قال الأستاذ الباحث في مجال العقار السيد عبد الله الفرح، إن ازدواجية بنية العقار بالمغرب وتعدد أنظمته القانونية يضعفان الحماية القانونية للمستثمرين والمنعشين العقاريين، ويشكلان حجرة عثرة أمام الولوج إلى العقار بسلاسة. وأوضح السيد الفرح، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، بمناسبة انعقاد المناظرة الوطنية حول "السياسية العقارية للدولة ودورها في السياسية الاقتصادية والاجتماعية" بالصخيرات يومي 8 و9 دجنبر الجاري، أن كافة الوعاءات العقارية بالمغرب، مزدوجة البنية، عقارات محفظة وأخرى غير محفظة، يطبق عليها نص من النصوص القانونية الخاصة، والتي يعود أغلبها إلى القرن الماضي (من 1913 إلى 1919)، حيث كان المغرب آنذاك تحت الحماية الفرنسية، مشيرا إلى أن هذه النصوص طرأت عليها تعديلات بسيطة جدا لم تغير المحتوى كاملا. وأبرز أن المستثمرين يبحثون دائما عن الحماية القانونية من أجل نجاح استثماراتهم بالمملكة، من خلال البحث عن وعاء عقاري خال من الشوائب، وبالتالي فإن تنوع العقارات بالمغرب يطرح عدة إشكاليات منها بالخصوص، تنوع أنظمتها القانونية، مما يجعل المستثمرين غير قادرين على استيعاب كافة هذه الأنظمة المؤطرة للوعاء العقاري بالمغرب. وأكد الأستاذ الباحث أن مشكل الازدواجية في العقار (محفظة وغير محفظة) سيظل قائما، وذلك بالنظر إلى كون المادة الأولى من مدونة الحقوق العينية تنص على أن كل ما لم تتطرق إليه هذه المدونة يمكن الرجوع بشأنه إلى قانون الالتزامات والعقود أو اللجوء إلى قاعدة الراجح والمشهور في مذهب الإمام مالك، معتبرا أن التنوع والاختلاف في الأنظمة القانونية والبنية المزدوجة للعقارات بالمغرب "لن يشجع الاستثمار بالشكل المطلوب". وأوضح أن "فإيجاد الحل الجذري لمشكلة التنوع في الأنظمة القانونية العقارية بالمغرب هو شيء شبه مستحيل، لأنها مرتبطة بمرجعية تاريخية ودينية وسياسية واجتماعية"، مؤكدا أنه "من الصعب توحيد النصوص القانونية والقضائية العقارية التي تطبق على أنواع العقارات بالمغرب". ومن أجل التخفيف من حدة هذه الإشكالية، أكد السيد الفرح أن أفضل الحلول هو ما جاء في الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية حول "السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية" بالصخيرات، والتي نصت مضامينها على ضرورة السير قدما لحل مشكل الأراضي الجماعية، وذلك من خلال تمليكها لذوي الحقوق بالمجان، مشددا على أن هذه التوجيهات الملكية السامية هي بداية الطريق لحل مشكل الأراضي الجماعية، وبالتالي، يضيف الأستاذ الفرح، الانتقال إلى معالجة الإشكاليات الأخرى المتعلقة بباقي العقارات بالمغرب. ومن بين الحلول المقترحة أيضا، حسب السيد الفرح، تفعيل مضامين النقاشات التي أثيرت في هذه الندوة، والمتعلقة، أساسا، بالدعوة إلى تعميم نظام التحفيظ العقاري بهدف التقليل من عدد العقارات غير المحفظة لفائدة العقارات المحفظة، مضيفا أنه "في إطار العقار المحفظ نكون أكثر أمانا واستقرارا وأيضا أمام حماية قوية للشخص المالك للعقار". وبعدما أبرز أن قانون التحفيظ العقاري الصادر في 12 غشت 1913 وما تضمنه من تعديلات آخرها قانون 14-7 ، هو "غير كاف لتعميم نظام التحفيظ العقاري"، شدد السيد الفرح على أن مسألة تعميم هذا النظام تتطلب مسألتين اثنتين، أولاها تتعلق بالمجال التشريعي عبر إيجاد نصوص قانونية تلين من حدة النصوص المطبقة حاليا في هذا المجال، في حين تهم المسألة الثانية تشجيع الأشخاص على اللجوء إلى تحفيظ عقاراتهم. ودعا السيد الفرح، بهذا الخصوص، إلى إيجاد نصوص قانونية موحدة بين مختلف الأنظمة القانونية، خاصة على مستوى حالة الإثبات باعتبارها حالة تختلف من نظام عقاري إلى آخر، ليخلص إلى أنه منذ صدور القانون المتعلق بالتحفيظ العقاري قبل أزيد من قرن من الزمن لم يؤد إلى تحفيظ سوى حوالي خمس العقارات المتواجدة بالمغرب.