قبل أشهر قليلة قام الشاب «إلياس لخريسي» الملقب بالشيخ سار بتصوير نساء متبرجات في الشارع العام، وذلك في محاولة منه لكسر طابو دأبت وسائل الإعلام على إخفائه، وهو تحرش النساء بالرجال، فقام بتصوير فتيات بلباسهن الفاضح والمثير للشهوات، ثم رجع بعد ذلك إلياس واعتذر للرأي العام وللفتيات اللاتي صورهن، لأنه اكتشف أنه قد وقع في محظور شرعي استوجب منه التوبة إلى الله، والاعتذار لمن يكون قد ألحق بهم الأذى من الخلق. وكان عمل إلياس حينها قد أحدث نقاشا وجدلا؛ وحرك برنامجه نسوة «مناضلات» «غيورات»!! لا تغادرن الشارع ولا تكف حلوقهن المبحوحة عن المطالبة ب«حقوق المرأة» وترديد عبارات من قبيل «هذا عيب هذا عار النساء في خطر». فبادرن بسرعة «الأرنبات» إلى شجب ما قام به إلياس من سلوك عنصري مستفز ينم عن عقلية ذكورية محضة مست بكرامة وسمعة المرأة المغربية، فطالبن دون خوف أو تردد أو وَجَل بنصب محاكم التفتيش لإلياس، وسوقه مكرها إلى القضاء ليلقى جزاء سلوكه الذي أهان به المرأة المغربية ومس بصورتها، وقد حظيت حركتهن الاحتجاجية بتغطية إعلامية من قبل القناة الثانية 2M في وقت الذروة من خلال إعداد تقرير إخباري! هذا علما أن إلياس قد قام خلال برنامجه على اليوتيوب بإخفاء وجوه النساء اللاتي قام بتصويرهن، بل ضبب مؤخراتهن أيضا، ولم تظهر أي معالم تدل على شخصية النساء المصورات، لكنه رغم ذلك فقد أهان المرأة ومس كرامتها وفق النسويات عاليات الصوت. أما ما فعله اليوم المخرج المثير للجدل نبيل عيوش في فيلمه الإباحي (الزين اللي فيك)، والذي اتفق القاصي والداني -ممن لم يمسهم شيطان العلمانية- على شجبه، فهو بالنسبة لهؤلاء النسوة أنفسهن: حرية تعبير وفن وسينما وإبداع... و«عمل لا يتعارض مع المواثيق الدولية وحقوق الإنسان»، كما عبرت خديجة الرياضي الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وأن عيوش «لم يقم سوى بنقل وتصوير واقع مزر» كما قالت فوزية عسولي رئيسة فدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة، وأن منع فيلمه بدعوى المس بكرامة المرأة المغربية وسمعتها، يحيل إلى «تصاعد فكر فاشستي، لا يقبل الاختلاف، ويدفع نحو تشديد المراقبة، والحجر على كل شيء، بما في ذلك السينما»، كما أن كل هاته «الهستيرية الجماعية على الفيلم: تحرض على القتل، والعنف والكراهية، وأن الأعمال الفنية لا يجب أن تخضع لمنطق الأخلاق والقانون» كما صرحت بذلك ممثلة البام والرئيسة السابقة لجمعية بيت الحكمة خديجة الرويسي. فتصوير المرأة المغربية من أجل التنديد والتحذير من نوع معين من اللباس وكسر طابو التحرش المتواصل للنساء بالرجال عودة إلى عصر محاكم التفتيش، وقراءة في النوايا، وهستيريا جماعية، يتعين أن يحاكم من يقوم بها، أما من يسوق هذه المرأة نفسها وطنيا ودوليا على أنها عاهرة وبائعة هوى، ويسيء إلى قيم المجتمع، ويمس بصورة المغرب في الداخل والخارج، ويطبع مع نموذج قيمي دخيل، ونظرة مادية للكون والحياة والإنسان، فهذا فن وإبداع وعمل راق لا يخالف حقوق الإنسان. خلاصة القول الفيلم الإباحي (X) لعيوش؛ ورغم كل الجهود التي بذلها التيار اللاديني المتطرف من أجل التسويق له، وتبرير مضمونه ورسالته، فقد لقي رفضا ولفظا مجتمعيا، بل وفنيا أيضا؛ حيث عبر الناقد الفني والكاتب المسرحي المعروف، الدكتور عبد الكريم برشيد، الذي شغل سابقا رئيس لجنة دعم الإنتاج السينمائي قائلا: «كيف للحداثة المتوحشة أن تناضل لعقود من أجل كرامة المرأة، وتأتي لتعلن ضدها هذه الهجمة الشرسة.. فيلم عيوش يشكل اعتداء على صورة المرأة المغربية، ويؤشر على قبح فني غير مقبول». فالقبيح يبقى قبيحا ولو زينوه بمساحيق العلمانية.. والجميل يبقى دوما جميلا يتذوقه ويستعذبه ويتلذذ به من لم تلوث فطرته بدخان اللائكية.. [email protected]