حملت مشاورات تشكيل الحكومة التي يقودها الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، رئيس الحكومة المعين السيد عبد الإله ابن كيران منذ ثلاثة أشهر، بوادر انفراج تمثلت في العرض الذي تقدمه به هذا الأخير لحزبي التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية والذي يقضي بتشكيل الحكومة الجديدة في ثوب الأغلبية التي كانت قائمة قبل انتخابات 7 اكتوبر. وجاء تقديم هذا العرض خلال لقائين منفصلين عقدهما رئيس الحكومة المعين أمس الاربعاء مع رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار السيد عزيز أخنوش والأمين العام لحزب الحركة الشعبية السيد امحند العنصر قبل أن يلتقي خلال اليوم نفسه الأمين لحزب التقدم والاشتراكية السيد محمد نبيل بن عبدالله. وتوفر التركيبة الحكومية المقترحة أغلبية برلمانية قوامها 201 مقعدا، تتوزع الى 125 مقعدا لحزب العدالة والتنمية و37 مقعدا لحزب التجمع الوطني للأحرار و27 مقعدا لحزب الحركة الشعبية و12 مقعدا لحزب التقدم والاشتراكية، ومن المرحج وفق السيناريو المطروح، تعزيز هذه الأغلبية من قبل أحزاب حليفة من خارج التحالف الحكومي. ويعكس هذا العرض /المخرج الذي تقدم به رئيس الحكومة المعين، برأي المراقبين، استبعادا واضحا لحزب الاستقلال من التشكيلة الحكومية المرتقبة وهو الذي شكلت مشاركته في الحكومة من عدمها عقبة في مسار المشاورات في ظل الاشتراطات التي تقدمت بها بعض الأطراف السياسية والتي غذتها تداعيات التصريحات الاخيرة للأمين العام لحزب الميزان السيد حميد شباط بشأن موريتانيا. وكان المجلس الوطني لحزب الاستقلال قد فتح كوة في جدار "الاستعصاء الحكومي" من خلال القرارات التي تمخضت عنها أشغال مجلسه الوطني المنعقد يوم السبت الماضي والتي همت بالأساس تفويض لجنة مؤقتة تتكون من ثلاثة أعضاء، جزءا من الصلاحيات التسييرية للأمين العام للحزب إلى حين انعقاد المؤتمر العام السابع عشر للحزب، وانتداب وفد قيادي يتكون من ثلاثة أشخاص لمواصلة المشاورات مع رئيس الحكومة في شأن تشكيل الحكومة المقبلة. كما أكد الحزب أنه "سيكون سندا سياسيا قويا ودعما فعليا للسيد عبد الاله بن كيران ومن خلاله لحزبه سواء داخل المؤسسة التشريعية أو في الممارسة السياسية، معتبرا نفسه جزء من الأغلبية البرلمانية أيا كانت التطورات المرتبطة بتشكيل الحكومة المقبلة". وقد ثمن حزب العدالة والتنمية الذي يقود أمينه العام مشاورات تشكيل الحكومة "الرسائل السياسية الواضحة في البيان الختامي للمجلس الوطني الاستثنائي لحزب الاستقلال، و تفهمه للتطورات السياسية وتغليبه للمصلحة العليا للوطن"، وكذا التوجه الذي عبر عنه الحزب "باعتباره نفسه جزءا من الأغلبية البرلمانية بغض النظر عن مشاركته أو عدم مشاركته في الحكومة". وبالعودة الى العرض المرتبط بتشكيل الحكومة ، فقد بدا جليا من خلال تصريحات قادة الأحزاب السياسية التي التقاها رئيس الحكومة المعين أمس الاربعاء، أن السيناريو بات مرسوما ويحظى بقبول "مبدئي" في انتظار الحسم فيه من قبل الهيئات التقريرية لهذه الأحزاب . وفي هذا السياق أكد رئيس حزب التجمع الوطني للاحرار أنه سيناقش فحوى العرض الذي تلقاه من رئيس الحكومة المعين مع شريكيه حزبي الحركة الشعبية والاتحاد الدستوري وذلك في أفق استكمال المشاورات . وبدوره أكد الأمين العام لحزب الحركة الشعبية السيد محند العنصر، قبول الحزب المبدئي بالعرض المقدم مؤكدا أنه سيعرض مضمونه مع الأجهزة التقريرية للحزب ومع بقية الحلفاء. وأضاف في هذا الصدد، "يمكن أن تقع بعض التطورات بناء على هذا التصور أخذا بعين الاعتبار الأغلبية العددية التي سيفرزها هذا التحالف وما إذا كان سيضمن اغلبية مريحة أم لا". من جهته، أكد الامين العام لحزب التقدم والاشتراكية السيد محمد نبيل بن عبدالله أن "هناك استعدادا لدى رئيس الحكومة المعين للشروع في تشكيل الحكومية بناء على الاغلبية السابقة" معتبر أن هذا "المخرج" يأتي "بعد ماحدث من تطورات افضت الى "خروج حزب الاستقلال من هذه التشكيلة الحكومية". وأبرز انه "لا مشكل لدى حزب التقدم والاشتراكية بخصوص هذا الاقتراح" معربا عن الأمل في أن تتجاوب بقية الأحزاب بشكل ايجابي وسريع مع هذا المقترح "حتى يتسنى الشروع في مناقشة هيكلة الحكومة في أفق تشكيلها في أسرع الأوقات".