لعل أسوء ما يريده المرء، أن يتحول المغرب إلى دولة الاضطراب الإجتماعي والسياسي، فيه يبدأ الشباب بالهروب عبر قوارب الموت أو أيّ وسيلة أخرى نحو دول مجاورة أبرزهم الأوروبية، خوفًا من "التجنيد الإجباري" والفتيات منهم يُسارعن إلى لف حبل المشنقة حول رقابهن خوفًا من "العار" وضياع المستقبل. ياله من "سيناريو" فظيع، لا أحد يتمناه حتى ولو كان حاقدًا وساخطا عن وضع بلاده، فإذا كان "التجنيد الإجباري" سيضيع على البلاد ملايين الدراهم من أموال دافعي الضرائب يمكن أن تستثمر في بناء دور ثقافة ومدارس وتوفير فرص شغل للكثيرين، فإنه أيضًا سيتسبب في إحباط وكسر الالاف من الشباب مع أحلامهم الجامحة، وسيتحول المغرب إلى دولة ظالمة ومظلمة لشبابها وخيرة سواعدها، وقد تمضي هيئات حقوق الإنسان في الحديث عن "الاحتجاز القسري" لشباب البلاد. إيرتريا، هي دولة تقع غرب السودان، وتجاور إيتوبيا من الشرق، بسبب "التجنيد الإجباري" في الخدمة العسكرية، أضطر معه زهاء 37 ألف شاب "إرتيري" إلى اللجوء إلى أوروبا خلال عام واحد فقط، واضطر 650 منهم إلى طلب اللجوء السياسي إلى ألمانيا بسبب رفضهم للتجنيد الإجباري، وفي عام 2014 تقدم أكثر من 13،000 إريتري بطلب لجوء، وفي عام 2015 تم إيداع ما يقرب من 10،000 طلب إضافي، فضلًا عن كثيرين ابتلعتهم مياه المتوسط اثناء محاولة "هروبهم". وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن 90٪ من الإريتريين الذين يصلون إلى أوروبا تتراوح أعمارهم بين 18 و 24 عامًا، وهي الفئة الرافضة للتجنيد الإجباري. حيث كانت الحكومة الإريترية المؤقتة أصدرت عام 1995 إعلان الخدمة الوطنية (رقم 82/1995)، الذي بيّن إلزاميتها للرجال والنساء بين 18 و50 عامًا، لمدة 18 شهرًا. ومن المرفقات الفظيعة، أن شباب المغرب بدا في تشابه تام مع شباب دولة إرتريا الهاربون، إذ بعد إعلان الديوان الملكي المغربي مصادقته عن الخدمة العسكرية بداية الاسبوع الماضي، سارع الشباب المغربي إلى إنشاء مجموعة على موقع الفيسبوك يُعبرون فيها عن مخاوفهم من التجنيد الذي سيبدد أحلامهم وطموحاتهم. ذلك القاسم المشترك بين شباب إرتريا والمغاربة، فهم يشتكون من أن خدمة العسكرية الممتدة هذه تغلق أمامهم أي آفاق لتكوين حياة عملية مستقرة، أو حتى التخطيط لها، حيث يعمل المجندون في كل مجالات النشاط الاقتصادي الخاص بالدولة؛ في رصف الطرق وإنشاء الأبنية وفي المعامل والمناجم والعمل الزراعي بكل مراحله وفي المنشآت التجارية الخاصة بذراع الحزب الحاكم الاقتصادية، كما يفرز المتعلمون للعمل أساتذة في المدارس بغض النظر عن كفاءتهم المهنية لهذه الوظيفة، وبحسب إفادات نشرتها مؤسسات حقوقية لمجندين هاربين فإن العمل كان في بعض الأحيان في منازل ومؤسسات خاصة عائدة لقادة في الحزب أو في الجيش. وبحسب هيومان رايتس ووتش فإن التجنيد يعد نوعًا من العمل القسري، وبذلك هو إنتهاك لحقوق الإنسان، وإن أخذنا الأمر بصورة أكثر اتساعًا فإن تأثير الخدمة المدمر يتجاوز الأسرة إلى الوطن على أكثر من مستوى؛ كالتآكل المستمر الذي يعتري فكرة الانتماء إلى الوطن، والذي يتجسد عمليًا في الهروب المستمر من البلاد، وكالنزيف المستمر لشريحة الشباب القادرة على العمل والنهوض بدولة إفريقية من العالم الثالث كالمغرب، أو دولة فقيرة كإيرتريا. قليل فقط من الأمل، يُعقد على البرلمان المغربي، لإنقاذ شباب المغرب، حيث سيمر القانون أمامه للمناقشة والمصادقة عليه، آن الاون ان تستيقظ الدولة، وأن تعي قراراتها..وقديما قال المغاربة "اللي زربوا ماتوا" ذلك أن هذا القانون ظهر خلال 48 ساعة وتمت المصادقة عليه، تلاه قانون يفرض رسوم على التعليم العمومي بشكل تدريجي ولسان حال الدولة يقول " الشباب بلاصتكم ماشي في المدرسة!" .