقد ظل المشرفون على هذه المبادرة المثيرة للجدل متشبثون بهدفهم المتمثل في بناء هذه المساكن الصغيرة كما يتضح ذلك من خلال نشرهم على حسابهم على موقع ( الأنستغرام ) لصور نموذج أولي لهذه المساكن وذلك في إشارة إلى التزامهم بتقديم حل بديل موثوق للمستفيدين الذين يرغبون في السكن بهذه ( الكبسولات ) . وقال إيدي واتينويل أحد المنعشين الذين يقفون وراء هذا المشروع في تصريح لصحيفة ( البايس ) إن هذا المشروع " ليس موجها للسياح ولكنه مخصص للأشخاص الذين يواجهون صعوبات مالية من خلال توفير عرض للسكن يتلاءم مع أوضاعهم " مضيفا أن الشركة تلقت لحد الآن حوالي 500 طلب للتسجيل وبالتالي الاستفادة من هذه المساكن . وأمام الرفض القاطع لهذا المشروع من قبل بلدية برشلونة التي تؤكد أنها لن تمنح أبدا تراخيص لهذا النوع من المساكن يجدد أصحاب هذه المبادرة التزامهم واستعدادهم للمضي قدما في تحقيق أهدافهم بإسبانيا مشيرين إلى أنهم يعتزمون نقل هذه التجربة إلى مدن أوربية أخرى من أجل ضمان النجاح لهذه التجربة الفريدة على الصعيد الأوربي .