البرلمان الأذربيجاني يصادق على اتفاقية التعاون العسكري مع المغرب    احتجاج يرفض تمرير الحكومة "قانون الإضراب" ويتشبث ب"الترافع الميداني"    المغرب يستقطب 2 مليون سائح إسباني.. وجهة بديلة عن السفر الداخلي    ارتفاع حصيلة ضحايا حادث تحطم طائرة في كوريا إلى 174 قتيلا    المغرب التطواني ينهزم في آسفي    شخصيات بارزة وجمهور شغوف يحيون ليالي الجاز في دار الصويري    2024 سنة تأكيد تفوق كرة القدم الوطنية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    سكوري: الحكومة سطرت خطة جديدة في مجال التشغيل للقضاء على البطالة    موجة برد وزخات قوية تستمر 3 أيام في المغرب    ما الفرق بين قاعدة الولد للفراش والخبرة الجينية !!!    إقالة المدربين الأجانب هل تؤثر على أداء أندية القسم الاحترافي    لجنة الانضباط في الكاف تغرم نادي الجيش الملكي 15,000 دولار أمريكي    مستشار رئيس حكومة القبائل يكتب عن التحرر من قيود النظام الجزائري    الصحة العالمية تكشف سر المرض الغامض في الكونغو    محمد أوشن يناقش أطروحة الدكتوراه في التاريخ المعاصر    مهاجرون ينجحون في الوصول إلى إسبانيا انطلاقا من ساحل الحسيمة    يواجه إسرائيل بردائه الأبيض.. حسام أبو صفية طبيب بغزة "ما هزّته دولة نووية"    تقرير دولي: الجزائر وتونس في مواجهة تحديات أزمة الجوع    دراسة حديثة تظهر وجود تريليونات الأطنان من الهيدروجين تحت سطح الأرض    ما حقيقة استفادة الستريمر إلياس المالكي من تخفيف الحكم؟    دراسة: اكتشاف طفرة جينية قد تساعد على إبطاء نمو أنواع من السرطان    الولايات المتحدة.. تحور فيروس إنفلونزا الطيور يثير قلقا علميا    جهود متواصلة لقطر سفينة بحرية مغربية جانحة بين الصخور قبالة الناظور    بلجيكا تحظر بيع السجائر الإلكترونية اعتبارا من الشهر المقبل    تحسن الليرة السورية مقابل الدولار    مندوبية التخطيط تتمسك بنسبة الأمازيغية وتوضح اختلافات معدل البطالة    نسبة ملء سدود المغرب تصل إلى 28 % وسط تحذيرات من أزمة فلاحية    انطلاق فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان "بويا" النسائي الدولي للموسيقى في الحسيمة    وفاة رضيع خامس بالبرد في قطاع غزة    مدينة الفنيدق تحتضن منافسات كأس العرش للفول كونتاكت لمنتخبات العصب    خلال يوم واحد.. 3 حوادث طيران في كوريا والنرويج وكندا    أرضية ملعب العربي الزاولي تُعقد مهمة الرجاء أمام صن داونز    مقتل صحافية فلسطينية بنيران صديقة    مجلة إسبانية: المغرب في طريق ليصبح 'وادي سيليكون فالي' المستقبل    قيادي انفصالي يدعو لاحتلال موريتانيا ويتنبأ بتقسيم الجزائر    في الذكرى الرابعة للقرار الأمريكي لاعتراف واشنطن بمغربية الصحراء :    غانا تعزز الشراكة مع المغرب بإلغاء تأشيرات الدخول    في مؤلف حديث.. صحفيون يروون ما لم يُرْوَ في تغطية زلزال الحوز    أبطال الكيك بوكسينغ والمواي طاي المغاربة يبصمون على موسم جيد خلال سنة 2024    ماكرون يدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار بغزة    الولايات المتحدة.. إلغاء أو تأخير آلاف الرحلات الجوية جراء سوء الأحوال الجوية    انتشار "بوحمرون" بإقليم شفشاون يدق ناقوس الخطر ومطالب عاجلة على طاولة الوزير    تحولات جوهرية في قطاع التكنولوجيا المالية خلال سنة 2024    رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو سيخضع لعملية جراحية لاستئصال البروستاتا    لقاء يجمع عامل إقليم الحسيمة مع ممثلي قطاع الطاكسيات    الترتيب ونتائج البطولة الاحترافية الدورة ال16    بحضور أزولاي.. لقاء ثقافي بالصويرة يبرز أهمية المكان في تشكيل الهوية    حجم تدخلات بنك المغرب بلغت 147,5 مليار درهم في المتوسط اليومي خلال أسبوع    عائلة أوليفيا هاسي تنعى نجمة فيلم "روميو وجولييت"    دراسة: أمراض القلب تزيد من خطر اضطراب الخلايا العصبية    مبادرة مدنية للترافع على التراث الثقافي في لقاءات مع الفرق والمجموعة النيابية بمجلس النواب    وفاة زوج الفنانة المصرية نشوى مصطفى وهي تناشد جمهورها "أبوس إيديكم عايزة ناس كتير تيجي للصلاة عليه"    الثورة السورية والحكم العطائية..    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الدولبران» في مواجهة السرطان !!!
نشر في الأحداث المغربية يوم 16 - 06 - 2012

في مقال سابق قلت بأن «الوزير الأول» هو في طريقه لأن يتحول إلى موظف شبح، بما أن الملفات الكبرى المفروض فيه تدبيرها انطلاقا من مسؤولياته الدستورية سحبت منه لصالح جهات مازالت تدير ظهرها للتحولات الجذرية في عصرنا.. إن أكبر دليل على «تحول» الوضع الاعتباري لابن كيران، هو كل تلك الملفات التي انهزم أمامها منذ توليه «قيادة» البلاد: دفتر التحملات، تعيين العمال والولاة، الملفات الكبرى للريع و الفساد والنهب، تشغيل المعطلين، راتب غيريتس، المحروقات..
عندما سمعت ابن كيران يوضح حيثيات الزيادة في المحروقات، أثارني أمر هام للغاية.. فلقد برر «رئيس الحكومة» هذه الزيادة بكون الدولة سوف تقتصد 5 ملايير درهم سنويا، ستحولها لاحقا إلى مساعدات مباشرة إلى الفقراء والمعوزين..
إننا هنا أمام ضحك «مفروش» على الذقون.. فخمسة ملايير درهم لاتساوي أي شيء أمام مبلغ التهربات الضريبية المستفحلة (تشير تقارير إلى أن 66 % من أثرياء المغرب يتملصون من الضرائب والامتيازات، مما يضيع على الخزينة 50 مليار درهم)، ولا أمام ما تجنيه هولدينغات كبرى من احتكارها واقتسامها «الليبرالي» جدا لأهم القطاعات بالبلد، ولا أمام ما تلهفه مجموعات عقارية شهيرة من الفرق الشاسع بين تكلفة «شراء» الأراضي وأثمنة تسويق «قفوزة ديال الدجاج» التي يتم بناؤها فوق تلك الأراضي، ولا حتى أمام الفتات «الصغير» الذي ينهبه جهابذة «تدبير» المال العام في مختلف المؤسسات العمومية (جامعات، جماعات، مكاتب وطنية، وزارات..)
وإذا كان ابن كيران قال إنه «قرر» الزيادة في المحروقات لتفادي أزمة مالية خانقة تدق على الأبواب، فإنه لم يشرح لنا السياسات التي كانت وراء هذه الأزمة في نوع من التبييض المشبوه لجرائم اقتصادية وسياسية ثابتة.. كان على الوزير أن يتحلى بالشجاعة ويقول لنا بأن التفويتات المشبوهة، والاستغلال خارج القانون لأجود الأراضي وأهم المقالع، والتهربات الضريبية الهائلة، والتهريبات المنظمة للأموال المنهوبة إلى الخارج، وجرائم مترامية أخرى هي التي تضيع على الدولة عشرات المليارات من الدراهم وهي المسؤولة عن «الشوهة» الحالية التي ليست سوى في بدايتها..
سبق لمحلل اقتصادي غربي أن قال، بأن أول إجراء يتوجب أن تقوم به أية دولة تريد فعلا الخير لأبنائها، هو تعيين محاسب تكلفه بالقيام بجرد دقيق لكل فلس صرف أو سوف يتم صرفه.. في الواقع، لاوجود سوى لحل واحد بالنسبة للمغرب: استرجاع الملايير التي نهبت في الخمسين سنة الأخيرة (انطلاقا على الأقل من أواسط الستينيات التي عرفت عمليات نهب خطيرة توجت بمحاكمات 1972 الشهيرة لشخصيات نافذة، فيما عرف حينها بملف الرشاوى في ملف طائرة «البانام»، ثم في ملف «حياة ريجنسي»، مرورا بفظائع مكتب التسويق والتصدير وصندوق الضمان الاجتماعي و مكتب المطارات ومكتب السياحة، ووصولا إلى الاختلاسات الوقحة في ميزانيات الجماعات المحلية والجامعات والمركبات الاستشفائية و..). إن استرجاع ما نهب منذ الستينيات والذي قدرته لجنة لشكر الشهيرة، بما لايقل عن500 مليار درهم، كفيل بأن يعفينا من كل نقاشات خاوية حول الخمسة ملايير التي سوف يتم اقتصادها من الزيادة في المحروقات أو غيرها..
وبالفعل تبدو الخمسة ملايير درهم التي تحدث عنها ابن كيران تافهة تماما أمام ما نهب ومازال ينهب يوميا من المال العام.. سأعطي مثالا دقيقا و بسيطا جدا عن التهرب الضريبي: إن ما يتم غض النظر عنه سنويا من مصالح الجمارك في موانئ المملكة في شكل تزييفات في كمية السلع المصرح بها يفوق بكثير جدا ملايير ابن كيران..
لنفتح ملف التملص الضريبي في شموليته حتى نقيس مدى تهافت قرار ابن كيران.. يقول الاقتصادي الجيد ، نجيب أقصبي، في حوار أساسي مع جريدة «الاتحاد الاشتراكي» نشر قبل أيام، إن حوالي مائة مقاولة كبرى في المغرب هي التي تؤدي الضريبة على الشركات، بينما تصرح 66 في المائة من الشركات المغربية البالغ عددها حوالي 170 ألفا، بأنها تتكبد خسائر مالية سنوية، أو أنها لا تحقق أرباحا، وبالتالي فإنها تعفى من الأداء الضريبي.
ويضيف أقصبي، أن الضريبة على القيمة المضافة المفروضة على المستهلكين والضريبة على الشركات والتي لا تؤديها سوى عينة صغيرة من المقاولات، والضريبة على الدخل التي تقتطع من الطبقات المتوسطة، تظل هي المورد الأساسي للمداخيل الضريبية في المغرب، بينما يتمتع الأثرياء من غياب الضريبة على الأملاك وعلى الثروة كما يتمتع معظمهم بعشرات الإعفاءات الضريبية المتنوعة.
وقدم أقصبي في نفس الحوار السالف الذكر، أرقاما صادمة حول الامتيازات الضريبية والإعفاءات التي تضيع على خزينة الدولة أزيد من 50 مليار درهم، علما بأن النفقات الضريبية المصرح بها من قبل السلطات المالية والتي تبلغ 32 مليار درهم، إنما هي مبنية على أساس 270 إجراء ضريبيا، والحال أن عدد الإجراءات الضريبية يلامس ال 400 إجراء.
وقال أقصبي، إن الحكومة التي تحاول اليوم الاستئساد على المواطنين بالزيادة في الأسعار لفك ضائقتها المالية، كان أولى بها أن تفتح ورش الإصلاح الضريبي، وهو القطاع الذي يعاني منذ سنوات من عدة اختلالات تفوت على الدولة ملايير الدراهم.
وأكد الخبير الاقتصادي، أن الحكومة تخفي حقائق مخيفة حول من يؤدي الضرائب فعليا في المغرب، وأضاف «منذ سنوات وأنا أطالب الجهات المسؤولة بالكشف عن الشرائح الضريبية التي تؤدي الضريبة على الدخل من خلال مساهمة كل شطر في مداخيل هذا النوع من الضريبة.. غير أن الدولة تفضل تقديم رقم فضفاض يناهز 25 مليار درهم وتخفي باقي التفاصيل ..»
وتعاني المنظومة الضريبية في المغرب فيما يؤكد أقصبي من ظاهرة التملص الضريبي، حيث إن حوالي 100 مقاولة الأولى في المغرب تؤدي ما نسبته 86 في المائة من المداخيل الضريبية على الشركات، وتتشكل هذه المقاولات الكبرى من حوالي 10 مؤسسات عمومية ومن مجموعة، أبناك وشركات تمويلية أو تأمينية، ومن حوالي 50 مقاولة مدرجة أسهمها في البورصة.. ويقول أقصبي، إن هذه المقاولات الكبرى رغم مساهمتها في القسط الأعظم من الضريبة على الشركات، فإنها هي نفسها لا تسلم من التملص الضريبي بحجبها لحقيقة الأرباح التي تجنيها.
و ختم أقصبي حواره/الدرس بالقول، بأنه يجب أن يضاف إلى هذه الاختلالات ضعف الرقابة الضريبية وعدم نجاعتها، حيث إن عدد المفتشين المعتمدين لمراقبة 170 ألف شركة يقل عن 300 مفتش، علما بأن هذا العدد حتى ولو تمت تعبئته بالكامل، فإنه لن يقوى على معالجة 1500 ملف سنويا.. وهو ما يدفع إلى التساؤل حول غياب إرادة الدولة لتشغيل عشرات الشباب من حاملي الشهادات في هذا المجال الذي يشهد خصاصا مهول،ا اعترف به مؤخرا وزير الميزانية،ادريس الأزمي، حين أكد أن حجم المتأخرات الضريبية فاق 26 مليار درهم.
في إحدى نصائحه الشهيرة لرؤساء حكومات طلبوا منه المشورة حول أفضل أنواع «الحكامة» الاقتصادية، قال موريس ألي Maurice Alais الخبير و المستشار المالي الدولي المسموع الصوت : «يجب عليكم البحث عن المال لدى الفقراء، وإذا كان الفقراء ليس لديهم المال، فإن هناك كثيرا من الفقراء».. يبدو أن ابن كيران يطبق بالحرف نصيحة موريس ألي، و هو ما يؤشر بقوة على نوعية الخيار الجيواستراتيجي لابن كيران: «الدولبران» في مواجهة السرطان، ونحن نعلم «قدرة» «الدولبران» على «وقف» تقدم السرطان.. وتلك قصة أخرى..
[Bookmark and Share]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.