عصبة الأبطال الإفريقية.. الجيش الملكي يفوز على ضيفه مانيما الكونغولي بهدفين لصفر    وفاة المعمرة اليابانية توميكو إيتوكا عن سن 116 سنة    عبد المولى المغربي رئيسا جديدا للاتحاد الليبي لكرة القدم    البحرين يقلب الطاولة على عمان ويُتوج بكأس الخليج    فرنسا.. تهم خطيرة تلاحق الجزائري سعيد بن سديرة بعد دعوته لشن هجوم كيميائي ضد شعب القبائل    الوداد الرياضي يفوز على مضيفه المغرب التطواني (2-1)    اكتشاف خزانات وقود معيبة في سيارات "هوندا أمريكا"    جنازة تشيّع السكتاوي إلى "مقبرة الشهداء".. نشطاء يَشهدون بمناقب الحقوقي    "مايكروسوفت" ترصد 80 مليار دولار للذكاء الاصطناعي    أسعار بذور البطاطس تهوي إلى 20 درهما.. وانخفاض السعر ينتظر المطر    "نصاب" يسقط في قبضة الشرطة    تأمين حاجيات الدواجن خلال شهر رمضان بالأسواق يجمع وزير الفلاحة بكبار التجار    بطولة إنجلترا لكرة القدم.. مانشستر سيتي يفوز على ضيفه وست هام (4-1)    إحراج جديد لنظام الكابرانات أمام العالم.. مندوب الجزائر بالأمم المتحدة ينتقد وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية علنًا    يوسف أخمريش يُجدد العقد مع توتنهام الإنجليزي    نشرة إنذارية: زخات رعدية قوية وتساقطات ثلجية على المرتفعات بعدد من أقاليم الشمال    إعادة انتخاب مايك جونسون رئيسا لمجلس النواب الأمريكي    منيب: نريد تعديلات لمدونة الأسرة تحترم مقاصد الشريعة لأننا لسنا غربيين ولا نريد الانسلاخ عن حضارتنا    تامر حسني يخرج عن صمته ويكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل    الأخبار الكندية تكلف "غوغل" أكثر من 69 مليون دولار    حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة مستمرة.. استشهاد 22 فلسطينيا وفقدان 14 آخرين في قصف إسرائيلي    استئناف محادثات غير مباشرة بين حماس وإسرائيل حول هدنة في غزة بقطر    أندية القسم الثاني تلعب وسط الأسبوع    بعد 23 من تبني اليورو .. الألمان يواصلون تسليم المارك    المتقاعدون يدعون للاحتجاج ضد تردي أوضاعهم ويطالبون بالزيادة الفورية والرفع من الحد الأدنى للمعاشات    اندلاع حريق مهول في مستودع للعطور ومواد التجميل بعين السبع    تفسير أولى تساقطات سنة 2025 .. "منخفض أطلسي" يغطي شمال المغرب    الحسيمة: أشغال توسيع الطريق الرابطة بين الخلالفة وأساكن تقترب من الانتهاء    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية في الحسيمة ومناطق أخرى    تسرب غاز البوتان يودي بحياة شاب في زايو وسط استنفار أمني    غزة تسجل 59 قتيلا خلال يوم واحد    سليم كرافاطا وريم فكري يبدعان في "دا حرام" (فيديو)    بطولة انجلترا.. الفرنسي فوفانا مهدد بالغياب عن تشلسي حتى نهاية الموسم    "اف بي آي" ينفي أي صلة ل"الإرهاب" بانفجار مركبة تيسلا في لاس فيغاس    "ضحايا النظامين الأساسيين" يصعدون بوقفة احتجاجية أمام وزارة التربية    حادثة سير مميتة تسلب حياة طفل بجرسيف    تداولات الأسبوع في بورصة الدار البيضاء    رالي "أفريكا إيكو ريس".. تجاهل تهديدات البوليساريو والمشاركون يواصلون رحلتهم على أراضي الصحراء المغربية    خبراء يحذرون من استمرار تفشي فيروس "نورو"    تشاينا ايسترن تطلق خط شنغهاي – الدار البيضاء    افتتاحية الدار: الجزائر بلد الطوابير.. حين تصبح العزلة اختيارًا والنظام مافياويًا    المغرب أنتج 735 ألف طن من لحوم الدواجن خلال 10 أشهر وارتفاع أسعارها يعود للوسطاء    مكتب الصرف يصدر دورية تنص على إجراءات تسهيل وتبسيط نظام السفر للدراسة في الخارج    دراسة تحدد النوع الأساسي لمرض الربو لدى الأطفال    ظهور حالات إصابة بمرض الحصبة داخل السجن المحلي طنجة 2    الفنانة المغربية سامية دالي تطلق أغنيتها الجديدة «حرام عليك»    الصويرة تستضيف المخرج والفنان المغربي ادريس الروخ في الملتقى السينمائي السادس    شذى حسون تستقبل السنة الجديدة ب"قلبي اختار"    أداة "ذكية" للكشف عن أمراض القلب قبل ظهور الأعراض    الموسم الثاني من "لعبة الحبار" يحقق 487 مليون ساعة مشاهدة ويتصدر قوائم نتفليكس    عبد الرحمان بن زيدان.. قامة مسرحية شامخة في الوطن العربي بعطائه المتعدد وبَذْله المُتجدّد    الشاعرة الأديبة والباحثة المغربية إمهاء مكاوي تتألق بشعرها الوطني الفصيح في مهرجان ملتقى درعة بزاكورة    خبير يكشف عن 4 فوائد أساسية "لفيتامين د" خلال فصل الشتاء    بنكيران: الملك لم يورط نفسه بأي حكم في مدونة الأسرة ووهبي مستفز وينبغي أن يوكل هذا الموضوع لغيره    الثورة السورية والحكم العطائية..    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملتمس الرقابة، بات ضرورة سياسية
نشر في أخبارنا يوم 08 - 06 - 2018

سواء اتفقنا حول مدى تأسيس الوثيقة الدستورية لسنة 2011، لنباء نظام سياسي ديمقراطي أم لا، مهما اختلفنا بشأن توفير الضمانات الكفيلة بتفعيل المبادئ الدستورية الكبرى التي تضمنها دستور فاتح يوليوز، وحتى إن تفاوتت الرؤى بين المهتمين بالشأن السياسي والدستوري المغربي وبلغت حد التناقض، حول طبيعة النظام الدستوري إن كان نظاماً برلمانياً يُتِيح إمكانية إقامة علاقة متوازنة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، أو نظاماً رئاسياً تَعود فيه الكلمة الأولى والأخيرة إلى رئاسة الدولة، أو نظاما مختلطا يمزج بين الصنفين.

فأنه لا يمكن لأي متتبعِ أن ينكر أهمية التطورات التي عرفتها الحياة السياسية المغربية منذ إندلاع أحداث الربيع الديمقراطي، وكيف أصبح الرأي العام يتفاعل مع كل الأحداث مهما قل شأنها، لا أحد يستطيع إنكار أن مضامين الدستور – رغم الإختلف حول أهميتها – أصبحت تردد على لسان كل فاعل، سياسياً كان أو مدنياً، مطالباً بتفعيلها وتنزيلها على أرض الواقع، وحتى تقويمها أو تعديلها إن كانت لا تفي بالغرض.

جلنا سنتفق على أن السنوات الأخيرة، عرفت عودة دماء الفعل السياسي الشعبي للتدفق من جديد، وبحرارة في شرايين المجتمع السياسي، وغدا الرأي العام الوطني مهتما بتفاصيل الأمور، وبدأ المشهد السياسي يعرف دينامية، يمكن اعتبارها سابقة من نوعها، سمتها الأساسية هي التمسك بسلمية الأشكال النضالية والمطالبة بالتفعيل السليم والكامل للمقتضيات الدستورية الجديدة.

وطبعا لا يمكن لي أن أنكر الدور الكبير الذي لعبه قادة العدالة والتنمية، خاصة خلال الولاية الحكومية السابقة، في تقريب المواطن المغربي من المشهد السياسي، عبر اعتمادهم لأسلوب تواصلي شعبوي يستهوي ويستقطب جميع الشرائح الإجتماعية، حتى تلك التي لا يسعفها مستواها الثقافي والمعرفي في فك طلاسيم الخطاب السياسي الذي دؤب وزراء العدالة والتنمية على استعماله، وهذه نقطة تحسب لهم، رغم انعكاساتها السلبية الكثيرة على الحياة السياسية، التي غرفت في التهريجية والميوعة والتسفيه إلى أن بلغت حداً، أصبح معه الهدف

من تصريح الوزير أو جوابه على سؤال شفوي بقبة البرلمان أو بمناسبة أي صيغة تواصلية مع المواطنين (برامج تلفزية، مهرجانات خطابية، …) هو خلق "البوز" وضمان الفرجة، ظناً منهم أن ذلك يساعد على الرفع من منسوب شعبيتهم، ويُقربهم أكثر من المغاربة، الذين يَتفاعلون لحظيا مع هذا النوع من الخطابات، لكنهم ينسون أو في الحقيقية، لم يدركوا أنهم بصدد حفر قبرهم بأيديهم، وأن أسلوبهم هذا سينقلب عليهم عاجلا أم آجلا، ويكونون أول من سيحترق بلهيب غضب المغاربة.

انتهى زمن الشعبوية، ولم يعد الخطاب الفرجوي قادر على أن ينسي المغاربة في وضعيتهم الإجتماعية التي تزداد سوءا يوما بعد يوم، ولا في القرارات اللاشعبية المتخذة والتي تضرب في العمق القدرة الشرائية، ولم يعد المواطن المغربي قادرا على التحمل أكثر، فبدأ يعبر عن سخطه على خيارات الحكومة والحزب الحاكم، ولا يتوانى في التعبير عن ذلك بمختلف السبل والوسائل المتاحة، كان أخرها خيار الدخول في مقاطعة شعبية عريضة لثلاث منتوجات استهلاكية أساسية، مقاطعة حققة نجاحاً مبهراً بعد أو وحدت أغلب أفراد الشعب المنتمي للطبقات المتوسطة والهشة، فأعطت نتائج لم يكن أحد ليتوقعها في بداية الخطوة، أخرها إضطرار الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة لحسن الداودي، إلى تقديم استقالته تحت ضغط شعبي، بعدما لم يتوفق في التعامل مع المقاطعة، وسقط في أخطاء قاتلة تنم عن جهل فضيع لأدبيات التواصل السياسي، فكانت مشاركته في الوقفة التي نظمها عمل شركة "سنترال – دنون" أمام البرلمان هي القشة التي قسمت ظهرة البعير.

لهذا أعتقد أنه أمام هذا الزخم في الأحداث المتسارعة التي يعج بها الشارع السياسي، لابد للبرلمان باعتباره مؤسسة تمثيلية للمغاربة أن يتفاعل معها، وأن يقف في صف المواطنين ضد الحكومة، إن هو أراد فعلا أن يعيد الإعتبار لمكانته في المشهد السياسي، وأن يكسر تلك الصورة النمطية التي يُسَوقُ لها في كونه مؤسسة فارغة المضمون، دوره الوحيد هو إلتهام جزأ كبير من المال العام.

على البرلمان اليوم أن يلعب دوره باعتباره صوت المواطنين، ويعبر عن رأيهم الصريح والواضح، المتمثل في إسقاط الحكومة، وله إمكانية التي تؤهله لذلك، عبر تفعيل ملتمس الرقابة.

فطبقا للفصل 105 من دستور 2011، يمكن لمجل النواب أن يعارضة في مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها، بالتصويت على ملتمس للرقابة، ولا يقبل إلا إذا تم توقيعه من طرف خمس الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس، والموافقة على الملتمس لا تصح إلا بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم المجلس بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على إيداعه.

فالبرلمان مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى، بتفعيل ملتمس الرقابة، دون الخوف من عدم قدرة على ترتيب الأثر الدستوري لهذه الآلية المتمثل في دفع الحكومة إلى الإستقالة، فمجرد الإقدام على هذه الخطوة، من شأنه أن يرتب أثرا سياسيا قويا جدا، حتى إن لم يتم التصويت لصالح ملتمس الرقابة، بسبب دعم الحكومة من لدن أغلبيتها البرلمانية، ولنا في التجارب السابقة دروس وعبر.

فالتاريخ البرلماني للمغرب، لم يعرف إلا محاولتين لتقديم ملتمس الرقابة ضد الحكومة، وكانت أولهما ضد الحكومة الدستورية الأولى التي ترأسها السيد أحمد أبا حنيني، حيث تقدم فريق الإتحاد الوطني للقوات الشعبية في مجلس النواب بملتمس رقابة يوم 15 يونيو 1964، يهدف إلى مسائلة الحكومة وسحب الثقة منها ودفعها إلى تقديم الإستقالة الجماعية بحكم الدستور خاصة الفصل 81 (دستور 1962)، وهكذا أصبحت الحكومة المغربية موضع مطالبة بالمحاسبة لأول مرة أمام مجلس النواب، وذلك بعد أن أصبحت مظاهر التدهور تتجلى في سائر الميادين الاقتصادية والمالية والاجتماعية.

إلا أنه بعد تدخل ستة وعشرين نائبا في المداولة حول هذا الملتمس، حصل يوم 16 يونيو 1964 على ستين صوتا فقط، أي عدد الأصوات يقل بكثير عن الأغلبية المطلقة اللازمة لتفعيل أثار الملتمس، لكن هذا لم يخفي حقيقة أن المداولات بشأنه كانت جد مثيرة، عبرت عن صراع حاد بين النواب وأعضاء الحكومة، وكذلك عن عدم الانسجام الحاصل بين الطرفين حول معظم القضايا الوطنية، مما ترتب عن هذا الوضع السيئ أزمة حكومية اعتبرت إحدى

بوادر الإعلان عن حالة الإستثناء التي عرفها المغرب في سنة 1965، وبالتالي تجميد المؤسسات الدستورية.

وفي مطلع التسعينيات من القرن الماضي تقدمت أحزاب المعارضة (الإتحاد الإشتراكي، الإستقلال، التقدم والإشتراكية، منظمة العمل الديمقراطي الشعبي) في ماي 1990 بملتمس الرقابة، ضد حكومة السيد "عز الدين العراقي"، والذي وقع عليه 82 نائبا، إلا أن هذا الملتمس وكسابقه لم يحظى بالموافقة نظرا لعدم التصويت عليه بالأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب، غير أنه ساهم في الأمة السياسية التي عرفها المغرب آنذاك.


خلاصة القول، صحيح أن الأدوات الرقابية التي يتوفر عليها البرلمان المغربي، تظل دون فعالية، وبعيدة كل البعد عن إثارة المسؤولية السياسية للحكومة التي تظل في مأمن من كل محاولة ترمي إلى إسقاطها، في ظل استمرار الأغلبية البرلمانية في مساندتها، غير أن القيود الدستورية الواردة على هذه الآلية لا تحميها من الآثار والتداعيات السياسية المترتبة عنها، لدى أعتقد أن المعارضة اليوم مطالبة بلعب دورها في تحريك المسؤولية السياسية للحكومة عن الأوضاع المزرية التي بات يعيشها المواطن المغربي، عبر التحلي بالجرأة اللازمة لتحريك ملتمس الرقابة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.