مكن للمتتبع للشأن السياسي بالمغرب أن يلاحظ عبر مختلف المنابر الإعلامية وتيرة التجاذبات القائمة حول مآل نتائج الاستحقاقات المقبلة التي تضع حزب العدالة و التنمية على رأس الفائزين بأغلبية الأصوات في الانتخابات التشريعية ليوم الجمعة المقبل و تتنبأ بإعادة سيناريو تونس. إلا أنه من الواجب توضيح حقيقة الأمور و إزالة كل لبس فيما يخص نتائج هذه الاستحقاقات. فبالنظر لنظام التقطيع الانتخابي المتبع بالمغرب، فلا يمكن لأي حزب الظفر بالأغلبية المطلقة و بذلك فإن النتيجة النهائية ستفرز لا محالة تقاسم أربعة أحزاب كبيرة و معروفة للمراتب الأولى دون التكهن بمن سيفوز بالمرتبة الأولى. كما أن خيارات التحالف هي التي ستحدد معالم الحكومة الجديدة التي ستقود البلاد في المرحلة المقبلة. فيما يخص حزب العدالة و التنمية يجب الإشارة إلى أنه و عبر المحطات السابقة في سنوات 2003 و 2007 و 2009 لم ينجح في تجاوز نسبة 46 مقعدا رغم نسب التصويت العالية التي أحرز عليها كونه حزب جديد آنذاك يحظى بقبول شريحة كبيرة من المغاربة. كما أن الظرفية الحالية التي يمر بها العالم العربي و التي أضافت شحنة للحزب المحسوب على الإسلاميين و الذي شبهه البعض بحزب النهضة التونسي جعلته يتطلع لتحقيق الفوز على شاكلة نظيره التونسي. إلا أنه نسي الخلافات التي عصفت به أياما قبل البدء بالحملة الانتخابية و التي أبانت على اختلالات كبيرة في مكونات هذا الحزب و الصراعات المتأججة بين أطره للظفر بمقعد في قبة البرلمان. كما أنه لا يخفى على أحد الضعف الذي أبان عنه حزب المصباح في بلورة برنامجه الانتخابي في المجالين الاقتصادي و الاجتماعي حين طرح أرقام بعيدة كل البعد عن الواقع السياسي و الاقتصادي للمملكة و الظروف الصعبة التي يعرفها الاقتصاد العالمي. نقطة أخرى لا تلعب في صالح حزب العدالة و التنمية و هي الموقف المعلن إزاء التنصيص على إقرار الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب العربية في الدستور الجديد و الذي جلب للحزب سخط الجمعيات و الهيئات المدافعة عن هذه اللغة، و بذلك ضيع حزب المصباح و أمينه العام عبد الإله بنكيران أصوات مهمة لهذه الشريحة العريضة من الشعب المغربي، مما ينم مرة أخرى عن محدودية في التعامل مع الظرفية الراهنة.