خلال السنوات التي قضاها في رئاسة الحكومة الإسبانية، كان خوسي ماريا أثنار ينظر إلى المغرب باحتقار كبير، فهو الجار المتخلف الذي ابتلت به الجغرافيا إسبانيا، التي ناضل من أجل أن يعيد إليها تاريخها الضائع.. كان سياسيا بفكر قروسطي يجسد المحارب الإسباني الذي يرى في المسلم، وخصوصا المغربي، عدوه الطبيعي الذي يجب هزمه وإذلاله، لذلك كله لم يطق أثنار مطالبة المغرب مجددا بفتح حوار حول المدينتين المحتلتين (سبتة ومليلية)، وصب جام غضبه على الحكومة الاشتراكية التي جر سوء تدبيرها البلاد إلى الأزمة الاقتصادية. لذلك فأثنار يعتقد أن المغرب تجاسر على إسبانيا بسبب الأزمة الاقتصادية وإحساسه بأنها صارت دولة مهيضة الجناح.. إنه الإحساس الذي لا يستطيع أن يصبر عليه أثنار، الذي قام بكل شيء حتى تكون إسبانيا في مصاف الدول العظمى ومن أجل أن يعيد لها مجدها الغابر. كان أثنار يهدف إلى احتقار المغرب عندما حرك الجيش الإسباني في «غزوة» جزيرة ليلى، لذلك أمر باعتقال دركيين عزلا ليعيد تسليمهم إلى المغرب بطريقة مهينة. واحتفالا بهذا النصر علق أثنار لوحة ضخمة في مكتبه بالمونكلوا تخلد للجنود الإسبان وهم يضعون العلم الإسباني على الجزيرة، وهي الصورة التي فوجئ ثباتيرو عندما شاهدها بعيد فوزه لأول مرة في الانتخابات. واليوم يرى أثنار أن كل ما بناه سابقا ينهار تماما، وصار المغرب يتجاسر على إمبراطوريته التي كانت حاضرة إلى جانب القياصرة في اجتماع الأثور، الذي أعلن بداية ربيع الديمقراطية في العراق بعد الإطاحة بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين. ولخص أثنار إحساسه العميق بالإهانة المغربية قائلا: «الضعف يدفع إلى التجرؤ، وأنا لا أحب أن أدفع أيا كان إلى التجرؤ علي بضعفي»، هذه هي العبارة التي قالها أثنار لإذاعة «كادينا كوبي» المقربة من الكنيسة. ذات يوم، قال أثنار إنه أراد أن يخرج إسبانيا من ركن التاريخ، وكان من بين الردود الذكية على مقولته ذلك الذي صدر عن المنسق السابق لحزب اليسار الموحد، الذي أجابه بأنه فعلا أخرج إسبانيا من ركن التاريخ، لكنه حشرها مع ماعز جزيرة ليلى. الإحساس بالضعف والحكرة لم يكن حكرا على أثنار، بل تجاوزه إلى بعض الصحف الإسبانية التي وجدت في المطالبة المغربية بفتح حوار حول المدينتين المحتلتين استعادة لأجواء الضعف الإسباني التي رافقت وفاة الجنرال فرانكو واستغلال الملك الراحل الحسن الثاني لتلك اللحظة التاريخية من أجل تنظيم المسيرة الخضراء، بل إن البعض ذهب إلى حد تخمين ما إذا كان المغرب يفكر فعلا في تكرار سيناريو المسيرة في قضية سبتة ومليلية.. الإحساس بالحكرة عميق لدى العديد من الإسبان الذين سمعوا المغرب يتجاسر مرة أخرى على دولتهم، ويحملون مسؤولية كل ذلك إلى ثباتيرو، الذي أوصل البلاد، في رأيهم، إلى الحضيض وأعادها إلى ركن التاريخ.