تجذبك رائحتها الذكية، وتثير بداخلك ذكريات عن بيت جدتك وأمك، تفتح شهيتك للطعام وتبهج كل حواسك. لكن سيدهشك حقاً أن تعرف أن الأمر أكبر من مجرد ذلك، وأن هذه الأعشاب رائعة اللون والنكهة والرائحة، كنوز طبية متاحة حولنا بل وآمنة أيضاً. الكركم يشبه الزنجبيل الطازج، هذا صحيح فالكركم من عائلة الزنجبيل النباتية، فوائده عظيمة جداً، بخاصة في تحجيم الخلايا السرطانية، وإضعاف تدفق الدم المغذي لها، ما يؤدي إلى ضمورها، بل وتشير بعض من آلاف الدراسات الطبية المنشورة عن فوائده إلى أنه قد يساعد على تدمير الخلايا الجذعية المسؤولة عن نشوء الأورام السرطانية أصلاً، حسب صحيفة “هافينجتون بوست” الأمريكية. أثبتت دراسات أخرى دور الكركم في التخلص من تراكمات بعض البروتينات بالدماغ، التي تتداخل بشكل ما مع مرض الزهايمر أو الخرف، بينما تشير دراسات أخرى إلى فاعليته في علاج الالتهابات المصاحبة لتلف الأعصاب والتهاب المفاصل وآلام العظام، وتشير أخرى إلى دوره في ضبط معدل السكر في الدم، مما يساعد المرضى كثيراً في نظامهم الغذائي اليومي، كا يعرف بتحمله الجيد للحرارة واحتفاظه بخواصه الطبية حتى بعد الطبخ. القرفة «دافئة.. ودودة.. شتوية»، هكذا يصف الناس القرفة، هذا البهار المحبب الذي يمكننا نثره فوق فنجان قهوتنا الصباحية، أو تناوله في كعكة التفاح الدافئة، أو كعكة القرفة الشهيرة (السينابون)، كما يضيفها الكثيرون في أطباق اللحوم والأرز وبعض الأكلات الشرقية المعروفة. تتميز القرفة بمذاق حلو ورائحة مميزة، وتعد القرفة السيلاني هي الأجود والأغلى سعراً والأقل انتشاراً، بينما يشيع استعمال النوع الصيني في الحلوى والمشروبات، وهي أقل ثمناً بطبيعة الحال، من بين دراسات عدة نشرت في «the gournal of Nutrition»، تثبت إحداها دور تناول القرفة في طعامنا في الحد من مستوى الكوليسترول في الدم وضبط نسبة السكر به، فعند إعطاء ثلاثة أشخاص من بين ستة يعانون من زيادة في الوزن دون مشاكل صحية، وجبات تحتوي على القرفة، مثل بسكويت القرفة أو خبز بالقرفة، وسحب عينة دم كل 30 دقيقة لمدة ثلاث ساعات، أظهرت العينات ارتفاعاً في نسبة مضادات الأكسدة بنسبة 13% عن المجموعة التي تناولت نفس الوجبات لكن دون إضافة القرفة! كما أظهرت عينات الدم انخفاضاً في مستوى الأنسولين بنسبة 20% عن المجموعة الأخرى التي لم تتناول القرفة، تثبت دراسة أخرى أيضاً نشرت في journal of Neuroimmune pharmacoloy، أثر تناول القرفة على تحسين قدرة الإنسان على التعلم، التجربة التي تم إجراؤها على مجموعة من الفئران تناولتها بشكل منتظم لمدة شهر، وتم وضعها في متاهة بها عشرون فتحة، ثم متابعة وتسجيل الملاحظات حول قدرتها على معرفة طريقها الصحيح، أظهرت هذه التجربة تطوراً في التعلم والتذكر عند الفئران التي تناولت القرفة مقارنة بغيرها. الحبهان يسمى أيضاً “هيل” أو “حب الهال”، وهو بهار عطري مميز جداً ورائحته قوية، يخلط مع القهوة العربية في الخليج العربي وبعض دول الشام، كما يضاف في بعض خلطات القهوة التركية وتسمى “قهوة محوجة” في مصر، ويعد الحبهان ثالث أغلى بهار في العالم، بعد الزعفران والڤانيليا، نظراً لرائحته العطرية المميزة والقوية فإنه يستخدم في الهند ودول شرق آسيا لإزالة رائحة النفس الكريهة وتعطير الفم، ويشير بعض الأطباء إلى قدرته أيضاً على تطهير الفم واللثة وإزالة الروائح النفاذة مثل رائحة النيكوتين عند المدخنين. أظهرت دراسة أجريت على مجموعة من المقلعين عن التدخين حديثاً أن تناول علكة بنكهة الحبهان، ساعدهم كثيراً في التغلب على آثار انسحاب النيكوتين المزعجة، يساعد الحبهان كذلك على الهضم والتخلص من عدم الراحة المصاحب لتناول الأطعمة المعقدة الطهي، نظراً لاحتوائه على زيوت طيارة تسهل التخلص من الغازات وتريح المعدة والأمعاء، كما يساعد على ضبط الكولسترول في الدم. الفلفل الأحمر الحار (الشطة) البهار الأكثر شعبية، يضاف إلى كثير من الأطعمة، خاصة في شرق آسيا، طعمه اللاذع الحار يعود إلى احتوائه على مادة ال Capsaicine، وللشطة خواص مضادة للأكسدة نظراً لاحتوائها على فيتامين “ج” الذي يستخدمه الجسم في تخليق مادة الكولاجين، المعروفة بدورها في تماسك البشرة وظهورها بشكل أكثر شباباً، وتشير دراسات عدة لخواصه المضادة للالتهابات والوقاية من السرطان وضبط السكر والكوليسترول في الدم، في دراسة أخرى، سجلت ملاحظات توضح زيادة النشاط البدني والاحتفاظ باللياقة الرياضية لمدة أطول عند الأشخاص الذين يحتوي طعامهم على الشطة. تخزين التوابل ينصح خبراء التغذية بشراء التوابل بكميات صغيرة حتى لا تفقد رائحتها ولونها مع مرور الوقت، كما يؤكدون على ضرورة الاحتفاظ بها في أوعية جافة ونظيفة ومعتمة، بعيداً عن الضوء والحرارة والرطوبة، حتى يتسنى لنا الاستمتاع بنكهاتها الجميلة القوية والاستفادة من فوائدها الطبية الجمة.