يبحث خبراء وعلماء وأساتذة متخصصون من المغرب وخارجه على مدى ثلاثة أيام سبل الوقاية من المخاطر الأمنية المعلوماتية والمجتمعية المتنامية في العصر الراهن، من خلال بدائل علمية وثقافية وتربوية تقترحها نخب المجتمع المدني للحد من هذه التهديدات، وذلك ضمن المؤتمر الدولي الثالث لمنظمة المجتمع المدني الدولية لقيم المواطنة والتنمية والحوار الذي انطلقت أشغاله صباح اليوم الثلاثاء بالرباط. ويعالج المشاركون في المؤتمر، المنعقد تحت عنوان "الأمن المعلوماتي والمجتمعي: أية رؤى ووسائل فاعلة¿" تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، في المحور المعلوماتي مختلف أنماط الجرائم الالكترونية ويشخص جذورها وعلاقتها بالجرائم المجتمعية، وفي المحور المجتمعي أنواع المخاطر المهددة للأمن الروحي والحضاري والبيئي والغذائي والثقافي والتربوي، مع عرض أحدث التجارب الدولية والخبرات المتميزة للوقاية منها. وأوضح رئيس منظمة المجتمع المدني الدولية لقيم المواطنة والتنمية والحوار السيد مصطفى الزباخ، في افتتاح المؤتمر، أن "لعالم، المصاب بالعمى السياسي، بحاجة اليوم لمرجعيات قيمية ومقاربات أمنية تتجاوز الإجراءات التقليدية وترى في الإرهاب والتطرف والعنف منتوجا دوليا لا يرتبط بجنس أو دين أو حضارة وتؤمن بأن تجفيف منابع الإرهاب وتحقيق الأمن والسلم قيم تربى عليها عقول وقناعات ولا تتحقق بالإجراءات الزجرية والحروب". وأضاف أن مهددات الأمن تقتحم البيوت والمدارس والأوطان دون استئذان، معتبرا أن "نظريات الفوضى الخلاقة وصراع الحضارات والإسلاموفوبيا والمركزية الحضارية والقول بالحرب المقدسة إرهاب يهدد الأمن، وأن الظلم والفساد إرهاب اجتماعي، والتلوث إرهاب بيئي، والتنكر للغات والهويات الوطنية إرهاب لغوي، والبرامج التعليمية التي لا تربي على الخير والاحترام وآداب الاختلاف إرهاب تربوي، والحرب بالنيابة إرهاب دولي". وأشار إلى أن منظمة المجتمع المدني الدولية تسعى من خلال نخبها الفكرية لتقديم قراءات جديدة ومقاربات بديلة ورؤى شمولية متكاملة للقضايا والمشاكل الوطنية والإنسانية، وعيا منها بتزايد المخاطر الالكترونية والجرائم المجتمعية التي تتهدد السلم والأمن وتعايش الحضارات والأديان وساعية في توجهاتها الكبرى إلى تعزيز قيم المواطنة المنفتحة والتنمية المستدامة والحوارات الثقافية والعقدية المتكافئة. وتم بالمناسبة تكريم عدة شخصيات وطنية قدمت خدمات جليلة في مجال القيم والحوار والعمل الخيري والجمعوي والتنمية، متمثلة في الدكتور محمد الكتاني، ووزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية والاجتماعية السيدة بسيمة الحقاوي، والفاعل الرائد في العمل الخيري أحمد بنعيسى، والأكاديمي والفاعل الجمعوي عبد الحق عزوزي، وأستاذة التعليم العالي في الحوار بين الأديان والثقافات مريم آيت احمد، والأكاديمية وعالمة الاجتماع رحمة بورقية. كما تم منح جائزة المنظمة للإنجازات المتميزة في مجالي الأمن المعلوماتي والمجتمعي لطالبين من كلية العلوم بالرباط تخصص ماستر العلوم الدقيقة طورا آلة جامعة لعناصر الإشعار عن بعد. وتتناول مداخلات المؤتمر في محور الأمن المعلوماتي بالخصوص التكنولوجيا الفاعلة في الحماية من الجرائم المعلوماتية والأمن الاقتصادي العربي وشبكات التواصل الاجتماعي وتأثيرها على أمن المعلومات والتحديات الأمنية المشتركة بين المغرب وإفريقيا وأمن اللغة العربية في الفضاء الرقمي. ويتطرق المتدخلون في محور الأمن المجتمعي بالأساس للأمن الحضاري من وجهة نظر إسلامية، والضوابط القانونية والسياسية والأخلاقية لمجتمع المعرفة و"الأمن الروحي في إفريقيا" و"الجامعة العربية والأمن القومي" و"الأمن اللغوي"، و"المجتمع المدني والأمن السياسي"، وأمن الهوية للجاليات المسلمة في الخارج، و"البيئة الأمنية الدولية وصياغة الاستراتيجية بين الثابت والمتغير"، وحماية الأمن البيئي، وآليات التدبير السلمي للنزاعات السياسية والاجتماعية والدينية بالمغرب. ويأتي تنظيم هذا المؤتمر الدولي ضمن سياق عام يتسم بتزايد الآفات والتهديدات الإلكترونية والاجتماعية وتشابكها، والمتمثلة في انتشار جرائم القرصنة والسطو والإساءات الإلكترونية، خاصة في ظل عدم جدوى المعالجات الأمنية التقليدية والإجراءات الشكلية في تأمين الحماية اللازمة. ويطمح المؤتمر إلى تحقيق أهداف نظرية وعملية في هذا المجال، عبر الاستفادة من التجارب الدولية الرائدة والخبرات العلمية المتميزة، وتشجيع وتطوير البحث العلمي في مجالات الأمن المعلوماتي والمجتمعي والثقافي، وتحسين القدرات التقنية والعلمية والأخلاقية والقانونية لدى العاملين في مجال الأمن المعلوماتي والسلم الاجتماعي، إضافة إلى وضع خطوط عريضة لاستراتيجية الحماية المعلوماتية والمجتمعية من وجهة نظر المجتمعات المدنية، وكذا إنشاء مرصد دولي للمجتمع المدني للبحث والتكوين في مجال الحماية المعلوماتية والاجتماعية.