لم يكتب للطفلة لمياء أن تكون بين زميلاتها وزملائها بالفصل الدراسي صباح يوم السبت. لم يكتب لها أن تلقي التحية على رفاقها ومعلميها وتتابع درسها الصباحي كما اعتادت كل يوم. سيظل مقعدها فارغا إلى الأبد. لمياء ذات العشر سنوات كانت تستعد ذلك الصباح لتناول فطورها والخروج إلى المدرسة، لكن اهتزاز الطوابق الثلاثة من البيت وانهيارها على رؤوس ساكنيه أوقف حياة الضحايا وغير مجريات حياة الباقين الذين رزئوا في أقاربهم. اللجنة المكلفة بالبيوت الآيلة للسقوط بالمدينة العتيقة للدارالبيضاء انتظرت إلى أن أزهق انهيار البيت المتصدع روح لمياء كي تجتمع وتتأسف وتعزي وتتعهد بإحصاء السكان المهددة منازلهم! في الشهر الماضي انهار بيت آخر مؤديا إلى وفاة أربعة أشخاص، وصباح أول أمس، مرة أخرى، زار شبح الموت «درب المعيزي» ليختطف أرواح ثلاثة أشخاص. وسينتظر وزراء ومسؤولون مرة أخرى التعليمات الملكية كي يزوروا البيت المنهار ويتأسفوا ويتعهدوا ثم ينصرفوا إلى حال سبيلهم في انتظار انهيار جديد، ووفاة جديدة، شعارهم: «الأعمار بيد الله»! لكن، إذا كانت الأعمار بيد الله فإن شؤون المواطنين هي بأيديهم ولهذا السبب فقط تم انتخابهم، فالسكان ضاقوا ذرعا من الوعود الكاذبة التي تمطرها الحملات الانتخابية، والتي توزع خلال التعازي عقب كل انهيار مصحوب بوفاة. قال مصطفى الخلفي وزير الاتصال إن اللجنة قررت إطلاق عملية إحصاء دقيق وشامل لمجموع المنازل الآيلة للسقوط، وهو نفس الكلام الذي يقال في كل مرة ينهار جدار أو سقف أو بيت في المدينة القديمة، وهذا يعني بأن اللجنة ليس لديها لحد الساعة نظرة على الموضوع برمته! أين تقارير عمالة أنفا وولاية الدارالبيضاء ووزارة الاسكان الخاصة بمنازل المدينة العتيقة؟ أليست دقيقة بما فيه الكفاية كي تشرع الدولة حالا في إيواء المتضررين وإنقاذ أرواحهم، وترميم البيوت الآيلة للسقوط أو إعادة بنائها؟ إلى متى سيستمر التعامل البطيء والمستهتر بحياة المغاربة؟ مصيبة المسؤولين في هذه الحكومة أنهم ينتظرون التعليمات ليقوموا بعملهم، ومادامت هذه هي استراتيجيتهم الحكومية الجديدة التي وعدوا بها المغاربة فلينتظروا الأسوأ! [Bookmark and Share]