تضامنا مع حراس الأمن المضربين ببني ملال.. نقابة تحتج للمطالبة بإنهاء معاناتهم    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    الشركات تتوقع تزايدا في نشاط قطاع البناء مع مطلع هذا العام    بريظ: تسليم مروحيات أباتشي يشكل نقلة نوعية في مسار تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والولايات المتحدة    تقارير استخباراتية: واشنطن تقترب من تصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية    تقارير تنفي اعتزال اللاعب المغربي زياش دوليا    الجامعة تنظم دوريا دوليا ل"الفوتسال" بمشاركة المنتخب المغربي والبرتغال والصين وأفغانستان    البطولة: مباراتا السوالم مع آسفي والجيش الملكي مع الزمامرة بدون جمهور    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية وزخات مطرية قوية مرتقبة اليوم الخميس بعدد من مناطق المملكة    اليابان.. قتيل وجريحان في انفجار بمصنع لقطع غيار السيارات    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    البيض ماكلة الدرويش.. تا هو وصل لأثمنة غير معقولة فعهد حكومة أخنوش.. فين غاديين بهاد الغلاء؟ (فيديو)    المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني يعقد اجتماعا برئاسة شي جين بينغ لمناقشة مسودة تقرير عمل الحكومة    الكاف : إبراهيم دياز السلاح الفتاك للمغرب وريال مدريد    نايف أكرد على رادار مانشيستر يونايتد    ضربة قوية في مسار احتراف أنس الزنيتي بالإمارات … !    قمة أوروبية طارئة بمشاركة زيلينسكي على ضوء تغير الموقف الأمريكي بشأن أوكرانيا    أمطار رعدية في توقعات طقس الخميس    حادث سير يكشف عن شحنة كبيرة من المخدرات ضواحي تزنيت    والي مراكش يترأس الاجتماع الأول للجنة الإقليمية للتنمية البشرية برسم سنة 2025    كيوسك الخميس | تعاون قضائي بين المغرب وإسبانيا لإنجاح مونديال 2030    تقرير أممي يحذر من خطورة انتشار المخدرات الاصطناعية على البشرية    المغرب حصن عزة وتلاحم أبدي بين العرش والشعب أسقط كل المؤامرات    أيلون ماسك يستثمر في الصحراء المغربية    التأكد من هوية الشاب المغربي الذي عُثر عليه في البحر قبالة سبتة المحتلة    المملكة العربية السعودية تدعم مغربية الصحراء وتعتبر مبادرة الحكم الذاتي حلا وحيدا لهذا النزاع الإقليمي    دي ميستورا يبحث تطورات قضية الصحراء المغربية مع خارجية سلوفينيا    المغرب والسعودية يعززان التعاون الثنائي في اجتماع اللجنة المشتركة الرابعة عشر    الوقاية المدنية تتدخل لإنقاذ أشخاص علقوا داخل مصعد بمصحة خاصة بطنجة    أوزين: عدم التصويت على قانون الإضراب مزايدة سياسية والقانون تضمن ملاحظات الأغلبية والمعارضة    لهذه الاسباب سيميوني مدرب الأتليتيكو غاضب من المغربي إبراهيم دياز … !    صرخة خيانة تهز أركان البوليساريو: شهادة صادمة تكشف المستور    الأمم المتحدة تحذر من قمع منهجي لنشطاء حقوق الإنسان في الجزائر    الاستثمار السياحي يقوي جاذبية أكادير    الكاف يشيد بتألق إبراهيم دياز ويصفه بالسلاح الفتاك    فاس تُضيء مستقبل التعليم بانضمامها لشبكة مدن التعلم العالمية    دنيا بطمة تعود لنشاطها الفني بعد عيد الفطر    وزارة الصحة : تسجيل انخفاض متواصل في حالات الإصابة ببوحمرون    عمرو خالد: 3 أمراض قلبية تمنع الهداية.. و3 صفات لرفقة النبي بالجنة    تداولات بورصة البيضاء بأداء سلبي    مطار محمد الخامس يلغي التفتيش عند المداخل لتسريع وصول المسافرين    قصص رمضانية.. قصة بائعة اللبن مع عمر بن الخطاب (فيديو)    مسؤول يفسر أسباب انخفاض حالات الإصابة بفيروس الحصبة    دراسة: النساء أكثر عرضة للإصابة بمرض ألزهايمر من الرجال    حدود القمة العربية وحظوظها…زاوية مغربية للنظر    «دلالات السينما المغربية»:إصدار جديد للدكتور حميد اتباتويرسم ملامح الهوية السينمائية وعلاقتهابالثقافة والخصائص الجمالية    «محنة التاريخ» في الإعلام العمومي    القناة الثانية تتصدر المشهد الرمضاني بحصّة مشاهدة 36%    طنجة تتصدر مدن الجهة في إحداث المقاولات خلال 2024    أمن طنجة يحقق في واقعة تكسير زجاج سيارة نقل العمال    تحذير من حساب مزيف باسم رئيس الحكومة على منصة "إكس"    كسر الصيام" بالتمر والحليب… هل هي عادة صحية؟    مكملات غذائية تسبب أضرارًا صحية خطيرة: تحذير من الغرسنية الصمغية    عمرو خالد يكشف "ثلاثية الحماية" من خداع النفس لبلوغ الطمأنينة الروحية    وزارة الثقافة تطلق برنامج دعم المشاريع الثقافية والفنية لسنة 2025    في حضرة سيدنا رمضان.. هل يجوز صيام المسلم بنية التوبة عن ذنب اقترفه؟ (فيديو)    عمرو خالد: هذه أضلاع "المثلث الذهبي" لسعة الأرزاق ورحابة الآفاق    بريسول ينبه لشروط الصيام الصحيح ويستعرض أنشطة المجلس في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دور الوعي القانوني في بناء ثقافة المواطن
نشر في أخبارنا يوم 06 - 02 - 2016

يعد القانون مرآة صادقة لحضارة الأمة المادية والمعنوية، فهو يعكس ظروف الجماعة من كل نواحيها الطبيعية، الاجتماعية، السياسية، الاقتصادية، المعنوية، الخلقية والدينية. وترتبط صورة القانون في الجماعة بالنظام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والفكري السائد فيها. وهذا المعنى لم يفت القدامى، فقد عبر عنه الرومان بقولهم "لا مجتمع بلا قانون ولا قانون بلا مجتمعubi societas ibi jus "، أو "حيث يوجد مجتمع يوجد قانون".
فالقانون هو إحدى المؤسسات الرئيسية والجوهرية في حياة الإنسان الاجتماعية، نظرا للدور البارز الذي يقوم به في الشؤون الإنسانية عمليا وفكريا وما يزال. ولئن كان هناك فلاسفة عظام من قبيل أفلاطون وماركس وغيرهم، قد ذهبوا إلى أن القانون شر يجدر بالإنسانية التخلص منه، فإن التجربة دلت -برغم شكوك بعض الفلاسفة- على أن القانون إحدى القوى التي تساعد على تحضر المجتمع الإنساني وعلى أن نمو الحضارة قد ارتبط على الدوام بالتطور التدريجي لنظام من القواعد الشرعية، ولجهاز يجعل تنفيذها فعالا ومنتظما.
فهناك شبه اتفاق على الأهمية القصوى التي يحتلها القانون في ضبط وتأمين حياتنا الاجتماعية. فهو مجموعة من القواعد التي تنظم الروابط الاجتماعية في المجتمع بأحكام ملزمة، وتقيم النظام وتحقق الاستقرار من خلال إقامة التوازن بين مصالح الأفراد المتشابكة والمتعارضة، وذلك عن طريق تحديد المركز القانوني لكل فرد وما يتضمنه من حقوق وواجبات.
وقد عرف الأخذ بالقواعد القانونية في تنظيم الشؤون العامة والخاصة يتسع بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية، لدرجة تجعلنا نقول بأن عالم اليوم هو عالم القانون، إذ لا توجد دولة في العالم لا توجد بها قوانين، سواء احترمتها وطبقتها، أو العكس.
والمغرب لم يخرج عن هذا السياق، حيث سار في اتجاه تعزيز وتعديل ترسانته القانونية بما يضمن لمواطنيه حقوقهم ويحدد واجباتهم. ونظرا لما للقوانين من أهمية في حياة المواطنين. فإن المواطن المغربي ملزم بأن يكون ملما بحقوقه وواجباته، من منطلق "لا يعذر أحد بجهله للقانون"، وهذا الإلمام بالقوانين وعدم الجهل بها، يطلق عليه الثقافة القانونية؛ أي معرفة المواطن بالقواعد التي تنظم حقوقه وواجباته. فهل المواطن المغربي مثقف قانونيا؟ وهل يعرف حقوقه وواجباته القانونية؟ ومن المسؤول عن تدني الثقافة القانونية لدى المواطنين؟ وما هي السبل الكفيلة بزرع ثقافة قانونية داخل مجتمعنا المغربي؟
إن القانون في أي عصر من العصور، وفي أي شعب من الشعوب، لم يكن حادثة من حوادث المصادفة أو نزعة عرضية من نزعات المشرع، إنما هو وليد ظروف التاريخ وثمرة تطور المجتمع، ونتيجة لعوامل مختلفة سياسية واقتصادية وأدبية وفكرية متصلة الحلقات ومتدرجة مع سنة التقدم والارتقاء.
فالقانون ليس غاية في حد ذاته، بل هو وسيلة لتحقيق غاية، هي حفظ مصالح الناس في المجتمع وتنظيمها بما يحقق استقراره وتقدمه، لذلك فإن القانون يدخل في عداد الفنون التي يمارسها البشر، فمن المعروف أن مقومات الفن تتمثل في مجموعة من الوسائل تصلح لتحقيق غرض معين اختاره الإنسان بإرادته، وهذه المقومات تتوافر في القانون، فله غرض معين هو حفظ النظام في المجتمع. وهناك وسيلة لتحقيق هذا الغرض، هي القواعد التي يأتمر بها الأفراد وتمكن من الوصول إلى تحقيق ذلك الغرض على أحسن وجه، وهذه القواعد وجدت لتطبق في المنازعات اليومية بين الأفراد، ولذلك صيغت صياغات فنية دقيقة حتى يستطيع القائمون على حراسة القانون فهمها فيسهل عليهم تطبيقها، وتستدعي من جانب آخر، وجود وعي قانوني لدى المواطنين بما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات، من بينها احترام القانون والالتزام به.
فلاشك وأن مجتمعنا المغربي يعاني من أمية قانونية، بمعنى أن معظم المواطنين لا يعرفون كل حقوقهم وحرياتهم، والواجبات المفروضة عليهم وأهميتها وضرورتها، وهو الشيء الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى انتشار ظواهر العنف والجريمة، لأن أحد الأسباب وراء الجرائم التي نراها ونقرأها يوميا بالجرائد أو نراها بأعيننا في بعض الأحيان، هو ضعف أو انعدام الثقافة القانونية لدى المواطنين.
فأهم مقاصد الثقافة القانونية كما سبق وذكرنا، هي معرفة الأفراد لما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات، ووعيهم لحدود مسؤولياتهم الفردية والعلاقة القانونية بينهم كأفراد، وبينهم وبين المنظومة المجتمعية، وبينهم وبين الدولة. فمما لا شك فيه أن ضياع الكثير من الحقوق كان المتهم الرئيس فيها هو الجهل بالقوانين والإجراءات، وهو جهل لا يختص به رجل الشارع، بل قد يمتد في بعض الأحيان ليشمل آخرين في مواقع اتخاذ القرار، فإذا كان جهل رجل الشارع بالقوانين لا يحميه استناداً إلى المبدأ القانوني القائل "لا يعذر أحد بجهله للقانون"، فإن مبدأ المواطنة لا يجوز قوله لكل من لا يعرف أنظمته القانونية، لأن معرفة الحقوق والواجبات تعد أحد النقط الأساسية في المواطنة داخل المجتمع.
لذلك فالثقافة القانونية تعتبر رافدا مهما يقوي شخصية الفرد داخل المجتمع ويجعل منه ذات قادرة على مواجهة الحياة بغير جهل لها‏.‏ وذلك لأننا إذا جاز لنا القول بأن كل علم من العلوم يتناول مجالا من مجالات الحياة، بحيث يمكن القول باقتصاره عليها‏،‏ فإن علم القانون هو العلم الوحيد الذي يرتبط بكل نواحي الحياة‏.‏ فلا غرابة في ذلك‏،‏ لأن القاعدة القانونية في أبسط تعريف لها هي مجموعة الأحكام التي تنظم سلوك أفراد الجماعة في شتى ميادين الحياة‏.‏
فالعلم بالقانون مفترض ولا عذر لأحد ولا حجة له بجهله للقانون، حيث تعتبر هذه القاعدة قرينة قانونية قاطعة لا تقبل إثبات عكسها، مؤدى ذلك أن علم الناس بأي قانون يصدر أو يعدل مفترض قانونا بعد نشره في الجريدة الرسمية، ولا يقبل من أي شخص أن يدفع بعدم اطلاعه على القانون أو بجهله بنصوصه وأحكامه. فهل كلنا يعلم ما تحويه القوانين من نصوص وأحكام تنظم حياتنا ومعاملاتنا، ولو حتى بالقوانين التي نتعامل مع نصوصها بشكل كبير، كالقانون الجنائي والقانون المدني والقانون التجاري وغيره؟ وهل كلنا يتابع ويقرأ الجريدة الرسمية وما تتضمنه من مواضيع قانونية مختلفة؟.
من أجل أن نحصن مجتمعنا المغربي من الجريمة، يجب العمل على تثقيف المواطن المغربي ثقافة قانونية من خلال البرامج الإعلامية المسموعة والمقروءة والمرئية، وقد لاحظنا تأثير الصفحات القانونية في رفع مستوى الوعي القانوني لدى المواطن، حيث دأبت بعض الصحف اليومية على تخصيص صفحات وزوايا قانونية، وقد ساهم هذا الأمر في إقبال المواطنين المتزايد على قراءة المواضيع المطروحة فيها.
كذلك، يجب العمل على وضع مناهج تعليمية في بعض المراحل الدراسية تتعلق بالمعرفة القانونية، وبشكل مبسط، حتى يكون التلميذ أو الطالب مؤهل لتقبل الالتزامات التي يمليها عليه القانون، ويؤديها بشكل صحيح ومنسجم مع المشروعية القانونية، وكذلك يمارس حقوقه التي كفلها القانون بالشكل الذي لا يتقاطع مع حقوق الآخرين.
كما يجب العمل على محو الأمية، لأننا بذلك سنتمكن من الوصول إلى ما ننشد من تطور حضاري وتأمين وعي قانوني لدى كافة أبناء المجتمع، لأن الفرد الذي لا يقرأ ولا يكتب من الصعب عليه أن يفهم حقوقه والتزاماته القانونية، إذ إن شواغل الحياة اليومية لا تمكنه من أن يستمع للآخرين تحت وازع الإنصات والإصغاء من أجل التعلم، لذا يتحتم على كل فرد أن يسعى جاهداً لتعليم نفسه ومحو أميته أولاً ومن ثم توعية أفراد مجتمعه، وعندها سنصل بأيسر السبل إلى هدفنا المتمثل بنشر الوعي القانوني لدى عامة الناس، لأن الوعي القانوني يرتبط ارتباطا وثيقا بالهيئة الاجتماعية، فإذا الفرد خرق القانون فإن عمله هذا يقترن بالاعتداء على حقوق الآخرين، ومن ذلك يتبين لنا أن التعليم ومحو الأمية هو السبيل الأوفر حظاً في مسعى الساعين إلى نشر الوعي القانوني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.