بداية أوجه رسالة عتاب إلى إلياس الخريسي، المشتهر باسم الشيخ سار؛ لأنه أهان بشكل فجّ وغير مقبول النموذج القيمي الذي تقدمه 2M، وأزرى بنموذج المرأة المغربية التي تسعى القناة المذكورة عبر مختلف البرامج -إن لم يكن كلها- أن تسوق له؛ فالبرامج والحوارات واللقاءات والمهرجانات المنقولة مباشرة، ولا ننسى طبعا الأفلام والمسلسلات المكسيكية والتركية واللبنانية ووو... كل هذه الترسانة الإعلامية تشجع المرأة وتغريها وتدعوها بإلحاح كي تكشف خصرها وتحجم مؤخرتها وصدرها، وتسدل شعرها، وتفرغ قبل أن تغادر بيتها قارورات من مواد التجميل والعطور، لتكون بذلك في كامل زينتها وفي قمة الإثارة والجاذبية للجنس الآخر. لقد شارفت شركة صورياد دوزيم على الإفلاس بسبب الإسراف الكبير على برامج الشباب وبناء «أستوديو 1200»، من أجل تغيير القناعات الفكرية والسلوكية للشباب؛ وواجهت القناة حملات استنكار واسعة واستمرت في عملها وتسويق منتوجها. أبَعد كل هاته الجهود والمعاناة يأتي شاب في مقتبل العمر ليعكر صفوها ويفسد مشروعها ويشوش على من اقتدى بنموذجها؟! أكيد أن هذا الشاب الذي وصل عدد مشاهدات مقاطعه على اليوتيوب أكثر من 9 مليون مشاهدة، وتحظى برامجه الدعوية الجديدة بمتابعات كبيرة، لن يكون حظه أفضل من حظ عدد من الدعاة والمصلحين والعلماء الذين حرَّضت القناة السلطات ضدهم ومارست عليهم الإرهاب الإعلامي؛ لكونهم سوقوا لمنتوج فكري مخالف، يمتح من منظومة تناقض المنظومة العلمانية التي تتبناها 2M. لقد ارتكب إلياس جريمة نكراء حين أهان المرأة وركز قمرته على عضو في جسدها يجب أن يتسامح ويتعايش معه بشكل طبيعي، فما معنى أن ينقل ما يشاهده كل يوم في الشارع العام والأزقة والدروب، والإدارة والمدرسة، وفي البر والبحر؟ هذا أمر خطير يجب أن يوضع له حدّ، وأن يعاقب صاحبه أشد أنواع العقوبة. وهو ما تحركت لأجله نسوة غيورات «مناضلات»؛ لا تغادرن الشارع ولا تكف حلوقهن المبحوحة عن ترديد «هذا عيب هذا عار النساء في خطر»، فبادرن إلى شجب ما قام به إلياس من سلوك عنصري مستفز ينم عن عقلية ذكورية محضة، فطالبن دون خوف أو تردد أو وَجَل بمحاكمة إلياس لخريسي. إنه المسلسل نفسه يتكرر في كل مرة؛ الجمعيات تندد، والإعلام يطبل، والأحزاب السياسية تطالب الوزير المعني بتحريك المسطرة، لكن الغريب في الأمر أن هذه المسطرة لا تتحرك إلا في اتجاه واحد ووحيد، وكأن مسارها أصابه الصدأ. يجب أن نعلم ابتداء أن رئيسة فدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة هي فوزية عسولي التي سبق وطالبت بإلغاء نظام الإرث الشرعي، وكانت الورقة التي تم تحريكها لإثارة ما سمي حينها بقضية «زواج الصغيرة» وأغلقت بسببها أكثر من 67 دارا للقرآن الكريم، وهي شخصية معروفها بنزقها و«خفتها»، ومن جمعه بها لقاء في مؤتمر أو ندوة يعلم ذلك جيدا. وهاته الكائنة الحية ومثيلاتها مطالبهن محفوظة عن ظهر قلب، وهي لا تخرج عن حق المرأة في اعتقاد ما تشاء، ولبس ما تشاء، والتعبير عما تشاء، ومعاشرة من تشاء، ومضاجعة من تشاء، والزواج بمن تشاء لكن ليس وقت ما تشاء، والأكل والشرب وقت ما تشاء (في رمضان وغيره)، وأن ترث بالطريقة التي تشاء... أما المحامي الذي كلف برفع القضية الخاسرة من بدايتها ضد إلياس فلا يليق صراحة التعليق على كلامه؛ لأن توجيه الكاميرا صوبه ربما أصابه بدهشة أو رعشة أو ارتجاج، فطاشت كلماته يَمنة ويَسرة، وجاءت عباراته لا تدل على معنى وإنما هي لملء الفراغ فقط، وحضور الوجه القانوني. إن إلياس في حلقته الأخيرة لم يضبب وجوه النساء اللائي تم تصويرهن بل ضبب مؤخراتهن أيضا، ولم تبد أي معالم تدل على شخصية النساء المصورات، لكنه رغم ذلك فقد أهان المرأة ومس كرامتها وفق مرجعية النسويات، وأما ما تبديه 2M من مؤخرات النساء وأفخاذهن وكافة أجسادهن باستثناء العورة المغلظة؛ وما تبثه وتنشره من وضعيات مخلة على الفراش وغيره فهذا تسامح مع جسد المرأة وحفاظ على كرامتها ووضع طبيعي يجب القبول به ولا يحق لأحد إنكاره. لقد مللنا وهرمنا من هذه المسرحيات البليدة والفرقعات الفارغة، ومن الإرهاب الفكري والنقاش العدمي للمنتمين للتيار العلماني، فلكَم طالب أصحاب هذا الفصيل الرجعي الظلامي بمناقشة الأفكار والبعد عن الأشخاص، والتطرق للمضمون والجوهر بدل الظاهر، لكنهم اليوم يقفون عاجزين عن تحليل ظاهرة التحرش والأخذ بعين الاعتبار لكل أبعادها، ويصرون على إعفاء المرأة التي تخرج عارية وتبدي كل تضاريس جسدها من المسؤولية، وعلى مطالبة الرجل بالجمود الجنسي وعدم إبداء أي ردة فعل حين تعرضه للإرهاب الجنسي، صراحة إنهم لا يخاطبون إنسانا وإنما آلة أو جمادا. نحن ضد التحرش؛ لكننا واقعيون في تحليل ظاهرته، ونعمل عقولنا ولا نغلق أعيننا ونحن نناقش موضوعه، ونؤكد أن كل ما يسعر الشهوة من الجنسين معا يزيد من استفحال الظاهرة، وما لم تلتزم المرأة بلباس حشمة والوقار، والرجل بغض البصر والخلق الشرعي فإن معدلات التحرش ستستمر في الارتفاع.
وأؤكد في الختام أن بناتنا وأخواتنا اللائي يخرجن إلى الشارع وهن كاشفات لعوراتهن مغرر بهن من طرف إعلام مضلل وأصحاب فكر مادي يتمحور حول الإنسان ويلغي الإله، وما أسرع عودة هؤلاء النسوة إلى الحق لو تمكن دعاة الفضيلة من تقديم رسالة إعلامية هادفة وقوية، وعرضوا رسالة الله على منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وامتثلوا ذلك قولا وعملا.