تفجرت فضيحة من العيار الثقيل داخل المنتجع السياحي «مازغان» بالجديدة، بعدما قررت «بشرى منعم»، الخروج عن صمتها وفضح الخروقات والاستفزازات والتحرشات التي يتعرض لها مستخدمو ومستخدمات الملهى الليلي بفندق «مَازَاغَانْ بِيتْشْ رِيسُورْ»، من طرف المدير المشرف. يأتي هذا بعدما ضاقت ذرعا هي وآخرون من تعسفات المدير الفرنسي، «فريديرك بانتيل»، الذي جعل من الملهى ملكا خاصا به، يسير وفق أوامره وقوانينه، التي تخطت حدود المستحيل ووصلت إلى حد إجبار المستخدمين والمستخدمات، خاصة ما يسمى ببنات «STAFF» على التعري بالكامل أمام كاميرات المراقبة بدعوى تفتيشهن. ولا يشكل القمع والاحتقار الذي يعاني منهما العاملون سوى جزء بسيط من تجاوزات هذا المدير الذي تم تعيينه منذ سنة. هذه المعاملة، فسرها بعض المستخدمين بأنها زادت عن حدها، في ظل صمت مطبق، لا يستطيع فيه أي أحد البوح بما يجري داخل دواليب «البار» المتواجد بفندق «مَازَاغَانْ بِيتْشْ رِيسُورْ»، بعد أن تسبب «بانتيل» في مغادرة 20 مستخدما، فيما ظل سبعة آخرون يقومون بجميع المهام الموكولة إليهم، فضلا عن تنفيذ أوامر المدير مهما كانت. أبناء «عاهرات» في عيون المدير تحكي بشرى منعم وهي شابة في العشرينات من العمر، كانت تعمل سابقا في الملهى الليلي، عن معاناة العاملين في الملهى الليلي من عنصرية ووقاحة المدير الفرنسي تجاه المغاربة، فغالبا ما يخاطبهم بلهجة صارمة ويتفوه بكلام ناب وسباب لا يحتمل. ينعتهم بأبناء العاهرات ويصفهم جميعا بالحقيرين والوضيعين والسارقين. «كلامه كلام شوارع، كلمة ابن العاهرة والوضيعة لا تفارقه وغيرها من الألفاظ البذيئة» تقول بشرى التي تعرضت للطرد من طرف المدير. تأزم الوضع وتدهور ظروف العمل، دفعتا بشرى إلى كتابة تقرير ورفعه إلى المسؤولين بالفندق، منذ ما يزيد عن شهرين، دون أن تتلقى أي رد، ليزداد الوضع سوءا بعدما «طغى المدير وتجبر ولم يعد يجد من يردعه ونحن كمستخدمين لا حول ولا قوة لنا ولا نملك إلا الصبر على مورد رزقنا الوحيد» يقول مصدر من داخل الملهى رفض الكشف عن اسمه. وتؤكد بشرى ل«المساء» أن فريديرك بانتيل قال مرارا وتكرارا إنه يكره المغاربة، ودليلها على ذلك أنه نعتها هي وزميلتها السابقة بنادلات القرف، وقال بالحرف الواحد «تذكروا كلكم نادلات ونادلو القرف، لا يمكن أن تجعل من الحمار حصان سباق». نفس الشخص نعت إحدى زميلاتها بالعاهرة أمام الزبائن وأمام جميع العاملين في الملهى الليلي، وذلك بسبب سوء فهم بسيط، وقال بالحرف الواحد أيتها العاهرة الحقيرة لا تعرفين ما تقومين به» حسب ما جاء في التقرير الذي توصلت «المساء» بنسخة منه. هكذا يتلفظ المدير المشرف على مستخدميه في حضور الزبائن، مهينا كرامتهم دون الأخذ بعين الاعتبار أنهم مستخدمون محميون بحكم القانون، ومع ذلك ليسوا في مأمن مما أسموه «بطشا وظلما» ممارسا في حقهم. مصادر أخرى مازالت تشتغل بالملهى الليلي، أكدت ما كشفت عنه بشرى، حيث ينعتهم المدير أمام مسمع الزبائن ب»الشفارة» وأنه لا يثق فيهم. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تعداه إلى حد استغلالهم في كل الأعمال، هم مضطرون لاستقبال الزبائن وخدمتهم، والقيام بأعمال التنظيف من غسل للأواني، ومسح الزجاج والأرضيات، وغيرها من الخدمات التي ليست من اختصاصهم. يتقاضى العاملون في الملهى أجورا تتراوح بين 2500 و4000 درهم، أغلبهم مغتربون بالجديدة ويسكنون في مناطق بعيدة ويؤدون واجبات الكراء وغيرها، والأجور التي يتقاضونها لا تسمح لهم بتحسين ظروف عيشهم. وفي محاولة يائسة منهم لطلب الزيادة في الأجور من طرف المدير، واجههم هذا الأخير بالرفض القاطع، يقول المصدر ذاته، مضيفا أن الأجور التي يتقاضونها لا يستحقونها من الأساس. ومع ذلك يشتغلون في ظروف عمل وصفتها المصادر بالقاهرة، فضلا عن كونهم محرومين من العطل التي يحصل عليها كافة العاملين بفندق «مازاغان». يجبرهن على التعري تحكي بشرى بنبرة حزينة تعكس إحساسا بعدم الرضا عما يجري خلف أسوار هذا الملهى، «المدير يجبرنا على الخضوع للتفتيش بشكل مهين، وبطريقة عشوائية، خاصة الفتيات اللواتي يسجلن الطلبيات ويتسلمن النقود من الزبائن» وتضيف «لا يتم التفتيش بالطريقة التي نعرفها جميعا، بل يتم إدخالنا إلى إحدى غرف المراقبة بالكاميرات، ويتم إجبارنا على التعري بشكل كامل، دون ترك قطعة ثوب واحدة». يجبر المشرف على الملهى العمال والعاملات على التعري بدعوى «التفتيش» أمام الكاميرات التي يديرها عدد كبير من المراقبين مغاربة وأجانب، يشتغلون بالفندق، وما يحدث للعمال في الملهى الليلي لا يعلم به أحد خارجه. وتستغرب بشرى كيف أن التفتيش يتم داخل الغرف المعروفة سلفا أنها مراقبة، ولا يتم في الحمامات التي لا تتواجد بها كاميرات. وتسترسل قائلة «هل ما يتم هو لأغراض خاصة نحن نجهلها؟ وهل يوجد شخص في الدنيا يحب أن يرى ابنته تتعرض لموقف مماثل؟ ما يفعله هذا الرجل هو ضد الإسلام وضد حقوق الإنسان وضد قانون الشغل». التفسير الذي يقدمه المدير, والذي لا يبدو منطقيا, هو فقدانه الثقة في العاملين نساء ورجالا، وهو ما يجعله يخضعهن لعملية التفتيش المهينة كلما وجد الوقت مناسبا، في غياب تام لأي سلطة تردعه عما يقوم به. وقد حدث يوما أن كانت إحدى المستخدمات حائضا، فرفضت التعري وبدأت بالبكاء بشدة جراء إحساسها بالدونية والمساس بكرامتها، ومع ذلك تضيف بشرى «ما رحموهاش» حيث أرغمت على ذلك من طرف المرأة التي تقوم بتفتيشهن امتثالا لأوامر المدير وخوفا على عملها، كونه يراقب ما تقوم به من خلال الكاميرا. الكاميرات الموضوعة في المكتب الذي تتم فيه عملية التفتيش تطرح تساؤلات عدة حول خلفيات هذا الفعل الممارس والأشخاص المكلفين به، خاصة أن المدير يأمر بالتعري ويرى بأم عينه الفتيات وهن يتعرضن لعمليات تفتيش «بوليسية»، برفقة مجموعة من الأشخاص الذين أسمتهم بعض المصادر بجنود الخفاء. والإشكال المطروح هو أن كل ما يتم تصويره يتم الاحتفاظ بنسخة منه، ويتخوف كل العاملين والعاملات، من أن يشكلن فيلما «إباحيا» يشاهده مراقبو الكاميرات كلما رغبوا في ذلك، ويأخذوا نسخا ليوزعوها على أصحابهم، أو ربما يستخدمونها لأغراض تجارية غير قانونية، أو نشرها في مواقع إلكترونية. يصر المدير دائما على أن عملية التفتيش تتم ل«دواعي أمنية»، وأنه يجب أن تتم بهذه الطريقة حتى يتأكد تماما من أنهم لم ولن يقوموا بسرقة المال، علما أن كل المرافق مراقبة ماعدا الحمامات. «فكيف ستتم عمليات السرقة؟ ولماذا هذا الاحتقار للمغاربة ؟ هذه الشكوك تزيد كلما قل مدخول الملهى، يشك بنا ويعاملنا وكأننا عبيد» تقول بشرى. تلبية «رغبات» الزبائن ! لم تعد الأجواء داخل الملهى الليلي تختلف كثيرا عن باقي ملاهي العالم، بعدما أقدم المدير الفرنسي على توظيف راقصات العري المعروف ب «الستريبتيز»، دون الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات البلد، وهو ما يؤكد أنه لا يراعي شعور المغاربة, الذين أجبرتهم ظروف العيش القاسية على العمل داخل الملهى مرغمين على معايشة هذا الوضع. ولا تسلم حتى هؤلاء الراقصات من جبروت المدير، «فريدريك بانتيل»، حيث صرح مصدر مطلع، أنهن يتعرضن للتعنيف من طرفه، ويتهمهن بعدم إرضاء زبائنه، وأنهن السبب في قلة الإقبال الذي أضحى الملهى يعرفه في الآونة الأخيرة. السيد بانتيل، الذي كان يعمل في مطعم بمراكش قبل أن يلتحق بفندق «مازاغان» خلفا للمدير الأمريكي السابق، لم يكتف بجلب راقصات العري فحسب بل إنه يجبر النادلات والعاملات بالملهى على ارتداء ملابس فاضحة، وإغواء الزبائن وتلبية رغباتهم، والتأثير عليهم حتى يقوموا بطلب أكبر عدد ممكن من قنينات الخمر باهظة الثمن. وهذا ينضاف إلى التحرشات التي تتعرض لها عدد من الفتيات بالملهى، حيث أكدت بشرى في تقريرها أنها تعرضت لتحرشات أكثر من مرة، وهي تصر على كلامها. العمل بالملهى الليلي يبدأ من الساعة التاسعة ليلا وينتهي عند السادسة صباحا، ومع ذلك كان المستخدمون ممنوعين من الحصول على «البقشيش»، قبل أن يتراجع المدير عن قراره ويسمح لهم بالحصول عليه شريطة الإدلاء به. يمارس عليهم إرهابا نفسيا ويشعرهم دائما بأنهم يستحقون أجورا أقل من تلك التي يجنونها. تقول إحدى العاملات «ليس لدينا الحق في أن نقول رأينا في أي موضوع ولا أن نطرح أفكارنا فيما يتعلق بالعمل» هذا الوضع الذي يعيشه الملهى كان سببا في تراجع الإقبال عليه، وأرباحه في انخفاض بالمقارنة ما كان عليه الوضع أيام المدير السابق الذي كان «يعاملنا معاملة حسنة». كما انخفض عدد العاملين من 27 شخصا إلى 7 أشخاص في ظرف 10 أيام ( مابين 19 يناير 2010 و30 يناير من نفس السنة). كل هذه الاختلالات تنضاف، حسب بعض المستخدمين، إلى الاستجواب الذي تعرضت له بشرى بعد اتهامها من طرف المدير بسرقة ثمن قنينة خمر دون استناده على أي دليل واضح، وهو ما نفته بشرى مضيفة أنها تهمة ملفقة هدفها طردها من العمل، بعدما أصبحت تشكل عائقا أمام المدير ومشكلا، كونها ظلت تشتغل في «النوار» بعدما رفض ترسيمها في العمل.
من يوقف نزوات المدير؟ خروقات المدير فاقت التوقعات، فهو يسمح لصديقته التي تعمل راقصة بمطعم «مرجانة» ب«مزاغان بيتش ريسور»، بالدخول إلى مكتبه متى شاءت وكيفما تريد، في خرق واضح للقانون الداخلي للملهى. ولا يكتفي «بانتيل» بذلك بل يقدم لها علبا من السجائر، وقنينات الخمر، وكؤوسا من الشراب باهظ الثمن، حيث وصل المبلغ الذي صرفه عليها في ليلة واحدة 2250 درهما مقابل 15 كأسا من شراب «Black». وأصبحت صديقته تتصرف بحرية تامة، تقدم المشروبات لأصدقائها وتحرص على استقبالهم ومعاملتهم معاملة خاصة باسم مدير الملهى، بالرغم من كونها ليست زبونة، كما أنها لا تدفع ثمن ما تستهلكه. تأمر وتنهى وتتحكم في الفتيات اللواتي يعملن في الملهى سلطتها الوحيدة أنها على علاقة مشبوهة بالمدير. «تنعتنا بالعاهرات وتهددنا بالطرد من العمل، تقوم بالدخول إلى مكتب المدير متى شاءت وفي غيابه» تقول بشرى. وليس هذا فحسب، بل يعتمد المدير الفرنسي في سيطرته على الملهى، على أصدقائه من غير المغاربة، من بينهم فرنسيون وسويديون، يتعامل معهم مدير الملهى باحترام تام، كما أنه يحرص على عدم إغضابهم أو المساس بهم، «واحد المرة اكتشف واحد مغربي خدام معانا تايسرق ما قدرش يجري عليه حيث صاحبتو سويدية وكاتجيب ليه الزبائن» تقول بشرى مضيفة أنه اكتفى بإيقافه عن العمل خمسة أيام قبل أن يعيده إلى العمل. لم تتحمل بشرى الوضع، كما لم تستسغ الظلم الذي تعرضت له من طرف هذا المدير، وهي مستعدة للدخول في صراعات قضائية معه بتهم المس بحقوق الإنسان والإخلال بقانون الشغل. وهي المعركة التي ستخوضها حتى تسترجع كامل حقوقها وكرامتها وكرامة باقي العاملين، التي ضاعت بين جنبات ملهى أصبح «مستعمرة» خاصة، لمدير فرنسي لم يخف فكره «الاستعماري» ولا كرهه المغاربة، على حد قولها.