صفعة جديدة تلقتها إسرائيل من حزب الله. صفعة مدوية على الوجه مباشرة، حتى إن صدى رنينها يتردد اليوم على أسماع العالم أجمع. عندما يقرر حزب الله أن يضرب إسرائيل، فإن ضرباته غالبا ما تكون موجعة وفي مقتل، والضربة هذه المرة، ككل مرة، استهدفت الجيش الإسرائيلي، الذي تحاول تل أبيب تنقية وجهه الذي مرغ في التراب خلال حرب العام 2006. حزب الله هذه المرة لم يهاجم مواقع إسرائيلية ولم يختطف جنودا إسرائيليين، كما وقع خلال الحرب الأخيرة على لبنان، التي كلفت هذا البلد دمارا كبيرا، وإزهاقا لأرواح الآلاف، وإن أحرجت إسرائيل وجعلتها تعترف في تقاريرها المختلفة بأنها دخلت حربا لم تعرف كيف تخرج منها. قطعة العيار البديلة التي استخدمها حزب الله في المعركة الحالية، وهي معركة تجسس بالمناسبة، امرأة افتراضية، استطاع بواسطتها أن يحصل على معلومات ثمينة عن الجيش الإسرائيلي، دون أن يتأكد الإسرائيليون أن الذي يقف وراء العملية هو حزب الله فعلا، وإن كانت شكوكهم تتجه بالدرجة الأولى، رأسا، إلى أتباع الشيخ حسن نصر الله. القصة كما ترويها صحيفة «دير شبيغل» الألمانية، نقلا عن موقع إسرائيلي، تجري أطوارها على الموقع الاجتماعي العالمي «الفايس بوك»، وبطلتها امرأة افتراضية، تحمل اسم «روث زوكرمان»، استطاعت أن تقنع حوالي 200 جندي واحتياطي إسرائيلي بأن يكونوا أصدقاءها على «الفايس بوك». إلى هنا، لم تصل بعد الإثارة إلى ذروتها، ذلك أن هذه المرأة الافتراضية استطاعت أن تحصل من هؤلاء الجنود والاحتياطيين على معلومات سرية عن الجيش الإسرائيلي. قدم الجنود الإسرائيليون بسخاء كبير، وعلى طبق من ذهب، للمرأة الافتراضية معلومات ثمينة، عن أسماء الجنود واللغة الخاصة المتداولة في ما بينهم والرموز السرية المستعملة في الجيش الإسرائيلي، وأوصافا دقيقة عن الآليات العسكرية الإسرائيلية. واستمرت المرأة الافتراضية في لعبتها الخطيرة لعام كامل، قبل أن ينتبه الجنود إلى أن هذه المرأة تملك خاصية تميزها عن غيرها، إنها تملك أكبر عدد من الجنود الإسرائيليين في لائحة أصدقائها. عندها فقط أخبروا قيادتهم، التي شرعت في إجراء تحقيق في الموضوع، لكن أصحاب الصفحة على الفايس بوك أغلقوها وتواروا عن الأنظار، وكأنهم على علم أيضا بأطوار التحقيق. ويتزامن تسريب هذا الخبر مع قيام إسرائيل بمناورات عسكرية تستمر إلى غاية يوم غد الأربعاء، تحسبا لتعرضها لهجمات بالصواريخ المحملة برؤوس غير تقليدية من جنوب لبنان، أو من سوريا أو من قطاع غزة أو من إيران، أو من هذه الدول مجتمعة. تقول إسرائيل إنها مناورات روتينية تجرى كل عام، لكن العارفين بسياساتها يجزمون أن هذه الدولة لا تنتهي من حرب حتى تشرع في الإعداد للحرب القادمة، خصوصا إذا كان يقودها اليمين المتطرف، كما هو الحال الآن مع بنيامين نتانياهو، الذي يجيد فن إشاعة أجواء من الخوف لتبرير مغامراته الجنونية، التي غالبا ما تنزف فيها الكثير من الدماء. وقع هذا في دولة يملك جيشها وحدة خاصة باستخدام المواقع الاجتماعية على الإنترنيت ، «الفايس بوك» و«التويتر» و«مايسبيس»، ووزع قبل زمن ليس بالبعيد آلاف الرسائل على الجنود يحذرهم من مخاطر التجسس عليهم في هذه المواقع، بل يستخدم هو نفسه هذه المواقع لاستقطاب جواسيس فلسطينيين ولبنانيين، كما ذكرت ذلك جريدة «الشرق الأوسط» في أحد أعدادها السابقة. بمعنى أن جنود دولة إسرائيل لا يتبعون تعليمات القيادة العسكرية الإسرائيلية، خاصة إذا كان الطعم امرأة، حتى لو كانت امرأة افتراضية.