قال السيد عبد الفتاح الفاتحي، الباحث والأكاديمي المتخصص في الشؤون الصحراوية والإفريقية، اليوم السبت بالداخلة، إن الجهوية المتقدمة عملية دقيقة للحسم في الملف المفتعل للوحدة الترابية للمملكة. وأضاف السيد الفاتحي، في ندوة وطنية حول موضوع "الجهوية الموسعة بالأقاليم الجنوبية ... رؤية ملكية متبصرة لحسم ملف الوحدة الترابية" نظمت بمناسبة الاحتفال بالذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء، أن الجهوية المتقدمة شكلت نتاجا لمسار متدرج من التدبير المحلي ميز مسيرة المملكة المغربية، فهي "نظام تدبير ناضج في تدبير الشؤون الذاتية للساكنة"، مبرزا أن نظام الجهوية بالمغرب خضع للتطور المجتمعي، حيث سادت قناعة بضرورة تجاوز سياسة المركزية والتمركز. وأوضح الخبير في الشؤون الصحراوية، أن الحاجيات المجتمعية أنضجت مطالب ضرورية من شأنها تجاوز المشاكل التي راكمها تمركز القرار البعيد عن المناطق والفئات المستهدفة، مؤكدا أنه كان لزاما اعتماد مقاربة إصلاحية متدرجة تعتمد على مبادئ بديلة لتدبير الشؤون المحلية ومنها اعتماد مبدأ اللامركزية واللاتمركز لما لهما من أهمية في ابتداع مشاريع أكثر تلاؤما مع حاجيات السكان. وأشار إلى أن المملكة المغربية وفي سياق تجريب النموذج الأفضل لنظام التدبير بما يستجيب لحاجيات سكان الجهات على اختلاف مؤهلاتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أعلن جلالة الملك عن تنصيب لجنة لصياغة خطة الجهوية المتقدمة كأسلوب متطور يتلاءم والتطور المجتمعي الذي عرفته المملكة. وأبرز السيد الفاتحي، أنه ولتعزيز هذا الأسلوب في تدبير شؤون الجهات، انخرط المغرب في إصلاحات دستورية توجهت بدسترة الجهوية المتقدمة كأسلوب يتوق إلى الاستجابة عن الشؤون المحلية الوطنية، ويتميز بالاستدامة لأنها تنفتح على جهوية تؤهل للانطلاق نحو تطبيق الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية. إن الجهوية المتقدمة اليوم، يؤكد الخبير، هي تدبير استراتيجي يستهدف تنمية الجهات إلا أنها تحظى في الأقاليم الجنوبية للمملكة بعناية بالغة، لأنها أعمق بالمقارنة مع نظيراتها في باقي جهات المملكة، وذلك لأن جهات الصحراء ستحظى بأهمية كبرى عبر دعم مادي وتفعيل مشاريع مسطرة من قبل ضمن خطة أعلن عنها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي. وقال السيد الفاتحي إن الجهوية المتقدمة في الأقاليم الجنوبية تأتي أولا لحل الإشكالية التنموي وهو توجه محلي يروم جعل جهات الصحراء نموذجية في كل شيء على مستوى نظيراتها في المنطقة المغاربية ومنطقة الساحل والصحراء، مشيرا إلى أنه يتوقع أن يتم تفعيل عدد من المشاريع المهيكلة، والتي قد تغير وجه حواضر الصحراء. ================= وحسب السيد عبد الفتاح الفاتحي، فإن نظام الجهوية التي بدأ المغرب في العمل به بعيد الانتهاء من تشكيل المجالس المحلية والجهوية بعد تنظيم استحقاقات الرابع من شتنبر الماضي، يتوقع أن تصبح جهات الصحراء فضاء لانطلاق المغرب نحو العمق الإفريقي، حيث يرتقب تنفيذ مشاريع تستوعب استراتيجية المغرب في تعاون جنوب - جنوب، والتي تجعل منه فاعلا أساسيا في منطقة الساحل والصحراء. وشدد السيد الفاتحي على أن بناء ميناء في المياه العميقة بمنطقة امهيريز بجهة الداخلة - وادي الذهب سيجعل من الصحراء نقطة للربط القاري بين إفريقيا وأوروبا، ويجعلها فضاء لجذب الكثير من الاستثمارات المحلية والإقليمية والجهوية، فضلا عن العديد من المشاريع ذات الطابع الاستراتيجي المنفتح على إفريقيا في جهات الأقاليم الجنوبية. وأوضح الخبير، أن الجهوية التي يريدها جلالة الملك لجهات الأقاليم الجنوبية تسير على خطين متوازيين، فهي تستهدف النهوض بتنمية نمط عيش ساكنة الصحراء، ضمن رؤية ملكية سامية تحرص على توفير شروط الحياة الكريمة لأبناء الصحراء، وكذا تهيئ الظروف نحو مبادرة الحكم الذاتي، ذلك أن الجهوية المتقدمة يسهل تجسيرها نحو المبادرة المغربية منح الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا كتسوية سياسية لنزاع الصحراء على المستوى الأممي. وأضاف في هذا الصدد أن نظام الجهوية في المغرب تمت دسترته، وفي ذلك مصداقية واضحة في أن المغرب جاد في مبادرة الحكم الذاتي، بل إنه يمتلك تصورا استراتيجيا يمكن من انتقال تنظيمي سلس يمكن من حل نزاع الصحراء بيسر إذا ما قبلت الأطراف بمناقشة مبادرة الحكم الذاتي. وعموما، فإن نظام الجهوية يعد ممارسة تدبيرية مقبولة على المستوى الداخلي، يؤكد الخبير، حيث عبرت ساكنة الصحراء عن انخراطها في مشروع الدولة المدنية بنسبة المشاركة في الانتخابات المحلية التي بلغت في منطقة أوسرد بجهة الكويرة نسبة 80 في المائة، ولذلك فأبناء الصحراء يواكبون المسار الإصلاحي بتجديد انخراطهم في دولة المؤسسات. وشدد الخبير في الشؤون الصحراوية والإفريقية على أن الانتهاء من شروط تفعيل العمل بنظام الجهوية يمكن المغرب من حسم نزاع الصحراء، بل وينهي مزايدات خصوم الوحدة الوطنية بعدما أوصلوا ملف الصحراء إلى النفق المسدود. يذكر أن هذه الندوة الوطنية حول الجهوية المتقدمة، نظمتها جمعية الجهوية المتقدمة والحكم الذاتي بجهة الداخلة وادي الذهب، بشراكة مع اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية بوادي الذهب وبتعاون مع ولاية الجهة.