بدأ الإعداد لبناء خطوط أنابيب لنقل الغاز النيجري إلى المغرب مروراً بعدد من دول أفريقيا الغربية وصولاً إلى سواحل الاتحاد الأوروبي، وهو مشروع الغاز الأكبر في أفريقيا وقد يمتد إلى نحو 6 آلاف كيلومتر على طول المحيط الأطلسي، بكلفة تقدر بعشرات بلايين الدولارات، على أن يشمل تعميم الطاقة الكهربائية في دول شمال أفريقيا وغربها. وأفاد بيان رسمي بأن الملك محمد السادس ترأس جلسة عمل خصصت لمشروع مد خط أنابيب الغاز الذي يربط نيجيريا والمغرب، مروراً بعدد من دول غرب أفريقيا، بحضور مسؤولين نيجيريين عيّنهم الرئيس النيجيري محمد بوخاري، من بينهم مستشار الرئيس أبو بكر الرفاعي والمدير العام المكلف الهندسة في «الشركة الوطنية النيجيرية للنفط» سعيد فاروق غاريا. ويندرج الاجتماع، الذي حضره مستشارون للملك ووزراء وكبار مسؤولي الشركات الوطنية المغربية، في إطار التدابير الرامية إلى النهوض بالمشروع الإقليمي لدول المنطقة، والذي كان تقرر في مراكش خلال مؤتمر المناخ «كوب 22» ووضعت اللمسات الأخيرة عليه في أبوجا خلال زيارة الملك المغربي إلى نيجريا مطلع الشهر الجاري. ويهدف المشروع إلى ربط أفريقيا بالسوق الأوروبية في مجال الطاقة، ما سيعزز تنوع مصادر الطاقة الأوروبية ويشجع على انبثاق منطقة أفريقية شمالية - غربية مندمجة، فضلاً عن تمكين المنطقة من تحقيق استقلالية في مجال الطاقة، وتسريع وتيرة إنجاز مشاريع الكهرباء وتطوير أنشطة اقتصادية وصناعية فيها. ولا يتجاوز استخدام الكهرباء في تلك الدول معدل 30 إلى 40 في المئة كحد أقصى. وأشارت مصادر إلى أن الاجتماع تطرق إلى مواضيع تتعلق بأنابيب الغاز، منها الجدوى التقنية والكلفة المالية للإنجاز، فضلاً عن رسم خطوط مرور الأنبوب الذي سيعمل في آن واحد على إيصال الكهرباء إلى كل دول غرب أفريقيا وشمالها، وسيراعي الظروف الطبيعية والجدوى الاقتصادية للمشروع. ويتوقع أن ينقل أنبوب الغاز الجديد بين 30 و40 بليون متر مكعب سنوياً، بالاعتماد على الآبار المحلية في الكثير من الدول التي سيمر فيها، وسينطلق من دلتا غرب نيجيريا وخليج غينيا، حيث يتوافر احتياط يقدر ب184 تريليون قدم مكعبة، مروراً بدول بنين وتوغو وغانا وصولاً إلى ساحل العاج ومالي ثم إلى السنغال عبر عدد من الدول الصغرى في غرب أفريقيا. وفي حال وصوله إلى الأسواق الأوروبية عبر المغرب، فإن تلك الدول ستشهد نمواً اقتصادياً متزايداً يساعد على خفض الهجرة وتسريع التنمية ومنح عقود عمل للشركات الأوروبية والأميركية، ومنها «شيفرون» التي تملك حصة 36 في المئة في أنبوب غاز خليج غينيا الذي يضم 4 دول. ويُخفي أنبوب الغاز العملاق في طياته خلافاً حاداً بين الجزائر والمغرب حول أفضلية تزويد الأسواق الأوروبية بالغاز. وكان وزير خارجية نيجريا جيوفري أونياما كشف الأسبوع الماضي أن بلده انتظر 14 سنة أن تفي الجزائر باتفاق أنبوب الغاز من دون جدوى، بسبب صعوبات مالية وتهديدات إرهابية حالت دون تنفيذ المشروع الذي كان سيمتد على مسافة 4 آلاف كيلومتر وسط الصحراء الكبرى إلى البحر الأبيض المتوسط مروراً بالجزائر باتجاه إيطاليا وإسبانيا. وكشفت تقارير استخباراتية غربية نشرتها صحيفة «أل بوبليكو» الإسبانية أن أطرافاً خارجية، منها «غازبروم» الروسية، كانت مارست في وقت سابق بعض الضغوط على بعض الدول الأفريقية تتعلق بتصدير الغاز، ولكن نيجيريا رفضت اقتراحاً روسياً بسبب صعوبات مالية، إذ تعتمد بنسبة 90 في المئة من صادراتها على الطاقة. وتوقعت مصادر أن يحظى مشروع الغاز بين نيجيريا والمغرب هذه المرة بدعم من الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي ودول مجلس التعاون الخليجي ودول أخرى وشركات مهتمة ومعنية، لأنه سيعزز مداخيل دول غرب أفريقيا وتنوّع مصادر تزويد الأسواق الأوروبية بالغاز، وتفادي الاحتكار الروسي، إضافة إلى ربط أفريقيا وأوروبا بأكثر من مصدر للطاقة. بدورها أعلنت شركة الغاز البريطانية «ساوند إنرجي» أنها قررت توسيع نشاطها للتنقيب في المغرب، واستحوذت على حصة 75 في المئة من أسهم حقل الغاز «سيدي المختار» بالقرب من مدينة الصويرة. وسترفع الشركة رأس مالها نحو 300 مليون درهم (29.4 مليون دولار) من خلال إطلاق عرض للمستثمرين الراغبين في المشاركة، بهدف دعم أنشطتها وتمويلها في حقل «تندرارا» (شرق المغرب) على الحدود الجزائرية، بعد مؤشرات جديدة تفيد بوجود الغاز الطبيعي بوفرة.