الحديث عن الديمقراطية حديث له شجون فالعالم العربي صورة متكاملة لكل المتناقضات ، ثراء فاحش في شرقه و فقر في غربه .. ثراء لم يغير الخمول و الكسل و فقر زاد في تعميقه و توسيعه جشع و استبداد الطغمة الحاكمة . إن الحراك الذي بدأ من تونس و انتشر في ربوع العالم العربي جاء بدافع الإحساس بالظلم و الغبن الإجتماعي من خلال استحواذ فئة قليلة على مقدرات الوطن في تواطئ ماكر بين السياسي و المالي تبادلا للمصالح و استغلالا للنفوذ ، و الضحية في برك الفساد هاته هو المواطن البسيط المظلوم في صحته و شغله و دراسته ... إن السياسة الناجحة هي التي تستطيع أن تحول مشاكل المواطن إلى محفز للمزيد من التنمية و الرخاء، و السياسة التي لا تحل أعطاب الحياة اليومية و لا تضمن عيشا كريما و لا توزع الثروة بشكل عادل ليست بسياسة .
لقد أصبحت الطبقة السياسية المتعفنة و هنا (أتحدث عن بلدي الذي أعرف) متجاوزة و لم يعد بمقدورها لعب دور الإطفائي لإخماد كل نزعات التمرد على الظلم و من الغباء الاستمرار في معاكسة هذا التحول الذي يحمل في طياته وعيا بالمواطنة الحقة و شعورا بالكرامة و الأنفة لا يجب أن يمس . إنها عزة النفس التي لا يفهمها أي مسؤول وصل إلى كرسيه بلعق الحذاء و ممارسة العهر السياسي و هنا أوجه الخطاب إلى السياسيين إلى متى ستستمرون في دفن رؤوسكم في التراب ؟ إلى متى ستملؤون أرصدتكم في البنوك الخارجية ؟ إلى متى ستهربون ثروات أوطانكم و تييعون مؤخراتكم من أجل المزيد من الحكم ؟ لو بعتم أنفسكم للشعب لخلدكم في الحكم أبد الدهر و لكن (...!!!)
أحاول دوما أن أفهم عقلية المسؤول المغربي فعندما قال مواطن لأخنوش أنت أول من يجب أن يحاكم في قضية محسن فكري أجابه أن القضاء مستقل و لم يستدعه ... بالله عليكم أليس هذا هو الضحك على الذقون ؟؟ ألم يفهم أمثال هؤلاء أن شباب اليوم يعي اللعبة جيدا فعن أي قضاء يتحدث هذا الأخنوش هل هو القضاء الذي يجرم سارق البيضة و يكرم سارق الملايير خالد عليوة مثالا .. هل هو القضاء الذي يسمع بتهريب الذهب المغربي و لا يفتح تحقيقا ؟ هل القضاء الذي يعمل بالتعليمات و القاضي يعتبر نفسه مجرد موظف؟
حصاد يحاصر في حلقية للشباب و يضطر للهروب لأن لا جواب لديه. لفتيت يأتي بالمروحية و يغادر بالسيارة و كان الأولى أن يغادر مشيا .
إن ما يحدث للأغلبية الحكومية التي لا تمثل سوى نفسها من "تبهديل "على يد شباب لا يريدون شيئا سوى العيش بكرامة و هم بصدد تغيير طابوهات السياسة و هو درس لكل أبناء هذا الشعب إن أرادوا تغيير أوضاع الفقر و التهميش فالوطن له مقدراته و خيراته و من حق كل أبنائه الإستفادة منها فالمواطنة الحقة ليست بالكلام المنمق و التقارير الصحفية الصفراء التي تصور البلد و كأنه جنة على الأرض .. المواطنة الحقة هي أن يعيش كل إنسان بكرامة و لا يكون مضطرا لتوسل مساعدة أو طلب معونة .. المواطنة هي أن يجد المريض مكانه في المستشفى و ابن الفقير مكانه في المدرسة... المواطنة هي أن يعتز الفرد بانتمائه ليس بالشعارات و لكن بالفعل . من قال أننا دولة فقيرة ؟؟ نحن دولة كثر فيها اللصوص فلم يتركوا للشعب سوى الفتات .