ثلث النساء من أفريقيا جنوب الصحراء، اللواتي يحاولن الوصول إلى أوربا، يتعرضن لاعتداءات جنسية أثناء انتقالهم من المغرب والجزائر. هذا ما كشف عنه تقرير لمنظمة أطباء بلا حدود، بناء على الحالات التي تمت معالجتها من قبلها، والتي أضافت أن هذا الرقم لا يعكس الصورة الحقيقية لما يقع لهاته النسوة حيث أن هناك العديد من الضحايا اللواتي يفضلن التزام الصمت. وحسب تقديرات "أطباء بلا حدود"، فإن نحو 4500 مهاجر من جنوب الصحراء، دخلوا التراب المغربي منذ يناير 2010، من بينهم المئات من النساء تتراوح أعمارهن ما بين سنتين و40 سنة. وقد اتهمت هذه المنظمة غير الحكومية، التي اعتبرت ما يحدث للمهاجرات من إفريقيا السوداء ظاهرة ذات أبعاد هائلة، أن مجرمي الحق العام وأعضاء شبكات تهريب البشر بكونهم الفاعلين في عملية الاغتصاب، "وهو الأمر الذي يتطلب فورا مقاربة جريئة على المستوى المؤسساتي والوطني والدولي لتوفير الرعاية الكافية للضحايا". هؤلاء النسوة معظمهن من جمهورية الكونغو الديمقراطية (زائير سابقا)، ولاسيما من المناطق الأكثر تضررا من النزاع المسلح، ونيجيريا، وهن، في الغالب، ما ينتمين إلى عرق الايبو واليوروبا، وهي الأعراق الأكثر فقرا. هناك عدد منهن قادمات من الكاميرون والكونغو برازافيل، والكوت ديفوار وجمهورية إفريقيا الوسطى. من بين النتائج المباشرة لسياسات الهجرة القاسية لأوربا، تتابع أطباء بلا حدود، فإن ساكنة إفريقيا جنوب الصحراء مرشحون للشروع في رحلة طويلة وذات متاعب أكثر خطورة وباستخدام الطرق التقليدية بسبب تشديد الضوابط على الحدود. كما أنهم يجدون أنفسهم عالقين لمدة غير محددة في المغرب بسبب عدم قدرتهم على الوصول إلى أوربا أو العودة إلى بلدانهم الأصلية. ويتابع تقرير المنظمة الإنسانية أن عددا كبيرا من المهاجرات عانين من الاغتصاب في بلدانهم الأصلية، ويعشن المعاناة نفسها مرة أخرى على الحدود وعلى الأراضي المغربية والجزائرية. ومما يثير القلق بصفة خاصة، حسب المنظمة، هو أنه من بين هذه النساء 21.5 ٪ منهن قاصرات، و10 ٪ تقل أعمارهن عن 16 سنة. "النساء القاصرات غير المصحوبات يقعن ضحايا لاعتداءات متعددة تمر دون عقاب والفاعلين هم المجرمين العاديون، أو غيرهم من المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء"، تقول المنظمة في تقريرها، مضيفة: "الخوف المتولد عن وضعهن غير قانوني يمنعهن من التبليغ عما حدث لهن. فيما نساء أخريات وقعن ضحية شبكات الهجرة أو الاتجار بالبشر". ال63 امرأة اللواتي استقبلتهن "أطباء بلا حدود" أفادت ثلثهن أنهن تعرضن للاعتداء الجنسي في المغرب خارج مدينة وجدة. "أطباء بلا حدود" قالت إنه رغم جهود مكافحة العنف المنزلي والجنسي التي يعرفها المغرب منذ سنوات والتي أصبحت تشكل أولوية، كما يتضح من مختلف التدابير التي اعتمدتها بعض الدوائر الحكومية وذلك بالتعاون مع الجمعيات المحلية، فإن الأرقام تبين بوضوح تفاقم الوضع. وفي اتصال هاتفي مع "أخبار اليوم"، علقت نزهة الصقلي، وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، على أنه لا توجد أي هيئة أو مركز لديه إمكانيات للقيام بإحصاءات وطنية حول ظاهرة معينة باستثناء المندوبية السامية للتخطيط، وكشفت عن أن بحثا وطنيا بخصوص العنف ضد النساء في المغرب هو في طور الإنجاز وستعلن عن نتائجه في يونيو القادم، وهو الذي سيمكن الوزارة من الحصول على صورة واضحة عن العنف في المغرب وتجلياته. وأضافت الوزيرة، تعليقا على قول "أطباء بلا حدود" (أنه رغم المجهودات الحكومية، فإن الوضعية تتفاقم) بأنه بعد القيام ببحث ثان عندها يمكن إجراء مقارنة علمية ودقيقة وقراءة متأنية تمكن بصفة لا تدع مجالا للشك من معرفة ما إذا كان هناك تزايد أو تناقص في الظاهرة.