لست هنا في حاجة إلى نقل ردود الأفعال وانطباعات مختلف شرائح المجتمع الناظوري حول التغيير الذي عرفته عمالة إقليمالناظور بتعيين عامل جديد عليها خلفا لابن الريف الذي يتميز بقيم وخصال أهلته ليكون مقبولا عند عامة الناس وهو المتشبع بالتواضع، والإنصات إلى الآخر وأظن أن هذا عطره المفضل الذي كان يستمد منه نشاطه وحيويته. السيد العاقل بنتهامي لمست فيه ساكنة الإقليم النزاهة والتجرد والاستقامة وعدم الرضوخ لخفافيش الظلام ولا للانتهازيين الذين يتلاعبون بثقة الناخبين ..كيف لا وهو من مواليد قلب منطقة الريف الحسيمة..وماذا ننتظر من أبناء هذه المنطقة غير هذا السلوك وهذه المواقف..؟ ثقافة واسعة ..إنسان متمكن..محلل لمختلف القضايا والمواضيع ..مؤمن بشخصيته أشد ما يكون الإيمان..الجلوس معه يعني الاستفادة وتوسيع المدارك المعرفية..رجل اللقاء المشترك بين الأجيال والطبقات والإيديولوجيات..إنسان فضل الاشتغال بهموم الناس وأفكارهم ونوازعهم الداخلية وبؤسهم وفقرهم.. تعيين السيد العاقل بنتهامي على رأس عمالة الناظور من لدن جلالة الملك محمد السادس جاء في ظروف جد صعبة كان الإقليم يعيش على غضب كبير وتذمر واسع من جراء السياسة الفاشلة التي كان ينهجها عبد الوافي لفتيت مشرد العديد من الأسر وواضع أحجار المقابر بشارع محمد الخامس والمشرف على الغش الذي طال المشاريع التي أعطيت انطلاقتها بالناظور في عهده والصور التي نحتفظ بها في الأرشيف تبقى شاهدة على تورطه في هذا الغش مادام صامتا ولم يحرك ساكنا ، ونظمت المدينة أكثر من وقفة ضده وتوجت بمسيرة شعبية نددت بسلوكات العامل لفتيت الذي ظلت أبواب العمالة في عهده مغلقة في وجه المواطنين خصوصا منهم الفقراء إلى أن تم ترحيله من هذا الإقليم وتعويضه بالعاقل بنتهامي ليعيد الثقة للمواطنين ويجعل أبوابه مفتوحة في وجه الجميع ويفتح علاقات مبنية على الاحترام المتبادل مع مختلف الهيآت السياسية والنقابية والجمعوية التي تكن له كل الاعتزاز والتقدير، وهو تقدير نابع من الوعي بذلك الارتباط العضوي لهذا الإنسان بهموم وقضايا المواطنين وإنصاته لمعاناتهم وإدراكه لانشغالاتهم .. هكذا كانت تسير الأمور في هذا الإقليم وشكل الجميع أسرة واحدة همها الوحيد هو خدمة الإقليم وتنميته ليواكب مسيرة باقي مدن وأقاليم المملكة..لكن يبدو أن هناك من يعاكس إرادة المواطنين وهناك من يسعى جاهدا إلى إقصاء كل أبناء المنطقة وتسخير جهات معينة للتشهير بهم والإساءة إليهم حتى يخلو الجو للذين اعتادوا الصيد في الماء العكر ولايؤمنون بانصاف المخلصين العملين بنكران الذات... للعاقل بنتهامي أقول وبشجاعة أدبية: بالأمس أبكيت ساكنة الصخيرات اتمارة وسالت الدموع في القاعة وهي تودعك لتلتحق بالناظور اثر الثقة المولوية الكريمة التي حضيت بها من لدن صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله..واليوم تبكيك ساكنة الناظور ..وتفتقدك العديد من العائلات التي واسيتها في أحزانها وكنت خير من وقف بجانبها حتى تخفف عليها هول المصاب ..سيتذكرك المصابون في حوادث السير لأنك كنت أول من يصل إلى مسرح الحوادث وتستعمل هاتفك النقال للتعجيل بوصول سيارة الوقاية المدنية ثم تحرك الطاقم الطبي للالتحاق بقسم المستعجلات لتقديم الإسعافات والعلاجات لضحايا حوادث السير..سيتذكرك أولائك اليتامى والمحتاجين من نزلاء الجمعية الخيرية الإسلامية بالناظور وأنت الذي قلت لرئيس هذه الأخيرة وبالحرف الواحد "سأقدم لكم كل العون والدعم متى تأكد لي أن هؤلاء النزلاء يحسون بالرعاية والعنايةلأن هذه الشريحة عزيزة على كل مغربي وتحضى بعناية أبوية فائقة من لدن جلالة الملك محمد السادس حفظه الله.."....سيتذكرك إخواننا المقيمين بديار المهجر وأنت كنت تتواصل معهم بلغتهم الأمازيغية قبل ترسيمها في الدستور الجديد للمملكة..ستتذكرك تلك الحشود الغفيرة من ساكنة براقة اثر الحريق الذي شب في إحدى المنازل وذهب ضحيته أفراد أسرة في مشهد مؤلم وأنت حاضر بشخصيتك القوية وسطهم ولمست ما تكنه لك الطبقات الشعبية من احترام وتقدير..ستتذكرك حركة الطفولة الشعبية وأنت كنت حريصا على الحضور بجانب الأطفال وهم ينظمون مهرجانات المسرح..ستفقدك قاعة المركب الثقافي وأنت دائم الحضور فيها بجانب المثقفين والأدباء والعلماء والممثلين المسرحيين..المرأة الناظورية ستتذكرك باعتزاز لأنها كانت دائما محط تقدير وتشجيع من طرفك أيها العاقل..الأسرة الإعلامية بالمنطقة التي كنت تلح عليها لتكون عامل البناء والتنمية ستتذكرك بافتخار كبير..الأسرة الرياضية ستفقد فيك خير معين وأنت كنت قد شرعت في الإعداد لحفل تكريم كبير لبطل الملاكمة السيد ميمون مختارالذي أهمله الجميع.. وسهرت الليالي من أجل إعداد مشروع المجلس الإقليمي للرياضة والثقافة والذي كنت حريصا على إخراجه إلى حيز الوجود مع متم شهر ماي الحالي..سيتذكرك طلبتنا الأجلاء من حفظة كتاب الله بمعهد الإمام مالك بأولاد ابراهيم وأنت قد قاسمتهم مأكلهم ومشربهم..وسيتذكرك مكانك بمسجد حي الفطواكي الذي كنت دائما حريصا على أداء صلاة الجمعة فيه وتتبع خطبة الإمام بتركيز كبير ومساجد أخرى بالاقليم..سيتذكرك المجتمع المدني وأنت بفضل نهجك لسياسة القرب والنزول إلى مختلف الأوساط الاجتماعية والاستماع إليها ، استطعت تشخيص أولوية مطالب الساكنة ثم برمجة مجموعة من المشاريع..أعدت للإقليم استقراره وهدوءه.. النجاح الذي حققته في الناظور أغضب الذين لازالوا يكنون العداء للريف ولأبناء الريف..ومع ذلك أقول يكفيك انك تنحدر من أسرة متواضعة ومن مدشر عزيز على أبناء الريف" تماسينت" تلقيت فيها دراستك الأولى وأنت تقطع الكيلومترات من أجل الدراسة والتحصيل لتكون من بين أطر هذا الوطن مخلصا له ولملكه الهمام وتساهم من موقعك في تنميته وبناءه .. هذا ما لمسه فيكم أبناء إقليمالناظور منذ تعيينكم من لدن جلالة الملك ، ولأن هناك من يعاكس إرادة الساكنة ويفضل الدخول في حسابات سياسية ضيقة لخدمة أجندة جهة من الجهات ولو على حساب مصالح المواطنين ، ها أنت تغادر موقع المسؤولية في هذا الإقليم ولكنك ستبقى واحدا من أبناءه ومن أبناء الر يف..وأكيد ان التواصل مع منطقتك سيبقى قائما الى ان يرث الله الارض ومن عليها وهو خير الوارثين ولا أحد في استطاعته أن يزايد عليك في حبك للمنطقة التي ترعرعت فيها..