منذ انطلاق حملة المقاطعة قبل حوالي شهرين تقريبا، لاحظ كل المتتبعين، أن الحكومة انتهجت أسلوب الصمت، كالذي يراقب القدر وهي تغلي فوق النار، صمت استمر مدة طويلة، قبل أن يتحول بعض الوزراء إلى شبه محامين يترافع كل واحد منهم عن الجهة التي تعنيه، وبذلك تلقى المغاربة جملة من السباب التي زادت من تأجيج الأوضاع، فنعت المقاطعون بالمداويخ و الجيعانين و القطيع .. قبل أن تتحول هذه الهجمات غير المسؤولة إلى محاولة لاستعطاف قلوب المغاربة بشتى الطرق. المثير في الموضوع، أن عددا من الوزراء اختاروا هذه الظرفية الحساسة " المقاطعة " من أجل تصفية حساباتهم مع خصومهم السياسيين والاقتصاديين، حيث استماتوا في الدفاع عن الشركة الفرنسية " سنطرال " بداعي حماية الاستثمارات الأجنبية، ولم يعيروا أي اهتمام لمحروقات إفريقيا و لا حتى لمياه سيدي علي، فكانت البداية مع الخلفي الذي قال أن الشركة الفرنسية لا تربح إلا 20 سنتيم في اللتر، وهو الرقم الذي لا يصدقه حتى جاهل، بينما اختار وزير الحكامة الذي غابت عنه الحكمة أن يخرج إلى الشارع ليتظاهر مع عمال سنطرال ضد الحكومة و ضد الشعب، في سابقة تكشف أن الأمر فيه "إن". المثير للاستغراب أيضا هو الخرجة الإعلامية الأخيرة، لعبد الإله بنكيران، الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، الذي اعتبر أن " أخنوش قاد بشغلو "، في إشارة إلى حملة المقاطعة التي استهدفت وقوده، " لكن مقاطعة الحليب أضرت كثيرا بالفلاحين المغاربة "، أما جوابه عن مقاطعة "سيدي علي" فقد أكد بنكيران أنه " يكتفي بشرب مياه "الروبيني"، أجوبة صريحة إذا من بنكيران تؤكد بحسب بعض المختصين، أن هناك أشياء تدور في الكواليس.
من هنا يتضح للجميع أن الحكومة باختلاف أحزابها وتلاوينها، لا يهمها مصالح الشعب، ولا تكترث أبدا لقدرته الشرائية، ولا ما يأكل أو يشرب أوووو ، و إنما هدف كل جهة هو الدفاع عن المكتسبات و الامتيازات التي حققتها، و التمسك بالكرسي ما أمكن من أجل الحفاظ على المصالح، حتى و ان اضطرتهم الظروف أن يتحالفوا مع الشيطان ضد الشعب، لكن الشعب الضعيف المقهور، استطاع اليوم أن يبصم على وعي راق و أسلوب احتجاج سام، أمكن له أن يقرر في مصيره بيده، و يعري الساسة و يفضح ألاعيبهم وحيلهم، و يقدم للعالم درسا قويا في قدرته الكبيرة على تغيير المنكر و محاربة الفساد وهو جالس في بيته.