هن 4 فتيات جامعيات يقطن بأحد الأحياء الجامعية بالرباط.. خاب ظنهن بالسفر إلى الإمارات، وتحديدا إلى إمارة العين كما كن يمنين النفس بعد أن استجبن لنداء «الشيخ الخليجي» ومنحنه أجسادهن في مقايضة منهن لعقد عمل بهذه الإمارة. وكانت شكواهن، في ظل خيبة الأمل، التي يرزحن تحتها، مرشدنا في إنجاز هذا التحقيق. هؤلاء الفتيات عقدن العزم على «الانتقام» من هذا العُماني، الذي يعمل على تسفير شابات مغربيات إلى إمارة العين حيث يشتغلن راقصات بملهى أو خادمات بفندق يملكهما. وللانتقام، اخترن كسر جدار الصمت عن نشاطه، الذي اتخذ من أحد كبانوهات بوزنيقة الشاطئية، مستقرا وحضنا هادئا لسهرات راقصة يستغلها لانتقاء الفتيات، اللواتي يعمد إلى تهجيرهن أو «يحتفظ» بهن رفيقات يلهبن أماسيه كما لياليه الصاخبة. شيخ بوزنيقة العُماني
طائر أم إله هندوسي ؟..اختلفت آراء الفتيات اللواتي رافقنه في إسناد لقبه.. لكنه لقب اشتهر به الخليجي وسط معارفه وبين الفتيات، اللواتي ترددن على الكبانو رقم (…) بشاطئ بوزنيقة . قيل إن اللقب يحيل على إله هندوسي، لكنه أمر لم يتأكد بعد البحث في أسماء الآلهة الهندوسية، لتبقى الإحالة الممكنة المحتملة هي اسم طائر. بل إن في هيئة الرجل الخلقية ما يرجح هذا الاحتمال : سمنة الجسد، قصر القامة، وغلظة الصوت، لكن وبالخصوص، طريقة المشي المترنحة على حد وصف واحدة من خادمتي الرجل وهي تُقلد ساخرة مشيته.
هو عماني الجنسية، استقر منذ 8 سنوات بالمغرب. اختار مدينة بوزنيقة الشاطئية ليعيش في أحد «كبانوهاتها». سمعة الرجل السبعيني طبقت الشاطئ والمدينة. جيرانه، يتحدثون عن شيخ «ضريف»و«راجل مزيان، ما شنا منو إلا الخير».. كما جاء على لسان أحد الحراس المكلفين بحراسة الشاليهات والفيلات والمنازل الشاطئية بمنطقة «الدوش» ببوزنيقة. ويتحدثون، دون حرج كبير، أيضا، عن «حفلاته الراقصة»، وعن نشاطه القائم على تهجير الفتيات المغربيات إلى إمارة العين حيث يوجد فندق وملهى في ملكيته على حدود هذه الإمارة وسلطنة عمان.
خليجي يهوى «القصاير»، ليس في الأمر أية غرابة عند الكثيرين. ثم، إن مدة 8 سنوات، كافية لأن يتأقلم الجيران مع «طباع» جارهم ويعتادوا عليه وعلى نشاطاته طالما أن الرجل «ما كيمسنا بوالو» يؤكد البعض، بل ولأن «للي عطاك خبزة رهن رقبتك وخاصك تطيعو» يقول الحارس موضحا، الذي كان يعمل ابنه سائقا عند العُماني قبل أن يطرده مؤخرا بعد نشوب خلاف بينهما! الطاعة، تتبدى من إحجام الحارس عن الحديث عن الشيخ العماني، لكن فقط في حضور الغرباء فيما هو لا يتردد في التهامس مع من يعرفهم حول ما يقع في الكبانو من مثل واقعة افتضاض العماني لبكارة إحدى الفتيات ليلة الخميس 12 يناير الجاري. وهي الواقعة، التي حولت سكون الليل إلى ضجة، لكنها ضجة بالكاد تثير الابتسام عند المتهامسين بها.. إذ هي ليس المرة الأولى التي يحدث فيها مثل هذا الأمر على مسمع أو مرأى منهم.. «حمدو الله أنا محضرتش كنت فدارنا» تُسِرُّ طباخته المتحدرة من بن سليمان.
الكابانو رقم (…)
على بعد أمتار قليلة من المركب مولاي رشيد التابع لوزارة الشبيبة والرياضة، يوجد الكبانو رقم(…)، الذي يستأجره الشيخ بسومة 3 ملايين سنتيم للشهر.
البساطة، هي الملمح الخارجي الرئيسي لهذا المنزل الشاطئي، الذي يُعد بمثابة مكتب تشغيل منه تنطلق المغربيات نحو ملاهي الرقص بالإمارات. والهدوء التام، هو أيضا السمة الغالبة على هذه المنطقة والمحيط القريب من الكبانو. الأمر طبيعي، في هذه الفترة الباردة من السنة، حيث يقل رواد الشاطئ. سيارتان من نوع الدفع الرباعي.. مركونتان أمام باب الكبانو. ركنهما يفيد وجود الشيخ بالكبانو.
عادة هو لا يغادر إلا لماما البيت وحوائجه يقضيها السائق. ومن لا يراه نهارا، يشاهده جالسا على كرسي أمام الباب مساء، يبادل المارين ممن يعرفه التحية، أو يتجاذب أطراف الحديث مع بعض حراس الشاليهات الموجودة. «يقضي اليوم في النوم» تسر إحدى خادميته البالغة من العمر 20سنة والمتحدرة من بوزنيقة، تتحدث عن مشغلها بكثير من التلقائية، بخلاف زميلتها البالغة هي الأخرى 20سنة. الأولى، تعنى بشؤون البيت وهي تحضر للذهاب إلى الإمارات للعمل خادمة هناك على حد قولها هي نفسها ، فيما الثانية تطبخ ل«بابا». «أنا ما شي خدامتو. كنخدم عندو غير مؤقتا، أنا خدامة معا الإماراتي جارو. كنطيب ليه على ما يجي الطباخ الباكستاني اللي كيتسناه» تؤكد الخادمة. الفتاتان معا، وإن لم تبرح البداوة ملامحهما، إلا أنهما تنسجمان مع «المود» الخليجي: شعر أسود طويل أملس، وحواجب معقوفة رفيعة سوداء، ورموش مطلية بالماسكرا السوداء وعيون مكحلة، وأظافر مطلية بالأحمر الفاقع، وأكسسوارات «فالصو» بلون الذهب.
كان للشيخ خادمة فليبينية، عقبت الخادمة المغربية «خ»، التي أرسلها إلى عُمان للاشتغال خادمة، لكنها «مشات فحالها. قهرها. كلشي منها..» تقول الخادمة المنطلقة وهي تغالب ضحكتها، التي تشي بأفكار لا ترغب في الإفصاح عنها بالكلمات.. لكن لسانها سرعان ما يخونها لتنطلق: «الشقا فالدار والنعاس فالسرير… بزاف جاها انهيار وهربات لكنو قلب عليها وعاود جابها، ومع ذلك مقدارتش تبقا ومن بعد رجعها لبلادها». الفتاة، لا تعير اهتماما لنظرات لصديقتها، التي تحاول أن تكبح بوحها وتحذرها بالغمز من التمادي أكثر في الكلام. « بابا تيعيط عليك، سيري شوفي آش بغا» تقول لها الطباخة. وهي تهرول، تدلف الخادمة داخل البيت. لحظة صمت قصيرة تمر، يقطعها صوتها وهي تقول عائدة حاملة بين يديها قنينات صغيرة من الماء: «سيري تغسلي ودنيك، راه تيشخر ..». «بابا»، كما تناديه الخادمتان، أسوة بالخدم الآخرين، الذين يعملون داخل الكبانو غير السائق، كان يستلقي بالصالون بالطابق الأرضي ويغط في نوم عميق. وهو أمر عاد زوال كل جمعة بعد أن يتناول طبق الكسكس. «كيحماق على كسكسو» تقول الخادمة، وتضيف: «وعلى الطبخ المغربي كامل». لكنه، بالأساس: «تيحماق على البنات المغربيات» تقول الخادمة دائما بضحكة ماكرة تقول أشياء كثيرة. والكبانو رقم ( ) يشهد على «عشق» هذا العُماني للمغربيات.
سهرة.. أو سفر إلى الإمارات يحبهن جميلات جمالا فائقا. هذا معطى أكده عديدون ممن التقتهم الجريدة. ويختارهن بعناية كبيرة وفق معايير دقيقة وضعها بنفسه ولا يتنازل عنها في مواصفات المرشحات، سواء اللواتي سيحضرن السهرات، التي يقيمها في الكبانو، أو اللواتي يقبل تسفيرهن إلى الإمارات للاشتغال راقصات في ملهاه. وبينما يشدد على أن يتصفن بحسن السلوك ويكن «داخلات سوق راسهم . باش ما يخلقوليهش المشاكل تما»، فإن معيار الجمال «الأخاذ» قد ينتفي في مواصفات الفتيات، اللواتي يهجرهن للاشتغال خادمات في فندقه، كما هو الحال بالنسبة للخادمة، على سبيل المثال، فالفتاة النحيلة تحتفظ ملامح وجهها كما ثنايا جسدها بملامح طفولية لا تثير شهوة زبائن المتعة. «ماعنديش شكل اللي تايبغيوه الخليجيين. ما غاداش نشطح غادا نخدم على راسي في الشغل» تعترف الخادمة ببساطة غاية في البراءة. «كيفاش تيسافرو؟» و«شحال تيطلب؟» .. سؤالان يطرحان نفسهما: «ما تعطي البنت والو، إيلا عجباتو راه هو اللي كيتكلف بكل شي» تؤكد الخادمة دون تردد. وهذا تحديدا ما يشجع الفتيات على طرق باب الشيخ، الذي تتناهى أخباره إليهن عبر وسيطات قد يكن غريبات أو صديقات. الرجل لا يعدم وسطاء لاستقدام المرشحات الراغبات في تلبية عرضه. لكن، هؤلاء الوسطاء مجبرون على الالتزام بمعاييره. وكل الفتيات الجميلات مرشحات محتملات. «شوفي راه تيبغيهم زوينات بزاف. وخاصهم يكونو كيعرفو يشطحو» تؤكد الخادمتان معا. «إيلا كانت البنت قرطاسة.. راه يديرها ملكة». لكن التتويج ك «ملكة» ليس بالهين حسب تأكيدات الخادمة، التي توضح: «البنت فاللول، تاتجي، ويشوفها، إيلا عجباتو كيتفق معاها باش تمشي الإمارات، وإيلا ما عجباتوش كتقضي غير سهرة وتمشي فحالها. وهو ما تيخلطش بيناتهم. راه ضابط أمورو».
الراقصات المغربيات في ملهى الشيخ بإمارة العين، يتقاضين خلال ال3 أشهر الأولى لانطلاق عملهن 5000 درهم، وهو الأجر، القابل للزيادة بعد تأكيد حسن السيرة والسلوك و جذب الزبائن. وهي معطيات تتحكم بشكل كبير في تمديد عقد الخدمة. أيضا، هن ملزمات باحترام بنود عقد العمل، الذي يربطهن بالشيخ، وخاصة حسن السلوك والسيرة. فهو يريدهن «مطيعات وطيعات». أما اللواتي، يختارهن للسهر في الحفلات التي يقيمها في الكابانو ببوزنيقة، فيتقاضين ما بين 500و2000 درهم لليلة الواحدة بحسب أريحية الرجل ومقدار انبساطه معهن. وقد يصبحن عشيقات منتظمات يحتفظ بأرقام هواتفهن المحمولة ويستدعيهن كلما رغب في ذلك. وتتوزع سهرات الشيخ إلى تلك الجد ضيقة، التي يقيمها أسبوعيا كل جمعة أو سبت حينما يكون وحده وتحضرها بنت أو 4 على الأكثر، وبين تلك الموسعة، التي يقيمها خاصة حينما يأتي أصدقاؤه الخليجيون في زيارة إلى المغرب. وهي الحفلات، التي يؤثثها عدد كبير من الفتيات المغربيات والأجنبيات على حد سواء، خاصة الآسيويات. ويُطلب من المرافقات الرقص كما التعري أمام الضيوف وإرضاء رغباتهم المختلفة من بداية الحفل إلى نهايته. ويُؤَمًّن العُماني المرافقات من النساء لأصدقائه، ويعتمد في ذلك على تشكيلة وسطائه الواسعة، التي تضم سائقي سيارات أجرة، كما خدمه، ومجموعة من الفتيات، اللواتي يستقطبن مثيلاتهن من الأحياء الجامعية بالرباط والأحياء الشعبية بكل من الرباط وسلا وبوزنيقة والصخيرات وتمارة. نشاط الشيخ استمر في أمان ل8 سنوات إلى حين وقوع سرقة الأحد الماضي، فهل سيتغير في الأمور شيئ؟