(محمد.ط) المهنة بناء بسيط جدا، له ستة أبناء في حاجة إليه يوميا، الآن يقبع بالسجن المحلي بتطوان، في انتظار ما ستقول بخصوصه المحكمة. السبب شركة للقروض الصغرى، استدرجته كما غيره، إلى شراك قروضها قبل أن تزج بهم في السجون، وفي متاهات المبحوث عنهم بالنسبة لمن استطاع الفرار، قبل أن تحل الشرطة بمنزله وتحمله أمام أبنائه. شركات عديدة مماثلة لها نفس التوجه، لكن بطرق وبحدة قد تكون أقل، وإن اشتركت في «تجاوزاتها» القانونية والإدارية المعمول بها في نظام القروض. في حين تتعامل المحكمة مع ضحاياها ك«مجرمين»، مخالفين للقوانين، في حين أن المخالف للقانون هي الشركة، يقول أحد المحامين المتتبع للقضية. الخلل الأساسي يظهر من خلال قضية الشيكات، التي هي الحبل أو السيف الحاد، المنزل على أعناق جميع المقترضين، إذ لا تكتفي المؤسسة بالعقد الموقع بين الطرفين، بل تلزمهم بترك شيك كضمانة، يزيد مبلغه عن مبلغ القرض الأصلي بأكثر من الربع، هكذا دون مراعاة لكون الشيك المقدم هو أصلا بدون رصيد. شيك بدون رصيد، تلك هي التهمة، وذاك ما تريد الشركة أن توقع فيه ضحاياها، حتى وإن أدوا أكثر من ثلثي المبلغ. فجل المقترضين لا يتجاوز ما يقترضونه المليوني سنتيم، وغالبيتهم من النساء وبعض الأجراء الصغار، الذين يحتاجون إلى هذا المبلغ لشراء بعض المستلزمات، سواء لمنازلهم أو لصالح عملهم. فواحد من الشبان اقترض المبلغ لشراء بعض مستلزمات مقاولته الصغيرة، فأصبح اليوم مطاردا ومبحوثا عنه، بعد أن كان يستعد للزواج والإعداد لحفل زفافه، فيما (محمد.ط) البناء المعتقل، فبدوره كان يرغب في شراء بعض تجهيزات عمله، لتطوير دخله بدل كراء تلك التجهيزات دائما، وما يرافق ذلك من مبالغ مالية كبيرة كان يصرفها لهذا الغرض. «كانوا كيجيو لعندنا حتى لدار، أكيقترحوا علينا القروض ديالهم، أكيقولونا بفوائد صغيرة»، تقول سيدة استفادت بدورها من القرض، ولم تعد تنتظر سوى طرقات الشرطة على بابها، لتلتحق بمن سبقها. حيث لم يشفع أي شيء لهؤلاء الضحايا، في أن لا تقدم شيكاتهم التي هي بدون رصيد للنيابة العامة بتطوان. إذ أن هناك احتمال إلى دخول نساء للسجن بسبب تلك القروض، فكيف يقبل الأبناء على والدتهم ذلك، وكيف سيكون وضع هاته العائلة بسبب هذا، سواء أمام الجيران أو أمام أفراد الاسرة الآخرين؟ بل إن هؤلاء ليس لديهم إمكانيات لتنصيب محامين، وترفض الشرطة أي تسوية محتملة معهم. مستخدمو شركة القروض تلك، كما غيرها، يركزون نشاطهم في الاحياء الضعيفة بتطوان، كما بمرتيل والمضيق وغيرهما، بدعوى تقديم قروض صغرى للنساء وبعض المياومين، لتحسين أوضاعهم الاجتماعية ودعم بعض المبادرات المهنية الصغيرة أيضا، كل ذلك بفوائد صغيرة جدا بسبب دعم الدولة لها. فيما يستغل ضعف وبساطة هؤلاء للتلاعب بهم، فيلزم كل مقترض بوضع شيك ضمانة أو بالأحرى «رهينة» لدى المؤسسة، فكل مقترض بمبلغ مليوني سنتيم، يلزم بشيك ضمانة بمبلغ مليوني ونصف المليون، أي بزيادة 5000 درهم فوق المبلغ المقترض أصلا، فيما القانون يمنع كليا أن يكون الشيك ضمانة لأي سبب، وفور تأخر المعني عن أداء تلك المستحقات، التي تتجاوز 1000 درهم شهريا، يتم تقديم الشيك للبنك واستخلاص وثيقة تثبت كونه بدون رصيد، لرفع دعوى قضائية ضد المعني، حتى لو أدى ثلثي المبلغ أو أكثر. «كاين اللي مخلص تقريبا الفلوس ديالو كاملة، أدفعوا لو الشيك للمحكمة». تحكي سيدة من الضحايا، وهي تقدم نماذج لوصلات أدائها، «أنا مخلصة تقريبا الثلثين، ومع ذلك غاديين إدفعوا لي الشيك، منين غادي نجيب الفلوس ديالو؟» تقول والدموع تنهمر من عينيها.