مرة أخرى تعيش مدينة تاملالت التي تبعد ب 29 كلم عن قلعة السراغنة، على إيقاع أزمة غير مسبوقة، ويتجلى ذلك في خدمات متوقفة ومشاريع مؤجلة هذا من جهة. وسط استفحال الخلافات والصراعات الواهية والدائرة بين كل من المعارضة وأغلبية المجلس البلدي للمدينة ذاتها، والتي أعادته شيئا فشيئا إلى الوراء من الغموض إلى المجهول. وكأنه حسم خياراته على أن تظل الأوضاع على ما هي عليه إلى حين انتهاء فترته المحددة والمتبقية من جهة ثانية. بدورها أطياف سياسية واجتماعية محلية، أكدت على أن وضع مدينتهم وصل إلى حد غير مقبول، حيث أثثت أكوام النفايات والأزبال الأمكنة، تفوح منها روائح جد كريهة تبعث على التقيؤ. في الساعات الأولى من الصباح، يتخلص منها أعوان الإنعاش التابعون للبلدية عن طريق الحرق. تغطي السماء سحب من الدخان تخنق الأنفاس وتتحول إلى خطر قائم يتهدد الصحة العامة، يتكرر نفس المشهد الصادم والباعث على الاشمئزاز على مدار اليوم. تفاعل الأزمة عكس لديهم قلقا متزايدا خوفا من خروج الأمور عن السيطرة. تقول شريحة عريضة من اليافعين والشباب من الجنسين، إن وضع هذه المدينة الواعدة أمر يصعب فهمه، تفتقر إلى جميع المرافق الترفيهية كدار للثقافة وملاعب رياضية. في حين دار الشباب الوحيدة بالمدينة، بنايتها شبيهة بزنزانة ضيقة تفتقر إلى أبسط التجهيزات الأساسية والضرورية. فمنذ سنة مضت وهي بدون مدير ، سبق وأن تلقوا مجموعة وعود من المندوب الإقليمي بمندوبية الشبيبة والرياضة والكائنة بالحي الإداري الجديد بقلعة السراغنة لمدهم ببعض الأجهزة الرياضية بما فيها تعيين مدير جديد للدار دون جدوى. ماذا تنتظر من مسؤول يقيم بعاصمة المملكة ولا يحضر إلى مقر عمله إلا مرتين في الأسبوع فقط ؟ إلا أنه بمجرد وصول خبر مفاده عزمهم تنظيم مسيرة على الأقدام صوب عمالة الإقليم، تدخل رئيس المجلس البلدي وباشا المدينة السابق اللذان قدما وعودا بحل الإشكالية ومناقشة القضية مع عامل الإقليم الحالي، مطالبين بمنحهم مهلة للقيام بذلك. مما أدخلهم في دوامة التأجيل إلى أن تم تنقيل الباشا ورئيس المجلس البلدي الذي اختفى، حيث تأكد لهم أنهما يكذبان عليهم. مقارنة الأمس باليوم لا شيء تغير، مجبرين على قضاء أوقاتهم في الفراغ، الملل يغرقهم لاقتناعهم بأن واقع الحال هذا لن يتغير. معظم أحياء وأزقة المدينة غارقة في الظلام الدامس وميزة الأمن تنتهي بعد الثامنة ليلا، تتحول أعمدة الإنارة العمومية المعطلة إلى أشباح قائمة. يلزم المواطنون منازلهم، فالخروج بالنسبة لهم لاقتناء حاجياتهم من وسط المدينة يعد مغامرة غير مضمونة العواقب. توجهت الجريدة إلى البلدية للحصول من رئيس المجلس على جواب ما جاء في تساؤلات المواطنين. واجهة المدخل الرئيسي للبناية لا تحمل دلالة أو إطارا يوضح للوافدين عليها على أنها إدارة، حيث تحول الباب إلى إقامة دائمة ل 18 عنصرا من العاطلين، كاحتجاج منهم على تهرب رئيس المجلس البلدي من وعوده بتوظيفهم. بدعوى أن البلدية تتوفر على 35 منصب شغل شاغر. يتدخل باشا المدينة وعامل الإقليم على الخط، واعدين إياهم بتوظيف البعض ومنح البعض الآخر رخص النقل المزدوج وأكشاك، مضت عليهم 10 أشهر وهم ينتظرون تحويلها إلى حقيقة، إلا أن شيئا من ذلك لم يتحقق، و«كأننا نصيح في الفراغ» يقول أحدهم. في حين تحتل متلاشيات وسيارات معطلة بهو البلدية، وكأنك وسط ورشة لإصلاح السيارات، ومكتب الرئيس مغلق. إلا أن مصدرا من داخل الجماعة، أكد أن الميزانية المالية المتعلقة ب 2012 تم رفضها ثلاث مرات. رئيس المجلس البلدي منذ شهر مارس الماضي لم تطأ قدماه مجلس الجماعة. باشا المدينة هو الذي يقوم مقام الرئيس بتنظيف وسط المدينة. هناك مشروعان، مركب تجاري ومركب سوسيورياضي لا يفصل بينهما وبين مقر البلدية على الطريق الرابطة بين تاملالت ومراكش، موجودان على الأوراق فقط. تم بناء مرآب بلدي بالقرب من السوق الأسبوعي بغلاف مالي مهم وبالرغم من الانتهاء من أشغاله لم يستغل حتى الآن، أما مسؤول من داخل عمالة الإقليم، فيؤكد على أن الملفات المتعلقة بالعاطلين جاهزة لا ينقصها إلا التأشير عليها، إن أن تأجيلها كان على إثر خوضهم المباريات الأخيرة للجماعات المحلية في انتظار النتائج.