قال مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، إن الازدواجية في القواعد والنصوص المطبقة على العقار، بنوعيه، خلفت صعوبات «أثرت على طبيعة المعاملات المنصبة على العقار والحقوق العقارية وكذا على الاجتهاد القضائي المتعلق بتلك المعاملات»، مشددا، في الندوة العلمية التي نظِّمت من طرف محكمة النقض والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية، صباح أول أمس الجمعة في مراكش، تحت شعار «نظام التحفيظ العقاري دعامة أساسية للتنمية، قراءة في مستجدات القانون رقم 14.07»، على «ضرورة وضع تشريع موحد قابل للتطبيق على الحقوق العينية العقارية، دون إغفال للخصوصيات المميزة لكلا الصنفين من العقارات، سواء المحفظة منها أو غير المحفظة»، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن إخضاع العقارات غير المحفظة للقواعد القانونية المنصوص عليها في التشريع المطبق على العقارات المحفظة، مع تحديد ما يسمى الحقوق العينية العرفية الإسلامية، جاء بعد دراسة مقارنة للقواعد الموضوعية المنظمة للعقار بنوعيه. وأكد الوزير، في كلمته الافتتاحية، أن هذا الأمر أصبح ضرورة ملحة لسد الثغرة التي يعرفها النظام القانوني المغربي في مجال التحفيظ العقاري و«تجاوز الاختلاف الحاصل في توجيه بعض الأحكام القضائية الصادرة في الموضوع، بسبب تنوع القواعد الفقهية واختلافها وعدم وجود مرجعية موحدة وملزمة يستند إليها القضاء عند بته في القضايا»، وكذا من أجل «تسهيلا مهمة القاضي العقاري ومساهمته في تذليل العقبات التي تحول دون إدماج العقارات غير المحفظة في الدورة الاقتصادية وتشجيع الاستثمار فيها»، مشيرا إلى أن موضوع الندوة العلمية يكتسي أهمية خاصة بالنظر إلى كون نظام التحفيظ العقاري يعد دعامة أساسية للتنمية، ظلت خاضعة للفقه للأمام وقواعد الشرع. من جهته، شدد مصطفى فارس، الرئيس الأول لمحكمة النقض، على أهمية المقاربات التشاركية وعلى ضرورة الانفتاح على كافة الفاعلين في موضوع العدالة، بهدف «إرساء قواعد حكامة قضائية جيدة، تؤدي إلى عدالة قريبة من المواطن»، مؤكدا أن مثل هذه اللقاءات تشكل مجالا هاما للتواصل وفرصة للإنصات والتحاور وتقريب وجهات النظر وإبراز الصعوبات وبلورة المقاربات والحلول. واعتبر الرئيس الأول لمحكمة النقض أن «النص القانوني موضوع الندوة العلمية يشكل استجابة لمطالب العديد من المهنيين والفاعلين والمهتمين، الذين سبق أن توافقت آراؤهم على أن الحاجة أصبحت ملحة لمراجعة نظام التحفيظ لسنة 1913 وملائءمته مع واقع مغرب الألفية الثانية ورهاناته ومتطلباته»، مشيرا إلى أن المشرع المغربي أعلن، من خلال هذا القانون الجديد، إرادته الواضحة في تأمين الملكية العقارية وتعبئتها بهدف إيجاد الوعاء العقاري الضروري لإنجاز الاستثمارات، من خلال تقديم مستجدات تسعى إلى توفير إطار قانوني يضمن تسريع وتبسيط الإجراءات المتعلقة بالتحفيظ العقاري ويوفر حماية أقوى لحق الملكية، عن طريق التصدي لمطالب التحفيظ والتعرضات والتقييدات الاحتياطية الصادرة عن كيد أو تعسف أو سوء نية والتضييق على كل من يحاول، بدون حق، عرقلة جريان مسطرة التحفيظ. وقال مصطفى مداح، الوكيل العام للملك في محكمة النقض، من جهته، إن «الندوة الوطنية حول القانون العقاري تعد فرصة للتواصل وإثراء النقاش وتقريب وجهات النظر بين مختلف المتناظرين، بعد صدور القانون العقاري الجديد 14.07 المعدل والمتمم للظهير المؤرخ في 12 غشت 1913». وأكد مداح، أن القانون الجديد للتحفيظ العقاري جاء لتعزيز المنظومة القانونية وتتويج الجهود المبذولة من كافة الفرقاء المعنيين بالمجال العقاري، للارتقاء بالمهام الموكولة للقضاء والإدارة، على حد سواء، إلى المستوى الذي يصون ويدعم حق التملك. وأشار الوكيل العام لمحكمة النقض إلى أن الهدف من هذه الندوة هو تنزيل المقتضيات القانونية للتحفيظ العقاري الجديد على أرض الواقع، خدمة لروح المشرع في سن قانون التحفيظ العقاري، الذي يأتي لتثبيث ملكية العقار بتصور جديد. وسيتدارس المشاركون في الندوة العلمية المنظمة من طرف محكمة النقض والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية عددا من المواضيع المتعلقة بمسطرة التحفيظ العقاري في ظل القانون رقم 14.07 والتقييدات بالرسوم العقارية ومسؤولية المحافظ على الأملاك العقارية، بمشاركة عدد من المسؤولين في القضاء وكذا المهتمين بالتحفيظ العقاري.