أردناه حوارا ساخرا يعكس شخصية «الدكتور غلالة» على المسرح، لكن الحديث مع حسن الفذ سرعان ما أخذ طابعا جديا، خاصة أن الكوميدي المغربي حرص طوال الحوار على تقديم أجوبته بلغة عربية سليمة تتخللها بين الحين والآخر جمل بالدارجة. في الحلقة الأولى يتحدث الفذ عن علاقته بالسياسة ورأيه في الأحزاب الوطنية وتقييمه لعمل وزارة الثقافة. في هذه الأثناء يقدم الوزير الأول التصريح الحكومي (الحوار أجري يوم الاثنين الماضي) هل لك علم بالأمر؟ حسب علمي، فإن الوزير الأول عباس الفاسي سيقدم اليوم التصريح الحكومي، لكن لا علم لي بمضمون التصريح. هل أنت متتبع للأحوال السياسية الوطنية؟ ليس لدي تتبع دائم، يمكن أن تقول بأن هناك تتبعا يعرف بعض التقطع، أعرف أن تقديم التصريح الحكومي هو تقليد سنه الوزير الأول الأسبق عبد الرحمان اليوسفي وسار على دأبه الوزراء الأولون الذين تلوه. يعيب عليك بعض الملاحظين أن أعمالك تكتفي بالتطرق إلى الأحوال الاجتماعية وتتجنب النقد السياسي؟ أعتقد أن المشاكل المتعلقة بالمجتمع أعمق بكثير وهي أكبر من المشاكل التي تطرحها السياسة، ولا ننسى أن السياسة ولمدة عقود كانت موضوع تفكه، بل يمكنني القول بأنها أصبحت موضوعا متجاوزا، فلا يمكنني مثلا القول أكثر مما قال بزيز. فبخصوص المواضيع السياسية والحكومة، لا يمكن أبدا أن أقدم إبداعات أفضل من تلك التي قدمها هذا الفكاهي المتميز، لهذا يجب بالفعل البحث عن زاوية معالجة جديدة. شخصيا، قررت منذ اليوم الأول أن أبتعد عن المواضيع السياسية وعن الحديث عن السياسيين والوزراء والبرلمانيين، لأنه تم تناول هذه المواضيع بكثرة . ما رأيك في النقاش الدائر حول مشاركة الفنانين في التجمعات السياسية؟ هناك رأسمال مودة يكسبه المشاهير، وهذه حقيقة علمية. وهذا الرأس مال يسترجع من خلال تعامل السياسيين مع الفنانين، وأنا لست ضد ذلك لأن هذا يتم العمل به في جل الدول الديمقراطية، فدائما المشاهير من فنانين ورياضيين يتموقفون هنا وهناك حسب المرجعيات السياسية في بلدهم، وهذا شيء جيد وأنا أشجع الفنانين الذين يتخذون مواقف سياسية لأننا معنيون بالسياسة، لكن يجب علينا فقط أن نمارسها بذكاء، وليست هناك قاعدة وشرط قدري يجبر الفنان على الالتزام بخط سياسي معين، ويجب علينا أن نحترم خيارات كل واحد في هذا المجال. معنى هذا أنك تتعاطف مع تيار سياسي معين؟ لم أعلن انتمائي إلى أي تيار سياسي أو إيديولوجي، قد أعلن عن ذلك قريبا لكنني أؤكد الآن أن لدي قناعات إنسانية ومؤمن جدا بالديمقراطية وبحقوق الإنسان وبضرورة الحفاظ على كرامته.. هذه هي قناعاتي، وكل سياسي يأخذ بعين الاعتبار كرامة الإنسان وحقه في اختياراته الفردية والاجتماعية فهو السياسي يمثلني. هل تصوت في الانتخابات؟ نعم أشارك في عملية التصويت. ما هو الحزب الذي منحته صوتك في الانتخابات الأخيرة؟ ليس من الضروري الإعلان عن ذلك وإلا فإنه لا داعي إلى الدخول إلى المعزل عند القيام بعميلة التصويت. على كل، فإنه من الصعب في المغرب التصويت على حزب وفق برنامجه الانتخابي، لأن الأحزاب تقدم برامج متشابهة، حيث إن الخيوط السياسية والإيديولوجية أصبح تعرف تداخلا، لهذا فإنني أختار التصويت على الأشخاص الذين يظهرون حبهم لبلدهم بشكل ذكي وليس بشكل عاطفي. هل تم استدعاؤك من طرف إحدى الهيئات السياسية؟ لقد تم استدعائي من طرف مجموعة من الأحزاب التي أشكرها بهذه المناسبة، حيث تم استدعائي للحضور إلى تجمعات أو من أجل المساندة أو طلبوا مني الترشح باسمهم، وقد يستغرب البعض إذا علم أن الدعوات وجهت إلي من جميع أطياف المشهد السياسي المغربي، ومن المحتمل جدا أن أترشح يوما للانتخابات. تميز المغرب بتولي فنانة لمنصب وزاري وبعد ذلك كاتب، هل تتخيل نفسك وزيرا؟ أنا تنبغي بلادي بزاف، باش نولي وزير شي نهار لا أقوى على ذلك. هل هذا يعني أنك سترفض المنصب لو عرض عليك يوما؟ لا، لا يجب أن يفهمني البعض خطأ، فأنا لا أقصد التقليل من قيمة الوزارة، لكن يمكن القول أنه تعوزني الكفاءة للوصول إلى هذا المنصب، فأشد ما ينقصني هو التخطيط العقلاني الذي يستوجب الوصول إلى هذه المناصب. بخصوص وزارة الثقافة كيف ترى عملها وسياستها في الميدان الفني؟ وزارة الثقافة لا حل لها إلا البريكول فباستثناء العمل الذي قام به الأشعري لم يتم إنجاز أشياء كثيرة، ويجب في المغرب أن نتحلى بثقافة الاستحقاق، أحب من أحب وكره من كره، ربما يتعلق الأمر بالظرفية أو المدة التي قضاها في المنصب، لكن الأشعري في رأيي قام بعمل جيد رغم محدودية ميزانية الوزارة التي عليها صيانة ربما 350 كيلومترا من الأسوار العتيقة وهي ترمم ما يمكن ترميمه، هذه هي الوزارة.. إذ بقدر ما تثقل كاهلها المآثر والأسوار ستصبح يوما وزارة مستحثة، (عجباتني بزاف هاذ الجملة أو باغي انعاودها: «وزارة الثقافة بكثرة ما تعوزها الميزانية وتثقل كاهلها رواتب الموظفين وميزانية ترميم الآثار ستصبح في يوم ما وزارة مستحثة وستتحجر، راه لباس منين تتحل الوزارة الباب)، ففي رأيي الوزارة تمثيلية رمزية تعبر عن سيادة الدولة في مجال معين. هل يتعلق مشكل الوزارة فقط بالميزانية أم إن هناك مشكلا في التخطيط والكفاءات؟ أنا أتحدث فقط عن الميزانية ولا أعلق على كفاءة الوزراء الذين تعاقبوا عليها، ففي ظل الإمكانيات المتاحة لا يمكن القيام بأي شي واخا تكون طيارة ولا عفريت، يمكن أن تأتي بجاك لانغ، وزير الثقافة الفرنسي السابق، فسيكون عطاؤه متواضعا. وبالنظر إلى الإمكانيات البسيطة يمكنني القول بأن محمد الأشعري قام بعمل جيد، (آه حاس براسي جاوبت مزيان على هاذ السؤال).