[طنجة المتوسط للركاب: ميناء جديد بعيوب قديمة!] طنجة: محمد كويمن توقف جعفر، ملامحه تشير إلى تجاوزه سن الخمسين ، نزل من سيارته التي تحمل ترقيما فرنسيا ، وتوجه لشراء بعض المنتوجات الفلاحية ، التي كانت تعرضها مجموعة من النسوة يتميزن بلباسهن الجبلي، بالسوق المحلي لمنطقة فندق الزرارع على قارعة الطريق الساحلية بين طنجة والقصر الصغير ، قبل أن يواصل رحلته في اتجاه ميناء طنجة المتوسط. هذا المهاجر المغربي الذي التقينا به صدفة بالسوق المذكور، قال بأنه تعود اقتناء الخبز والرغيف واللبن من عند البائعات الجبليات، بحكم أنه ينحدر من مدينة طنجة، لكنه صار يلاحظ خلال السنوات الأخيرة بأن الموقع الاستراتيجي لهذه المنطقة الساحلية المتوسطية أضحى مهددا بفقدان جماله الطبيعي أمام زحف الاستثمارات عليها، كما ظل يحرص على اقتناء مثل هذه المواد الغذائية، أولا لطابعها البدوي وثانيا على سبيل الاحتياط كلما كان مسافرا نحو بلد إقامته، بعدما سبق له أن وجد صعوبة في الحصول على وجبة مناسبة ليتناولها رفقة أسرته خلال انتظاره لعدة ساعات داخل الميناء المتوسطي الجديد نتيجة تأخر موعد إبحاره نحو الضفة الأخرى. التوجه إلى الميناء الجديد للمسافرين، الذي يبعد عن وسط مدينة طنجة بحوالي 40 كلم، يجعلك وأنت تعبر الطريق الساحلي الرابط بين طنجة والمضيق، في موقف حرج، ما بين تأييدك لهذا المشروع الضخم للمركب المينائي ومدى أهميته بالنسبة للتنمية الاقتصادية بالمغرب بعدما أحدث «انقلابا» في البنية التحتية لإقليم الفحص أنجرة، وبين الحسرة على مآل مجموعة من المواقع الجبلية والشاطئية الطبيعية التي تضاهي جماليتها منطقة «كوستا ديل الصول» بالجنوب الإسباني أحد أهم الأقطاب السياحية الأوروبية. المدينة و الميناء ميناء طنجة المتوسط للركاب، الذي انطلقت أشغال بنائه في شهر ماي لسنة 2007، خلال الاستعداد لمرحلة استغلال ميناء طنجة المتوسط 1 للحاويات، في إطار مشروع المركب المينائي طنجة المتوسط، كان في البداية سيقام على الساحل الأطلسي بين طنجة وأصيلة، قبل أن يتحول إلى منطقة «الداليا» الواقعة بتراب الجماعة القروية قصر المجاز، والمطلة على مضيق جبل طارق والقريبة جدا من ساحل الجزيرة الخضراء وصخرة جبل طارق. حين تقترب من الميناء يستقبلك الغبار، علامة استمرار الأشغال بورش بناء ميناء طنجة المتوسط رقم 2 للحاويات، قبل أن تجد لوحة تدلك على مدخل خاص بالسيارات، يوصلك إلى بناية المحطة البحرية للركاب، التي تطل على خزانات الوقود، حيث مكان تواجد هذه الأخيرة ظل يثير الكثير من التساؤلات حول اختيار موقعها بين مرافق ميناء يتعلق نشاطه بالأساس بالنقل البحري للمسافرين، الذين يجدون أنفسهم، خاصة بالنسبة لأصحاب العربات، مضطرين بعد تجاوزهم مكاتب ختم الجوازات، إلى التوقف في محطة التفتيش في الهواء الطلق، التي تعرف هبوب رياح قوية في أغلب الأوقات، من أجل إخضاع سياراتهم للفحص بجهاز «السكانير»، قبل الانطلاق في رحلة داخلية طويلة بحثا عن أرصفة رسو البواخر، وهناك يبدو للمسافر وكأنه يتواجد بمكان مهجور أمام شساعة المساحة المخصصة للوقوف وافتقادها لأبسط التجهيزات التي توفر الراحة والسلامة للركاب في انتظار مواعيد إبحارهم. العديد من المسافرين، الذين لم يتحمسوا لفكرة فصل الميناء عن المدينة، يشتكون من غياب ممرات الراجلين لولوج البواخر حين ترسو ببعض الأرصفة، حيث تتم عملية الدخول والخروج عبر بوابة الكاراج، كما يجدون أنفسهم في وضعية «المتخلى عنهم» حين يصلون إلى الميناء في ساعة متأخرة من الليل، بسبب قلة المواصلات، وانعدام أي مرافق للاستقبال موازية سواء داخل الميناء أو بمحيطه الخارجي باعتبار انتمائه للمدار القروي، حيث تبدأ متاعب الرحلة بوصولك إلى الميناء، وفق شهادة عدد من أفراد الجالية المغربية بالمهجر. المهنيون يشتكون المهنيون بدورهم يسجلون استياءهم من اختيار موقع الميناء، لا على مستوى مدخله البحري، الذي يثير الكثير من المتاعب لربابنة البواخر بفعل قوة التيارات الهوائية والمائية بالمنطقة، وبالنسبة أيضا لأرصفته الثمانية، التي لا يعمل سوى اثنين منها، الرصيفين الأول والثاني، كلما ارتفعت سرعة الرياح بمضيق البوغاز، ناهيك عن مشاكل بطء الإجراءات التي يشتكي منها المعشرين والنقالة، إلى جانب وقوع مجموعة من الحوادث داخل الميناء عند المدار الطرقي المؤدي إلى محطة الإبحار، الذي شهد وقوع عدة حالات تتعلق بانقلاب عدد من شاحنات النقل الدولي. «سنضطر إلى حمل الشارات كتعبير احتجاجي على الوضعية الكارثية التي يعرفها القطاع»، هكذا عبر مهنيو ميناء طنجة المتوسط في رسالة كانت قد وجهتها مؤخرا الجمعية المهنية لمستخدمي وكالات التعشير والنقل الدولي بالمغرب إلى وزير الداخلية تهدد بالدخول في إضراب مفتوح إذا ما استمر الحال على ما هو عليه، خاصة بعد تزايد عمليات تهريب المخدرات بالرغم من تشديد إجراءات المراقبة، قبل أن تتراجع عن تنفيذ احتجاجاتها عقب تعيين محمد حصاد رئيسا جديدا لمجلس إدارة الوكالة الخاصة طنجة المتوسط. وكالة طنجة المتوسط ترد بالأرقام الوكالة الخاصة طنجة المتوسط، الوصية على الميناء، تعتبر هذا المشروع الذي تم تدشينه من قبل جلالة الملك بتاريخ 29 يونيو 2010، حيث يستعد لإطفاء شمعته الثانية، قد استطاع تحقيق مجموعة من الأهداف التي كانت مسطرة منذ الإعلان عن استغلاله في تنمية نشاط حركة عبور المسافرين والعربات والشاحنات بينه وبين ميناء الجزيرة الخضراء الاسباني، من خلال الاستفادة من تقليص توقيت رحلات البواخر والرفع من وتيرة التنقل البحري لما يخدم مصالح المسافرين عبر تسهيل ولوجهم وتفادي الانتظار، كما كان له دور في إنقاذ مدينة طنجة من وضعية الاكتظاظ التي كانت تعرفها شوارعها قبل ترحيل أنشطة الميناء. فالإحصائيات الأخيرة التي أعلنت عنها الوكالة، بالنسبة لنشاط نقل الشاحنات والركاب، سجلت ارتفاعا بنسبة 9 ٪ خلال الثلاثة أشهر الأولى لهذا العام ( 52.726 وحدة للنقل البري الدولي)، مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2011. ويفسر هذا التطور حسب نفس المصدر بانطلاق نشاط توريد المواد الأولية والمكونات الموجهة لمصنع «رونو» بملوسة ولمزودي هذا المصنع بالتجهيزات، والذي شرع الإنتاج بوحداتها في شهر فبراير المنصرم. كما شهد الميناء عبور 350.829 راكبا و118.788 مركبة خفيفة خلال الأشهر الأولى للسنة الجارية، بزيادة تناهز على التوالي 31 % و17 % مقارنة بنفس الفترة من سنة 2011. هذه الأرقام ترد بها إدارة الوكالة، التي تتواصل مع الرأي العام بإصدارها بلاغات دورية حول حركية الميناء، على كل من يشككون في نجاح مشروع ميناء طنجة المتوسط للركاب. عودة قوية ل«الحراكة» أعداد كبيرة من «الحراكة» ينتشرون بمختلف الأماكن داخل الميناء المتوسطي وبالمناطق المجاورة له، يترقبون فرصتهم لتحقيق حلمهم في الوصول إلى التراب الاسباني، مشهد كان عاديا بالميناء القديم، حين ظل يشكل أحد النقط السوداء التي شجعت على تحويل جميع أنشطة النقل البحري للمسافرين نحو الميناء الجديد مع اعتماد معايير تحول دون تكرار تفشي نفس هذه الظاهرة، التي يبدو أنها انتعشت بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة بالميناء الجديد، بالتزامن مع فترة استقبال المهاجرين المغاربة المقيمين بالخارج في موسم عودتهم إلى أرض الوطن لقضاء عطلتهم الصيفية. هذا ما تؤكده نتائج الحملات التي تشنها مصالح الأمن الوطني والدرك الملكي، والتي تسفر عن إيقاف العشرات من المرشحين للهجرة السرية يوميا داخل الميناء وبمواقع مجاورة حيث يتصيدون مرور شاحنات النقل الدولي في اتجاه المحطة البحرية. المرشحون للهجرة غير المشروعة، الذين يتم إيقافهم، أغلبهم ينحدرون من مختلف المدن والقرى الجنوبية، ومن بينهم عدد كبير من القاصرين، حيث يستغلون طبيعة موقع الميناء المتوسطي للمسافرين ويتسللون إليه من حواجزه المشكلة من الأسلاك، المطلة على الطريق الرئيسية وعبر ممرات الأوراش المحاذية له خاصة من جهة أشغال ميناء طنجة المتوسط 2 للحاويات، كما تتعرض محطة وقوف الشاحنات ل «هجوم» مجموعة من المرشحين، الأمر الذي أثار احتجاجات أصحاب النقل الدولي الذين يشتكون من تعرض ناقلاتهم وبضائعهم للإتلاف جراء محاولات «الحراكة» للاختباء فيها قبل إبحارها. تزايد أعداد المرشحين للهجرة السرية بالميناء الجديد المتوسطي يأتي بعدما تم تسجيل تراجع نسبة «الحريك» مع انطلاق أول سنة لموسم العبور بالميناء الجديد منذ تحويل جميع رحلات البواخر التي كانت تنطلق من ميناء طنجةالمدينة في اتجاه ميناء الجزيرة الخضراء، كما ساهمت الأزمة الاقتصادية التي تعيشها أوروبا وخاصة اسبانيا في تقليص حجم هذه الظاهرة قبل أن تعود بقوة رغم بعد موقع الميناء الجديد وإعلان الجهة المشرفة على تدبيره اتخاذها كافة الاحتياطات للحد منها. انسحاب البواخر المغربية أضحت البواخر الاسبانية تحتكر لوحدها الخط البحري الرابط بين ميناءي طنجة المتوسط والجزيرة الخضراء، بعدما صارت تبحر لوحدها بمضيق البوغاز إثر الانسحاب الاضطراري لشركة «كوماريت» ليبقى الأسطول البحري المغربي لنقل المسافرين ممثلا فقط في باخرتي «الأطلس» و «الريف»، التابعتين لشركة الملاحة البحرية المغربية «إم – ت -س » . تراجع أعداد البواخر المغربية، يأتي بعد إلغاء الخط البحري الرابط بين طنجة وميناء سات الفرنسي، منذ حجز باخرتي «مراكش» و«بلادي»، وحجز ثلاث بواخر أخرى تابعة لنفس مجموعة شركة كوماريت / كوماناف فيري ويتعلق الأمر ب « باناصا» و«المنصور» و «ابن بطوطة»، التي كانت تؤمن الخط البحري بين طنجة والجزيرة الخضراء، بسبب الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها. الأزمة التي يمر بها قطاع النقل البحري المغربي للمسافرين جعلته يفقد قدرته التنافسية بعدما تراجعت عائداته مقابل ارتفاع تكاليف التنقل والشحن والإفراغ أمام تزايد أعداد البواخر وقصر مدة الرحلات انطلاقا من الميناء الجديد طنجة المتوسط، حيث يشتكي المهنيون من أداء مصاريف كبيرة بالعملة الصعبة لفائدة وكالة طنجة المتوسط، بعدما تضاعفت ثلاث مرات مقارنة مع ما كانوا يسددونه بميناء طنجةالمدينة، فثمن عبور كل مسافر، الذي تستخلصه الوكالة حاليا من الشركات البحرية يصل إلى 2,5 يورو مقابل 11 درهما كانت تحددها إدارة مكتب استغلال الموانىء بالميناء القديم، كما تفرض ( وكالة طنجة المتوسط) مبلغ 140 درهما كواجب شهري مقابل كل شارة تسلمها للعاملين بالميناء، وهي رسوم تعتبرها عادية وضرورية لتأهيل الميناء بغاية تشجيع المنافسة بين الشركات وتحرير الأسعار من أجل تقديم خدمة أفضل للركاب بأثمان مناسبة، الأمر الذي تتوافق على مردوديته كافة الأطراف. ترقب التنمية كان يتوقع كل من تابع التصريحات التي واكبت مرحلة الإعلان عن بناء هذا المشروع، حين ارتبط بقوة تنافسيته مع موانيء أوروبية أخرى تشاركه حوض المتوسط، أن يكون ميناء طنجة المتوسط للركاب أفضل بكثير مما هو عليه شكلا ومضمونا، كما كان يترقب المهنيين الذين لهم احتكاك به يوميا بشكل مباشر وغير مباشر، أن تعمل الوكالة الخاصة طنجة المتوسط على تفادي أخطاء البدايات والاهتمام بالملاحظات والانتقادات الموجهة لها عسى أن يتم تحسين مستوى الأداء في التدبير والتنظيم باعتبار أن استثمار موقع الميناء لتطوير نشاطه يبقى مرتبطا أساسا بالتنمية الشمولية للمنطقة عبر تأهيل بنيتها التحتية استجابة لانتظارات ساكنتها دون إغفال خصوصيتها. أزيد من نصف مليون مسافر عبروا ميناء طنجة المتوسط عبر ميناء طنجة المتوسط للركاب خلال الفترة الممتدة من فاتح يناير 2012 إلى نهاية شهر ماي المنصرم، 518 ألفا و259 مسافرا، مابين الدخول والخروج، بزيادة بنسبة 47 بالمائة مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2011، التي سجلت عبور 352 ألفا و367 مسافرا، كما ارتفعت نسبة عبور السيارات ب 35 بالمائة، حيث بلغ العدد خلال الخمسة أشهر الأولى من العام الجاري، 156 ألفا و327، فيما تشيرإحصائيات السنة الماضية إلى تنقل 115 ألفا و868 سيارة بين ميناءي طنجة المتوسط والجزيرة الخضراء ذهابا وإيابا. تعريف بميناء طنجة المتوسط للركاب الميناء الجديد، الذي بلغت تكلفة إنجازه حوالي 2,2 مليون درهم، بإمكانه استقبال حوالي 7 ملايين مسافر ومليوني سيارة و700 ألف شاحنة للنقل الدولي الطرقي سنويا، ويتوفر على ثمانية أرصفة، مما سيمكنه على المدى الطويل، حسب الوكالة الخاصة طنجة المتوسط، من مواكبة تطور حركة المسافرين والشاحنات مع السعي إلى ضمان أفضل شروط سيولة الحركة والراحة والسلامة . أما على مستوى التجهيزات، فيتوفر الميناء على 35 هكتارا من الأرض المسطحة، كما يقوم على العديد من فضاءات الارتكاز الواقعة قرب الميناء مباشرة . وتشمل هذه الفضاءات منطقة الولوج والتفتيش الحدودي للشاحنات (بوابة 1) تمتد على مساحة 8 هكتارات، ومنطقة الولوج والتفتيش الحدودي للركاب (بوابة 2) على 6 هكتارات، ومنطقة لولوج وضبط السيارات الخفيفة (بوابة 3) على 8 هكتارات، تسمح بضبط حركة المرور، خلال فترات الذروة (تحتوي على شبابيك لشركات الملاحة، مؤسسة محمد الخامس للتضامن إلخ)، ومنطقة لضبط حركة وسائل النقل البري الدولي تمتد على مساحة ثلاثة هكتارات، وتقع في المنطقة الحرة اللوجيستيكية، ومنطقة للضبط بالقصر الصغير. أما منطقة الولوج والتفتيش الحدودي للمسافرين (بوابة 2) فتتضمن ستة مراكز لتسجيل المسافرين أصحاب السيارات، و32 نقطة مراقبة الشرطة لسيارات المسافرين، التي تسمح بمعالجة 1000 سيارة في الساعة، وست مقصورات مخصصة للمراقبة الجمركية للمسافرين، وبنايتين لتفتيش السيارات، وست بنايات لمراقبة حافلات النقل الدولي، ومحطة بحرية للراجلين بمساحة 4400 متر مربع. ويؤمن ميناء طنجة المتوسط للركاب، وهو ثاني ميناء في مركب طنجة المتوسط، ولوجا بحريا مخصصا لبواخر المسافرين السريعة والنقل الطرقي، دون أي ارتباط مع حركات السفن التجارية الأخرى (طنجة المتوسط 1 وطنجة المتوسط 2). وقد تطلب إنجاز الميناء، الذي انطلقت الأشغال به في ماي 2007 وشرع في استغلاله في ماي 2010، بناء حاجزين للحماية يبلغ طولهما الإجمالي حوالي 5، 2 كيلومتر . وجرى تصميم حوض المياه، الذي تبلغ مساحته 35 هكتارا، وقناة الولوج البحري، التي يبلغ عرضها 226 مترا طوليا، بشكل يضمن للسفن السهولة في الملاحة، وبالتالي، تقليص الوقت المخصص لعمليات الرسو داخل الميناء ومغادرته . [Bookmark and Share]