أيد أحمد الريسوني، نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، فتوى العالم الكويتي الشيخ حامد بن عبد الله العلي ، حول ما اعتبرته "الحصار الجائر الباغي على قطر وسكانها". و في ما يلي نص الفتوى: الحمد لله الآمر بالبر ، والتقوى ، والعدل ، والإحسان ، وإيتاء ذي القربى . الناهي عن الإثم ، والبغي ، والعدوان. كتب على الناس القسط ، ونهاهم عن الجور ، وفرض الإصلاح ، ونهى عن الفساد ، وأوجب صلة الرحم، ونهى عن قطيعتها. قال الحق سبحانه : ” إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ” وقال جلّ من قائل ” فهل عسيتم إنْ تولّيتم أن تفسدوا في الأرض وتقطّعوا أرحامكم” وقال الحق سبحانه ” ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنّه آثمُ قلبه”. وقال عزّ وجل في وجوب بيان العلم ” لتبينّنه للناس ولا تكتمونه”. وقال عزّ من قائل : ” إنّ الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيّناه للناس في الكتاب ، أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاّعنون”. ومعلومٌ ما ورد من الزجر عن كتم العلم في سنّة النبي صلى الله عليه وسلم وأن كاتمه يُلجم يوم القيامة بلجام من نار أعاذنا الله وإياكم منها. والصلاة السلام على نبيّنا الكريم ، وعلى آله وصحبه أجمعين.. وبعد : فقد عُلم من دلائل الشريعة المطهرة ، وهو من قطعيات الدين ، ومن أصول ملّة المسلمين ، التي لا يختلف عليها العلماء ، ولا تخفى على عامتهم ، فضلا عن خاصتهم ، تحريم كلّ صور البغي والعدوان ، ومنها حصار المسلم لأخيه ، وإلحاق الضرر به ، وإيصال الأذى إليه ، وفي الحديث: ” المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده “. فكيف يكون حكم الشريعة إذاً في حصارِ شعب بأكمله ، وإلحاق الضرر بمئات الآلاف من المسلمين ، وما يترتب على ذلك من فساد عام يحدث في مصالحهم ، ومعايشهم ، وقطيعةٍ لأرحامهم ، بمنعهم من صلتها بحجزهم في بلادهم بقطع الطريق عليهم ،وما ينتج من ذلك من اضطراب كبير في مناحي الحياة يضرُّ العموم من أهل الإسلام. كما أنّه لا يخفى على أحد أنه يجب على أهل العلم البيان الواضح في تحريم هذا الحصار البشع الشنيع على أهل قطر ، وأنّ الساكت شيطان أخرس ، تشمله النصوص الزاجرة عن الصمت عن الحق حيث يجب بيانه. هذا .. وأما ما يقال من أنّ عقوبة هذا الحصار الجائر جاءت بسبب تآمر قطر مع عدوّ الأمة النظام الإيراني!! فقد علم من الشريعة المطهّرة أنّ الدعاوى لا تقبل ما لم يُقِم عليها المدّعون البيّنات ، حتى لو كانت الدعوى في عود أراك ، فكيف ليت شعري يُكتفى بدعوى مجرّدة في تهمة الخيانة العظمى للأمة ، يُكتفى بها ذريعةَ لإيقاع مثل هذا الحصار العام، رغم كلّ ما يشتمل عليه من أضرارٍ بالغة الخطورة على أمّة من المسلمين، كما أسلفنا. هذا مع أنّ الشعوب ليست معنيّة بالأمر أصلا ، فحتى لو ثبتت البيّنات على خيانة ، فليعاقب الخائن ، لا شعبٌ بأسره ، ألا إنّ هذا والذي بعث محمداً عليه الصلاة والسلام بالحقّ لا تقره شريعة الله ، ولا العقول السويّة ، ولا الفطر السليمة في أيّ أمة من الأمم فكيف بأمة الإسلام ذات الحضارة العادلة ، والقيم السامية ؟! هذا .. مع أن الذي نراه عيانا بيانا ، وعليه الدلائل الكثيرة ، والبيّنات القاطعة ، أنّ قناة الجزيرة التي تُبثّ من قطر تدافع عن أهل السنة في العراق ، وسوريا ، ولبنان ، وغيرها ، وتذبّ عن أعراضهم ، ودمائهم ، وأموالهم ، وتتبنى قضايا الأمة الإسلامية ، وشعوبها المضطهدة في كل مكان ، بما لا تفعله بنفس قوة التأثير أيُّ قناة فضائية أخرى ، ولم نشهد منها قط أنها تبنّت قضايا إيرانية ، ومعلوم أنّ وراء هذه الفضائية المتميّزة إرادة سياسية من الدولة الحاضنة لقناة الجزيرة. وختاما ندعو العلماء ، والعقلاء ، وقادة الرأي ، وأهل الغيرة على أمتهم ، تمزيق هذه الوثيقة وثيقة الحصار على قطر ، كما سعى الشرفاء من قريش وهم على جاهليتهمّ! لتمزيق وثيقة حصار بني هاشم وذلك ببيان الحقّ ، وإظهاره ، والسعي بالسبل المتاحة لإنهاء الحصار ، لإنقاذ أهل قطر مما سيلمّ بهم من المصاب الجلل ، وكذا الأمة مما سيصيبها من مزيد الفرقة والوهن أمام أعدائها. ونسأل الله أن يجمع الأمة على البر والتقوى ، وأن يوحّد صفوفها في مواجهة عدوّها ، وأن يزيل ما بينها من أسباب الفرقة ، والشقاق وفساد ذات البين ، وأنّ يعيد لها مجدها ، وعزّها ، أمّة موحّدة تحت ظلّ شريعتها العليّة المطهّرة. اللهم إني قد بلّغت اللهم فاشهد ، اللهم هذا البيان ، وعليك البلاغ ، اللهم إني أعوذ بك أن أضلّ أو أُضلّ، أو أزلّ أو أُزلّ ، أو أظلم أو أُظلم ، أو أجهل أو يُجهل عليّ ، حسبنا الله ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير. حامد بن عبد الله العلي وأحمد الريسوني 10 رمضان 1438ه الموافق 5 يونيو 2017 م