المغربيات يكتسحن حياة الشيوخ في إمارة دبي، إنهن شرايين بلد لا ينام. «نساء تحت الشمس» يملأن ليل دبي الطويل، والذي لا ينتهي. يتحدثن اللهجة الإماراتية بإتقان يفوق الإماراتيين أنفسهم، مع بعض الفارق طبعا. يرتدين «العبايات» السوداء الخليجية الطويلة مع «شال» يظهر بعض الشعر الممشوط بعناية مفضوحة. يرتدين النظارات السوداء الضخمة مثل تلك التي ترتديها نساء الأعمال الخليجيات. يحملن حقائب «شانيل» الراقية ويلبسن أحذية بكعب طويل من «برادا»، ويمارسن أقدم مهنة في التاريخ “مدن الملح ترتفع وتكبر، لكن إذا جاءها الماء: فش ولا كأنها كانت”، هكذا كتب الروائي السعودي عبد الرحمان منيف في خماسيته الشهيرة المعنونة ب”مدن الملح”، حيث يحاول فيها أن يفسر سرعة نمو دول الخليج البترولية، ويصل به الأمر في أحد أجزاء خماسيته إلى حد وصف “أبناء الخليج” ب”براميل الشحم والزيت”، ويشبه أبراجهم التي يشيدونها كل يوم ب”الخيمة التي تشبه تكوينهم العقلي”، لكن بلدان الخليج اليوم، وخصوصا دبي، تنمو رغم أنف عبد الرحمان منيف، فهل كانت تنبؤات هذا الشيوعي القديم مجرد هلوسات مؤلف كلمات مغضوب عليه سعوديا؟ أولى صدمات من يزور دبي لأول مرة هو العدد الكبير للمغاربة الذين يملؤون هذا البلد، من مضيفة الطائرة القادمة من تطوان ونادل المقهى القادم من الرباط، والمرافق السياحي القادم من طاماريس ومحاسبة “المول” القادمة من المحمدية والصحفي القادم من صفرو ومسؤولة الاتصالات القادمة من بركان والمستشار المغربي الذي صار اليد اليمنى لأكبر مسؤول في إمارة دبي، والمهندس الذي ترك عمله بالدارالبيضاء مقابل أجر معتبر في إحدى الشركات العقارية بالإمارات، وتبقى بائعات الجنس المغربيات الأكثر حضورا وطلبا بين كل هؤلاء. إعجاب وثمن “نحن نعشق المغرب” عبارة لا يتردد في قولها رجال الإمارات، بمجرد أن يعرفوا أنك قادم من المغرب، ويضيفون إليها بعض التوابل اللطيفة “عندكو بلد جميل”، وهذه الكلمات يمكن إعطاؤها حمولات عديدة، لكن في النهاية يكتشف الزائر أنها جميعا تحيل إلى بنات المغرب اللائي ينشطن سوق بيع الجسد الإمارتي، وهو ما يفسر في المقابل كره النساء الإماراتيات لبنات المغرب، حيث ينظرن إليهن على أساس كونهن “خطافات رجال وفاسدات”، إلى جانب رفيقاتهن الجزائريات والسنغافوريات والسوريات واللبنانيات. المغربيات يكتسحن حياة الشيوخ، إنهن شرايين بلد لا ينام. “نساء تحت الشمس” يملأن ليل دبي الطويل، والذي لا ينتهي. يتحدثن اللهجة الإماراتية بإتقان يفوق الإماراتيين أنفسهم، مع بعض الفارق طبعا. يرتدين “العبايات” السوداء الخليجية الطويلة مع “شال” يظهر بعض الشعر الممشوط بعناية مفضوحة. يرتدين النظارات السوداء الضخمة مثل تلك التي ترتديها نساء الأعمال الخليجيات. يحملن حقائب شانيل الراقية ويلبسن أحذية بكعب طويل. يتجولن في منطقة “دبي القديمة” والهاتف النقال “الأليف” بين أصابع أيديهن النحيفة، المصبوغة أظافرها الطويلة بإبداع خليجي يصعب وصفه، لكنه مختلف كثيرا عن طريقة صباغة الأظافر المغربية. “إنهن المفضلات هنا، والشيخ ينظم حفل انتقائهن بمجرد وصولهن إلى مطار دبي الدولي”، هكذا يصرح أحد العاملين المغاربة بمطار دبي الدولي، وهو يتحدث عن مغربيات يحترفن الدعارة في بلاد الخليج، قبل أن يستطرد موضحا: “الشيخ هو لقب أحد مليارديرات دبي المعروف بعشقه وهوسه بالمغربيات، والذي يزور المغرب أكثر من ثلاث مرات في السنة، وله شبكته الضخمة في المغرب التي تتكلف بانتقاء القادمات الجدد”، وبحنق شخص صار يكره جنسيته المغربية يضيف عامل المطار المغربي بدارجة مغربية لم تفقد أي شيء من رنينها: “شوهونا آخويا”. ثمن “اللحم الأبيض” المغربي في إمارة دبي يتراوح بين 1000 و5000 درهم إماراتي وهذا الثمن يساوي بالعملة مغربية ما بين 2000 و10000 درهم لليلة الواحدة، والثمن الأخير يكون للمحظوظة التي تستطيع إسقاط واحد من أبناء دبيالإماراتيين على أنف شهوته، فيما يبقى متوسط الليلة الواحدة مع السواح الأجانب، وبقية المقيمين في إمارة دبي، هو 4000 درهم لليلة الواحدة، لذلك تبقى أفضل الليالي بالنسبة إلى المغربيات هي ليالي أبناء “مدن الملح” من دبي وأبو ظبي والشارقة، لأن الربح يكون أكبر أو كما هو متعارف عليه في معجم مغربيات دبي: “الفيشتا”. مغربيات وأخريات “ليس هناك فقط عاهرات في دبي ولكن الإعلام المغربي أعطى هذا الأمر أكثر مما يستحق” يقول أحد المغاربة المقيمين بدبي، ويضيف آخر: “ليس هناك فقط المغربيات ولكن هناك الأسيويات المتواجدات بكثرة وأيضا السوريات واللبنانيات”، والفئة الأخيرة مطلوبة أيضا بقوة “وهي تجني مداخيل أكثر من المغربيات لأن اللبنانيات لا يخرجن مع أي كان وثمن ليلتهن لا يكون أقل من 4000 درهم إماراتي”، كما صرح أحد العارفين ل“المساء”. مدن الملح لا تنام وليل دبي يطول إلى حدود الساعات الأولى من الصباح. ليس هناك مبان صغيرة، بل فقط عمارات وأبراج. الشوارع والطرقات بدون حفر ولا مطبات. ليس هناك متسولين في الشارع العام. المدينة تبدو من الأعلى وكأنها بطاقة بريدية مليئة بالأضواء. الإماراتيات يفضحهن لون البشرة الأسمر الذي لم تمحه مساحيق التجميل. العمال الهنود والباكستانيون يشتغلون ليل نهار. حراس الحانات والأسواق الممتازة يبتسمون للجميع. “إنها الدولة الديمقراطية التي كنا نحلم بها” يقول أحد الصحفيين اليساريين ساخرا والذي كان يزور دبي في مهمة صحفية، قبل أن يستطرد في ما يشبه الدهشة: “لا رشوة، لا متسولين، لا مجانين في الشارع ولكل إماراتي حقه في ثروة الإمارة هذه هي العدالة الاجتماعية”، وينطلق في ضحك طويل. في دبي لا تسمع اللغة العربية إلا قليلا. الجميع يتكلم الإنجليزية بطلاقة، من أصغر سائق تاكسي إلى أكبر مسؤول إماراتي “إنها مدينة دولية أغلب سكانها من الأجانب وأسلوب العيش فيها ليس فيه أي شيء عربي إنها منطقة دولية حرة، يقول أحد العارفين بمعالم المكان. المغربيات أيضا يتكلمن الإنجليزية بطلاقة، لأن منطق الحانات والعلب الليلية في دبي يفرض “أن تتكلم كل العاهرات اللغة العالمية الموحدة”، كما يصرح بذلك أحدهم، ولأن منطق اختيار الضحايا عند عاهرات دبي “يخضع لقانون المنافسة الدولية وليس العربية فقط، والمغربيات يتأقلمن مع الوضع وأغلبهن يشتغلن في مجال السياحة وبالتالي فهن يتكلمن الإنجليزية أيضا”. في إحدى الحانات الليلية اللاتينية في وسط دبي تجتمع كل أجناس العالم: يابانيات يرقصن “الصلصا” بطريقة مغرية، سوريات صرن أشبه ببنات أوربا الشرقية بشعرهن الأشقر المصبوغ بعناية كبيرة، لبنانيات يبرزن كل أطرافهن للناظرين، بلغاريات عوضن نبيذ العاصمة صوفيا بشراب الشامبانيا الفاخر ومغربيات في كل جانب: “إنه بلد كل الجنسيات وكل القوميات والجميع يتعايش في سلام ويحترم القوانين” يقول مغربي يشتغل بأحد فنادق دبي. دي بانك ليفت “مدن الملح” انتقمت من الصحراء. الخليج ترك البداوة. الخيمة العربية تحولت إلى ناطحات سحاب شاهقة وأبراج عملاقة. نار الصحراء تحولت إلى ملايين من المصابيح التي لا تنطفئ. الجمل اختفى وعوضته السيارات المصفحة و”الهامر”. الذهب الأصفر الخليجي رحل إلى الأبد وجاء مكانه الألماس. الرمال الصحراوية صارت شوارع ضخمة على الطريقة الأمريكية. خيمة الصحراويين الرحل ذهبت إلى مزبلة التاريخ العربي وشيدت مكانها الأبراج العملاقة وناطحات السحاب الشاهقة، وحدها “أقدم مهنة في التاريخ” لازالت تملأ كل الأرجاء، وينشطها اليوم بائعات جنس من كل دول المعمور. حانة “دي بانك ليفت” هي من الحانات الراقية في منطقة “الفجيرة” السياحة، غير بعيدة عن وسط الإمارة. توجد داخل البناء السياحي المعروف ب”مارينا”، هذا الأخير الذي صممه مهندس مغربي على الطريقة المراكشية، في ما يشبه قصبات مدينة مراكش الحمراء. ولهذا الغرض قام الإماراتيون بإحضار كل ما يمكن أن يوحي للزائر بأنه داخل قصبة قديمة بمراكش: الزليج المزخرف، الحيطان الحمراء، الأقواس القديمة والخشب القديم، والمصابيح التقليدية. “لقد قاموا بإنشاء كل ذلك على الطريقة المغربية مع تغييرات طفيفة وهو ما جعل هذا المكان من أنشط المناطق السياحية في دبي”، يضيف أحد العارفين. في “مارينا” لا أحد يخجل من تناول كؤوس الجعة والنبيذ على الطاولات المغروسة على جانب النهر الصناعي، أو أمام الباب الخارجي لحانة “دي بانك ليفت”: خليجيون، سعوديون، مغاربة، أوربيون وأمريكيون، الكل يستمتع بالليالي الملاح في “مدن الملح” العملاقة، ولا أحد يزعج الآخر، وليس هناك تهمة “السكر العلني” إلا في حالة سياقة السيارة، فآنذاك يكون مصير السائق الثمل هو المحاكمة المباشرة التي قد تنتهي بطرده من دولة الإمارات. في “دي بانك ليفت” كل يغني على ليلاه. وكل أجناس العالم اجتمعت في لوحة واحدة بألوان الطيف: تنورات قصيرة، فساتين سهرة. موسيقى كوبية. راقصو صلصا. أصوات زغاريد عالية. كلمات بالإسبانية والإنجليزية والفرنسية والعربية والصينية واليابانية... جنسيات آسيوية، إفريقية، أوربية، أمريكية. شخص ثمل هنا وآخر يصرخ هناك. مغربية وإمارتي على “الكونتوار”، وسنغافورية في أحضان إنجليزي في أقصى الحانة، “الجميع يتعايش هنا ولا تحس أنك في بلد عربي إسلامي، إنها مدينة دولية” تقول إحدى السائحات الإسبانيات. على “كونتوار” حانة “دي بانك ليفت” تجلس فاطمة (اسم مستعار)، من مواليد الدارالبيضاء. تدخن سيجارة “دانهل لايت” الزرقاء الراقية. وتحتسي من كأس “الكوكتيل” الراقي للحانة المملوء بقطع ثلج صغيرة. “توحشت لبلاد آخويا” هكذا تقول بدارجة كازاوية نقية، قبل أن تستطرد: “أنا أشتغل في أحد الفنادق السياحية منذ خمس سنوات في دبي والحياة هنا مختلفة جدا عن الدارالبيضاء”، هنا ستعتذر عن الكلام لأن رفيقها الإماراتي عاد من المرحاض “ديزولي” وعادت إلى عناق النديم و”الكوكتيل” والسيجارة، هذه الأخيرة التي لا تفارق يديها النحيفتين: “إنهن جميعا يدعين الاشتغال في السياحة ولكنهن يخلطن كل شيء”، يوضح أحد الإماراتيين الذي يخبر معالم بلده. تقوم فاطمة ورفيقها للرقص في الدائرة الخاصة بالحانة. ترقص الصلصا بإتقان على أنغام موسيقى الفرقة الكوبية التي تنشط الحانة كل يوم، كما كانت تردد مع الفرقة كلمات أغنية “المارياتشي” اللاتينية الشهيرة. تتمايل برقة في فستان سهرتها الأسود الذي يبرز جمال جسدها، فيما النديم يحاول تقليد خطاها. يحتضنها. يمسك بيديها. يتحدث في أذنها. تضحك بصوت ماجن. يقبل يديها. يلمس شعرها. تمسك برأسه. يداعب خصرها. يقبلها. تتوقف الموسيقى. دولة آل مكتوم إمارة دبي هي ثاني الإمارات المكونة لدولة الإمارات العربية المتحدة وعاصمتها مدينة دبي. تشكل هذه الإمارة مركزا هاما للمال والأعمال في العالم، ووجهة سياحية يقصدها الملايين من السياح سنوياً. دبي هي العاصمة الاقتصادية للإمارات العربية المتحدة، وقد تطورت تطوراً كبيراً خلال السنوات الماضية. الاقتصاد الحر والنشط في الإمارة وعدم وجود نظام ضريبي لعب دورا كبيرا في جذب المستثمرين من جميع أنحاء العالم. وتقع إمارة دبي بين إمارتي أبو ظبي والشارقة. وأهل إمارة دبي ينحدرون من قبائل عربية متنوعة، على رأسها قبيلة آل بو فلاسه التي تنحدر منها أسرة آل مكتوم الحاكمة. وتقطنها قبائل بني كعب وآل بو فلاح وآل بو مهير والسودان والشوامس والبلوش والمناصير والرميثات والشحوح وغيرها. وبها عوائل كثيرة من أصول إفريقية وفارسية. ودين أهالي دبي هو الإسلام على نهج أهل السنة والجماعة، والمذهب الرسمي في دبي هو المذهب المالكي. آل مكتوم هم حكام دبي. وهم من آل بو فلاسه من بني ياس. حاكمها الآن هو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. وهو أيضا نائب لرئيس الدولة ورئيس لمجلس الوزراء في الحكومة الاتحادية. ونائباه في الحكم هما: شقيقه الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم وزير المالية والصناعة والشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم. فيما يتولى منصب ولاية العهد بالإمارة الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم رئيس المجلس التنفيذي للإمارة . يرأس المجلس التنفيذي لحكومة دبي ولي العهد الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم. ويجمع هذا المجلس في عضويته جميع مدراء الدوائر في حكومة دبي حيث يعقدون اجتماعاتهم الدورية لتسيير شؤون الإمارة.