وصى النبي عليه الصلاة و السلام أمته بعضاً من الوصايا في مرضته التي مرضها قبل موته و من هذه الوصايا عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يقول في مرضه الذي توفي فيه : الصلاة و ما ملكت أيمانكم . فما زال يقولها حتى ما يفيض بها لسانه
لما رأت الأنصار اشتداد وجع الرسوب عليه الصلاة و السلام أطافوا بالمسجد ، فدخل العباس و أعلمه بمكانهم و اشفاقهم فخرج صلى الله عليه و سلم متوكئاً على الفضل و علي و تقدم أمامهم العباس و النبي عليه السلام معصوب الرأس يخط برجليه إلى أن جلس في أسفل مرقاة من المنبر و ثار الناس إليه ، فأثنى على الله و حمده ثم قال «يا أيها الناس بلغني أنكم تخافون من موت نبيكم، هل خلد نبي قبلي فيمن بُعث إليه فأخلد فيكم، ألا إني لاحق بربي وإنكم لاحقون بي فأوصيكم بالمهاجرين الأولين خيرا وأوصي المهاجرين فيما بينهم فإن الله تعالى يقول: {وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَنَ لَفِى خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّلِحَتِ وَتَوَاصَوْاْ بِالْحَقّ وَتَوَاصَوْاْ بِالصَّبْرِ} (العصر: 1 - 3).
وإن الأمور تجري بإذن الله ولا يحملنكم استبطاء أمر على استعجاله، فإن الله عز وجل لا يعجل بعجلة أحد ومن غالب الله غلبه، ومن خادع الله خدعه، فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم وأوصيكم بالأنصار خيرا فإنهم الذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلكم أن تحسنوا إليهم، ألم يشاطروكم في الثمار؟ ألم يوسعوا لكم في الديار؟ ألم يؤثروكم على أنفسكم وبهم الخصاصة؟ ألا فمن ولي أن يحكم بين رجلين فليقبل من محسنهم وليتجاوز عن مسيئهم، ألا ولا تستأثروا عليهم، ألا وإني فرط لكم وأنتم لاحقون بي، ألا فإن موعدكم الحوض، ألا فمن أحب أن يرده عليّ غدا فليكفف يده ولسانه».