قال عبد الفتاح الفاتحي، الأكاديمي والخبير الاستراتيجي في الشؤون المغاربية وقضايا الصحراء، إن الزيارة الملكية للأقاليم الجنوبية للمملكة تكرس الوضع الاعتباري والعناية الفائقة التي يوليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لهذه الأقاليم وتجسد التلاحم التاريخي المتواصل بين أبناء هذه الأقاليم والعرش العلوي المجيد. وأضاف السيد الفاتحي، في حوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه الزيارة إذ تتوافق مع الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء، فإنها تؤسس لمسار جديد عبر مشروع تنموي يشرف عليه جلالة الملك محمد السادس ليجعل من الأقاليم الجنوبية للمملكة قطبا تنمويا تنافسيا على مستوى منطقة الساحل والصحراء. وأشار إلى أن الزيارة الملكية تستجيب لمطلب ملح من ساكنة الصحراء، وذلك بغية تطوير سلسلة الإصلاحات في المنطقة بناء على برنامج تعاقدي بدأ مسلسل تفعيله بعد تنظيم الاستحقاقات الجهوية والمحلية في الرابع من شتنبر الماضي، والتي تميزت بمشاركة سياسية كبيرة لأبناء الصحراء. ولذلك، فإن زيارة الملك للأقاليم الجنوبية، يقول الخبير، تأتي بمثابة الإعلان عن انطلاقة مشروع تنموي متكامل حدد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ملامحه، يشارك فيه أبناء الصحراء كتعبير عن رفض جماعي للمزايدات السياسية لخصوم الوحدة الترابية لتعطيل تنمية المنطقة. وأوضح السيد الفاتحي أن هذه الزيارة تأتي بعد إعلان جلالة الملك في خطابه بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة، أن "ارتفاع نسبة المشاركة في العملية الانتخابية في الأقاليم الجنوبية دليل ديمقراطي على تشبث أبناء الصحراء بالوحدة الترابية وبالنظام السياسي لبلادهم، وحرصهم على الانخراط في المؤسسات الوطنية". وأشار إلى أن الزيارة الملكية بمثابة إعلان على أن المغرب ماض بمشاركة أبنائه في الصحراء لمواجهة كل الممارسات التي تعرقل مسيرة النمو والتطوير في الأقاليم الجنوبية للمملكة، وهي التزام شخصي من جلالته بمواكبة تنمية الأقاليم التي اختارت ممثليها بكل شفافية في انتخابات ديمقراطية شهد العالم بنزاهتها. ومما لا شك فيه، يقول السيد الفاتحي، فإن العناية الملكية بهذه الأقاليم الجنوبية للمملكة سيكون بمقدورها تغيير وجه هذه المنطقة حتى تكون وجهة نموذجية رائدة تتفوق على مثيلاتها من حواضر المنطقة المغاربية وفي دول الصحراء الإفريقية. وشدد الخبير على أن الزيارة الملكية للأقاليم الجنوبية تحمل رسائل بالغة الدلالة بأن المغرب لن يسمح بالمساس بسيادته الترابية على صحرائه، وأنه جاهز من خلال مشروع تنموي محلي بمشاركة الساكنة في تحديد وتقرير شؤونها الذاتية عبر نظام الجهوية الموسعة، وأن رؤية جلالته منفتحة على إيجاد تسوية سياسية عبر مبادرة الحكم الذاتي، بل إن المغرب يسير بخطى حثيثة لتأهيل هذا النظام التدبيري. وأكد الخبير المغربي أن الزيارة الملكية للأقاليم الجنوبية إعلان لانطلاقة مشروع الجهوية الموسعة، وتفضيل ملكي لهذه الأقاليم لمواصلة مسيرة مغرب الجهوية المتقدمة كفلسفة جديدة للتدبير المحلي، بل كفلسفة لتجاوز نزاعات تشرذم بعض الدول من خلال الابتزاز بتأسيس دويلات تصبح هدفا للجماعات الإرهابية. وتتجاوز دلالات الزيارة الملكية، حسب السيد الفاتحي، ما هو محلي إلى ما هو إقليمي عبر تسويق النموذج التنموي المغربي في الأقاليم الجنوبية للمملكة، حيث ينتظر أن تصبح جسرا لتجسيد رؤية المغرب لتعاون جنوب- جنوب في إفريقيا والتي أصبحت نموذجا متميزا وفق شهادات في المنتدى الهندي الإفريقي المنعقد أخيرا في العاصمة الهندية نيودلهي والذي تميز بحضور ملكي متميز. وشدد الأكاديمي والخبير الاستراتيجي في الشؤون المغاربية وقضايا الصحراء على أن دلالات الزيارة الملكية للأقاليم الجنوبية للمملكة تؤكد أن من المسؤوليات الأولية للمغرب الاضطلاع بدور جيو استراتيجي في منطقة الساحل والصحراء للمساهمة في ضمان أمنها واستقرارها وفقا لتعهدات دولية وإقليمية قد لا تعجب البعض لكنها ضرورية.