يواصل العلماء محاولاتهم إثبات المزيد من تفاصيل نظرية النسبية لعالم الفيزياء الألماني ألبرت أينشتاين حيث أطلقت وكالة الفضاء الأوروبية "ايزا" قمرا صناعيا جديدا في إطار مشروع عملاق يهدف لقياس موجات الجاذبية في الفضاء. بعد قرن على ظهور النظرية النسبية العامة لألبرت أينشتاين، مازال العلماء يسعون لمحاولة إثبات المزيد من تفاصيل النظرية. وقد أطلقت وكالة الفضاء الأوروبية "ايزا" اليوم الخميس (3 ديسمبر/كانون الأول) قمراً صناعياً جديدا، سعياً لقياس موجات الجاذبية في الفضاء. وأطلق على القمر الجديد اسم "ليزا باث فيندر" وتم إطلاقه في تمام الساعة الخامسة وأربع دقائق فجر اليوم بتوقيت وسط أوروبا من مركز جويانا الفرنسي للفضاء بالقرب من كورو بأمريكا الجنوبية على ساحل المحيط الأطلسي على متن صاروخ من طراز فيجا. وكانت عملية الإطلاق قد تأخرت يوما لأسباب فنية. ويسعى العلماء من خلال هذا المشروع البحثي لاختبار تقنية جديدة في مرصد فضائي كبير ينتظر أن يتم إنشاؤه خلال 20 عاما، يستطيع العلماء مستقبلا من خلاله رصد هذه الموجات وقياسها. وعن المشروع قال يوهان ديتريش فورنر، المدير العام لوكالة الفضاء الأوروبية: "تهدف الأبحاث الأساسية في هذا المجال لفهم العالم الذي نعيش فيه بشكل أفضل"، مضيفا: "لا تزال المعلومات النظرية التي توصل إليها أينشتاين مبهرة للغاية حتى اليوم، سيقربنا قمر ليزا أكثر من تأكيد تنبؤات أينشتاين بوجود موجات الجاذبية". يتم التحكم في القمر الصناعي من خلال مركز المراقبة "اسكو" التابع لوكالة الفضاء الأوروبية بمدينة دارمشتات الألمانية. وأوضح بول ماكنامارا، المتخصص في مشروع ليزا باث فيندر في وكالة الفضاء الأوروبية أنه ".. وبعد التجارب والتطورات التي تمت على الأرض فقد حان وقت إطلاق المشروع العلمي وهو ما لا يمكن القيام به إلا في الفضاء". قامت شركة ايرباص الأوروبية للفضاء والدفاع بصناعة القمر ليزا "الذي يختبر التقنية الجديدة في الفضاء وذلك لأن اختبارها على الأرض يواجه الكثير من العوائق.." حسبما أوضح ايكارد سيتلماير، مدير ايرباص لمراقبة الأرض والجاذبية والعلوم. نموذج مصغر في مرحلة أولى ومن المنتظر أن يكون القمر قد ابتعد عن الأرض باتجاه الشمس نحو 1.5 مليون كيلومتر بحلول منتصف شباط/فبراير 2016 ليصل إلى مكان يطلق عليه علماء الفلك اسم "نقطة لاجرانج 1" وهي إحدى ما يعرف بنقاط لاجرانج المميزة في ميكانيكا الأجرام السماوية وهي النقاط التي ينعدم عندها تأثير جاذبية جرمين سماويين كبيرين على جسم ثالث يكون في العادة أصغر حجما منهما مما يجعله يتبع في حركته الجسمين الكبيرين "وستكون هذه الاستراتيجية صعبة.. سنضطر من أجلها لتغيير مسار طيران القمر عدة مرات" حسبما أوضح باولو فيري من مركز المراقبة في دارمشتات والذي أشار إلى أن أعمال القمر ربما استمرت بعد وصوله هدفه. ومن المنتظر أن يختبر القمر بشكل مصغر ما سيتم تجريبه في مرحلة تالية خلال المشروع العلمي العملاق حيث يحمل القمر على متنه مكعبين بزنة كيلوجرامين لكل منهما عبارة عن سبيكة من الذهب والبلاتين بحافة طولها 46 ملليمتر يبعدان عن بعضهما البعض مسافة 38 سنتمترا. وتعد موجات الجاذبية التي تنبأ أينشتاين بوجودها في إطار نظرية النسبية العامة من أصعب ما يمكن قياسه من القوى الموجودة في الكون حيث تنتشر في الفراغ بسرعة الضوء وتعمل على انحناء الفضاء بشكل يشبه التجعدات التي يحدثها حجر في موجات سطح ماء بحيرة عند إلقائه فيها. وحسب نظرية النسبية العامة لأينشتاين فإن كل جسم متسارع يطلق موجات جاذبية تزداد قوة كلما ازدادت كتلة الجسم وسرعته. ورغم أن العلماء لم يتمكنوا حتى الآن من قياس هذه الموجات إلا أنه لا يكاد يكون هناك شك علمي جاد في وجودها.