يجمع الكل على أن ضمان حق تأسيس الأحزاب السياسية ،وحرية عملها يعتبران من أبرز مظاهر الحقوق والحريات الجماعية أو السياسية وبالتالي من أبرز تجليات الديمقراطية . وبغض النظر عن هامش الحرية في ممارسة هذا الحق فإن السؤال المطروح هو : إلى أي حد يعتبرالعمل الحزبي بالمغرب تحررا ؟ أو بصيغة أخرى ألا يعتبر العمل الحزبي بالمغرب استلابا ؟ إن فلسفة حرية تأسيس الأحزاب السياسية والانخراط فيها تتماهى مع إتاحة الفرصة للتعبير عن إيديولوجيات ومبادئ ومواقف ، وإبداع استراتيجيات لمعالجة قضايا تهم جميع نواحي حياة الأفراد والجماعات في حالة وصول الحزب للحكم بالطرق الشرعية طبعا ، لكن الواقع السياسي بالمغرب يبين إلى أي حد يمكن للفرد أن ينصهر في الحزب وبالتالي تغيب شخصيته تماما ؛ فكم من رئيس حزب مغربي صرخ في وجه معارضيه "أرض الله واسعة " وكم من منخرط تعرض للطرد من حزبه بسبب اختلاف الرأي ، ناهيك عن التحالفات بين الأحزاب للظفر برئاسة مجلس معين أو حتى لتشكيل حكومة . هذه التحالفات قد تجمع ما هو اشتراكي بمن هو ليبرالي أو يدعي المرجعية الإسلامية وقد تجمع من يرى نفسه مالكا للشرعية لأنه سليل الحركة الوطنية بمن هو إداري خلق أصلا ليشوش على المعارضة والشرعية التاريخية . هذه التحالفات تحرج كثيرا من المناضلين الذين لا يجدون لها تفسيرا . وإذا كان البعض يرى أن هذا الانصهار يتماشى مع ضرورة انضباط الأقلية لقرارات الأغلبية . فإن الوجه المخزي للعمل الحزبي بالمغرب هو ضياع حزب برمته بمجرد وصوله إلى الحكم وإلا فما معنى أن يعرف المغرب أكبر عملية خوصصة أو بالأحرى تفويت الممتلكات العمومية للأفراد في ظل حكومة يقودها حزب اشتراكي تنبني إيديولوجيته أساسا على تأميم وسائل الإنتاج ؟ ما معنى أن يؤمن حزب بأن ما يجري بمصر انقلاب على الشرعية ولا تستطيع الحكومة التي يقودها أن تخرج ببيان استنكاري أو تنديدي أو على الأقل تسمي الأشياء بمسمياتها ، بل تعيش في عهدها العلاقات المغربية المصرية أزهى أيامها ويبلغ التعاون الثنائي ذروته ضدا على إيديولوجية الحزب ومبادئه ؟ هل يعقل أن لا يمارس وزير ما سلطته على قطاعه كما هو الشأن بالنسبة لوزير الاتصال المغربي ؟ بل أن تظل موظفة بقناة عمومية – تمول على حساب الشعب – تتحدى رئيس الحكومة ؟ كيف نفسر استضافة مجموعات غنائية ماجنة ببلد يقود حكومته حزب ذو مرجعية اسلامية ، وعرض عريها على قناة عمومية ؟ أرى أن الانتماء الحزبي بالمغرب استلاب على هيأة تحرر .