عشنا مع بداية 2011 مرحلة من اصعب المراحل التاريخية في تاريخ مصر الحديث ، اختلفنا مع كل القادة و السياسيين و اتفقنا مع من ثأروا لكرامتهم و كرامتنا . غضبنا ممن اصروا على حكم السادة للعبيد و صفقنا لمن هتفوا " الشعب يريد اسقاط النظام" لأول مرة في تاريخ مصر الحديث يعلن الشعب عن ارادته في كسره لطوق العبودية امام هذا الحدث ظهرت مصر لاول مرة بصورتها الحقيقية و بدون رتوش و لا اكاذيب و هي ممثلة بالشعب و ارادته و اعداده و عزيمته و في المقابل القوى السياسية ممثلة في شتّى الفصائل (سياسية ، عسكرية دينية.. ) وكشفت ارادة الشعب المصري في ميدان التحرير زيف كل هذه التيارات و زيف تلوينها كالحرباء لتحقيق مطامع سياسية لا تخدم سوى مصالح القادة و السياسيين و إن كان ذلك على حساب شق البطون الخاوية جوعاً من البسطاء و ممن يمتلكون بالكاد قوت اليوم او من يهلكون جوعاً تحت الحاجة المُلّحة و ضيق ذات اليد. وفي صراع مختلف تماماً في العِداد و العُدّة ، الشعب و إرادته و القوى السياسية ، و مخالب الشيطان بين الحنكة السياسية تارة و العنف تارة أخرى، و بين المصالحة القائمة على عدم الشفافية و بتفعيل أادوار لبعض الفصائل السياسية ( المحظورة) و تقليص أدوار لبعض الفصائل الاخرى كنوع من الهمجية السياسية أو السياسة الصفراء و من خلالها تم عقد صفقة بيع إرادة الشعب من قبل المجلس العسكري لصالح إحدى التيارات الدينية التي هي في الاصل محظورة وبموجب القانون المصري ولا زالت لا تمثل كل المسلمين و لا المسيحيين و إن كنت استطيع ان اسرد عشرات من الدوافع السياسية بين المجلس العسكري و هذا التيار السياسي المتأسلم أو المسلم المسيّس لاتمام هذه الصفقة الوضيعة و التي تهدف اولاً و أخيراً الى كسر عزيمة شباب الثورة و تجريمهم.و لا أود الاسهاب في الحديث عن طرفي صفقة بيع مصر في صدد مقالي هذا و لكن الآن و بعد حوالي خمسة عشر شهراً من قيام ثورة يناير ( ثورة اللوتس) الذي راح ضحيتها نخبة من شبابنا و شباتنا مسيحيين و مسلمين من اجل الحرية و العيش بكرامة في بلد نحن أهله و أصحابه. و من منطلق أخذ الامور بنتائجها ما بقى لنا من ثورة 25 يناير و صراع الخير و الشر ، الاول يموت من أجل كسر نير العبودية و الآخر يؤكد عبوديتنا ، واحدة تحمل اللوتس تأكيداً لشفافيتها و الاخرى تزمجر بانياب الخِسّة و الاجرام . و ما نجم عن تحالفات الشيطان هو موت الابرياء و تبخر احلام الضعفاء في العيش بكرامة في وطنهم و بمكر الشيطان تلوو على الثورة و شغلونا بما يسمى استفتاء على الدستور و بسرعة الهونا ببنود كالمادة الثانية ليشغلونا عن القضية الأم و هي ان سقوط النظام يعني بالدرجة الأولى سقوط الدستور و كل القائمين عليه مستغلين فئة من صغار و مرضى النفوس مارست كل انواع الاجرام في تاريخا زاحفة طمعاً في عرش الفرعون مستغلة تواجدها في الشارع و انتشارها بين الناس و ذلك لسخاء دول البترو- ريال لهذه الحفنة المأجورة كنوع من التدخل السافر لاكبر دولة في المنطقة و لا استطيع ان احسم إن كان الجهل قاد هؤلاء أم حلف الشيطان الذي قادهم لبث سمومهم بين المصريين على ان من يختار "نعم" للتعديلات الدستورية فهو عدو الله و له جهنم فانتهى بنا المطاف الى إتمام الصفقة من خلال تزوير الانتخابات و البلطجة السياسية و تجريم البرئ و تبرئة المجرم. و النتيجة لكل ما دار على المسرح السياسي من هذا الهزل هو برلمان هش اشبه ببهلوانات السيرك و اصبح حتى العامة و غير المهتمين بالسياسة متابعين جيدين لكل حلقات ( جلسات) البرلمان ليس من باب المتابعة السياسية بل كنوع من الترفيه امام برامج "التوك شو" . برلمان اشبه بمدرسة المشاغبين او بالسيرك القومي و الغالبية العظمي تتحرك كحركات البهلوانات كل شيئ عشوائي و غير ممنهج او حتى مدروس ولا زلت في ذهول مما يُطرح ويُثار في مجلس أكبر دول المنطقة و معي 80 مليون مصري مما يجري تحت قبة برلمان 2012 من هزل سياسي و تلاعب بمقدسات الوطن و ابرياء تتلوى جوعا تلهث وراء من ينصفها بقرار يعيد لها الحق في الحياة والعيش الكريم. ليس هذا هو البرلمان المناسب لادارة ازمة البلاد في القرن الواحد والعشرين و لا هو برلمان "قرقوش" في العصور الوسطى و إن كنت على دراية بالعديد من البرلمانات في العديد من مختلف دول العالم قد يحدث بها نوع من رد الفعل الغاضبة أو لحد التطاول بالالفاظ أو حتى التشابك بالايدي ( و إن كنت لا اود ان يكون هذا هو النموذج الذي يحتذى به في مصر) لكن هذه الاشباكات جاءت نتيجة لمناقشة موضوعات و قضايا مصيرية لبلادهم . أما برلمان ما بعد الثورة أو برلمان الازمة لا يختلف كثيرا عن برلمان دولة الطوارئ الذين كانوا يرددون وراء الرئيس كالبغبغاوات ( موافقون موافقون او بالاحرى منافقون منافقون) .أما في برلمان الإخوان فهم يجيدون رفع الايادي و أغلب الظن بدون إستيعاب فقط لعدم الخروج عن الجماعة التي قادت من اجلهم التزوير في الانتخابات لتدفع بهم في هذا البرلمان و هذا يتضح من المناقشات الهشة ،الواهية كاطروحات بعض الاعضاء كالذي يود الغاء اللغة الانكليزية من التعليم او الآخر الذي يرفع لافتة مطالبا لدخول الحمام أو جهلائنا الذين تخلوا عن اي روح وطنية و ظهورهم بالوجه القبيح المشع بالعنصرية اثناء وقفة الحداد دقيقة على روح الزعيم قداسة البابا شنوده الذي اثرى الوحدة الوطنية بمواقفه البطولية، أو بعض السلفيين من أعضاء البرلمان أثناء زيارتهم الى اوغاندا في عدم التزامهم ببروتوكول تحية العلم على اعتبار انها دولة كافرة مما ادى الى توتر العلاقات الدبلوماسية بين البلدين هؤلاء لا نستطيع ان نطلق عليهم برلمان الوقت الراهن ( الازمة) لانهم ما افادونا و لن يزيدوا على ازمتنا إلا اضعاف من الازمات بتصرفاتهم الصبيانية او حركاتهم البهلوانية التي لم ينقصها سوى مخرج مسرحي ليقدمها لنا كنوع من الكوميديا و هذا هو النتاج الطبيعي لبرلمان اغتيال الثورة و الذي جنى بالتزوير و الغش انجازات ابطال الثورة الذين رخصت دمائهم من اجل الحرية ، فهذا البرلمان قد هوى بلقب مصر كاكبر دولة في المنطقة الى ما هو اقل من ذلك بكثير و لا زلنا نهوي ، فإن كان الغراب دليل قوم فبلغهم بخراب عظيم.