بلغ عدد المستفيدن من القروض الصغرى بالمغرب حسب آخر تقرير لبنك المغرب سنة 2009 التي ودعناها مليونا و 240 مستفيدا، وسجل الحجم الإجمالي للاعتمادات المالية المرصودة لهذه القروض حوالي 31 مليار درهم، وبعد أن كانت الأسرة تعاني ضيق ذات اليد جاءت القروض الصغرى لتمثل السبيل الأنجع للخروج من دائرة الفقر، لكن الواقع أن الفوائد الربوية العالية لهذه القروض ستزيد الوضع تأزما للفقراء من جهة، وستحدث لمؤسسات القروض الصغرى مشكل عدم تسديد الأقساط. وتوجد بالمغرب حوالي 13 جمعية للقروض الصغرى بالمغرب. إقبال تنامت وتيرة إقبال المغاربة، خصوصا الحرفيين، على السلفات الصغرى في السنوات الأخيرة، إذ أضحى المغرب في صدارة البلدان المتوسطية النشطة في هذا المجال، هذا ما أكده التقرير السنوي لصندوق +جيدة؛ لتمويل الجمعيات المتخصصة في القروض الصغرى المتعلق بسنة 2008 وتم تقديمه سنة ,2009 والسبب راجع إلى قلة ذات اليد للأسر الفقيرة مقابل ارتفاع متطلبات الحياة مصحوبا بتوالي ارتفاع أثمنة المواد الاستهلاكية. (س. ز) أم لأربعة أبناء وزوجها عاطل عن العمل، أعياها العمل في شركات النسيج، وقررت فتح محل تجاري للخياطة، لكنها لم تكمل سنة على مشروعها حتى بدأت بوادر الإفلاس تظهر لها، المداخيل جد هزيلة، ثمن الكراء بدأ يتراكم إلى أن بلغ عجزها عن أداء ثمن كراء أربعة أشهر، ولم يكن منها إلا أن أغلقت المحل بعد تسديد ثمن الكراء بدين جديد. لم تجد (س. ز) من يسدي لها النصح غير إحدى صديقاتها الساكنة بجوارها بالرباط، فاقترحت عليها اللجوء إلى جمعية للقروض الصغرى وإنتاج المواد المصنعة وتوزيعها على أصحاب المحلات التجارية للملابس التقليدية. عملت (س. ز) بالنصيحة وأقدمت رفقة أربع نساء على أخذ قرض بمبلغ 20 ألف درهم، أخذت منه حصتها وبدأت فعلا بالصناعة من البيت. مرت الآن أربع سنوات على ارتباط (س. ز) بجمعية القروض الصغرى، حركت بها عجلة اقتصادها لكنها تشكو من ارتفاع نسبة الفائدة، وعبرت عن أسفها لكونها أصبحت وكأنها تعمل لصالح الجمعية، إذ إن معظم الأرباح تصبح من حق الجمعية ذات القرض. وتبرر جمعيات القروض الصغرى ارتفاع نسبة الفوائد إلى كون توفير خدمات مالية للفقراء والمحتاجين أمر مكلف للغاية، وخاصة بالنسبة لحجم المعاملات المقصودة مما يدفع بالمؤسسة التمويلية إلى رفع نسبة الفائدة لتغطية نفقات إدارة القرض. وكشفت مجلة أمانيوز في عددها 191 دجنبر 2009 أن مخاطر التمويل الأصغر في المغرب، بغض النظر عن ارتفاع المديونية، وارتفاع نسبة أسعار الفائدة، تتمثل في ضعف التنظيم وإشراف مؤسسات التمويل الأصغر. عجز أكد أحد مدراء جمعية القروض الصغرى، في تصريح ل التجديد، بأن العديد من الجمعيات لا تحترم ميثاق أخلاقيات المهنة، وبالتالي هناك غياب الآليات والضوابط لضبط هذا القطاع، مضيفا أن بعض الأهداف من هذه التمويلات لم تحقق، فبدل أن تساعد بعض الأسر على إنشاء عمل مدر للدخل، لجأ المستفيدون إلى اقتناء مواد استهلاكية، وبالتالي إيجاد صعوبة في دفع القرض. ووفق المصدر ذاته؛ فإن عدم احترام الضوابط سيؤدي إلى ارتفاع مديونية الأسر. وسبق لخبراء دوليين من المجموعة الاستشارية لدعم الفقراء أن حذرو مسؤولي جمعيات القروض الصغرى السنة ما قبل الماضية من بوادر أزمة قد يعيشها القطاع، وضرورة التعامل بحذر أكبر عند منح السلفات للزبناء. وكان الكاتب العام لجمعية نماء للقروض الصغرى عبد العزيز الرماني كشف ل التجديد أنه بعد مرور 10 سنوات على إصدار قانون القروض الصغرى أبرز وقوع انحراف عن روح وفلسفة تلك القروض في جزء لا يستهان به من القروض الصغرى الممنوحة ، وصارت القروض تزيد الفقراء فقراً في عدد من الحالات، وليس مساعدتهم للخروج من دائرة الفقر بتمويل مشاريع مدرة للدخل وفق شروط سداد ميسرة، ومن مظاهر الانحراف أن تلك القروض تمنح بفوائد فاحشة جدا، أكبر من تلك المطبقة لدى الأبناك، قد تصل إلى 30 في المائة، في حين تحصل هي على القروض من الأبناك بنسبة 9 إلى 11 في المائة. ومن بين مظاهر الانحراف أيضا أن أصبحت تلك القروض الصغرى تستخدم لأغراض استهلاكية كشراء الأضحية وبمناسبة رمضان والدخول المدرسي وتجهيز الأعراس... في حين جرت العادة أن تمتنع جمعيات القروض الصغرى في السابق عن منح أي قروض شهراً قبل تلك المناسبات، تفادياً لتوظيفها في غير ما أحدثت لأجله؛ من قبيل تنمية الدخل وتحسين ظروف عيش الفقراء. ورأى الرماني أن العيب ليس في فكرة القروض الصغرى أو في القانون المنظم لها؛ الذي مر عنه أزيد من 10 سنوات، وإنما في الممارسة، إذ أصبحت كبريات جمعيات القروض الصغرى تتهافت على هذا الموضوع، وحتى الأبناك اقتحمت هذا الميدان. منافسة لقد عرف مجال القروض الصغرى منافسة قوية، ففي بعض المناطق؛ هناك 10 أو 11 جمعية ينافس بعضها البعض، هذه المنافسة، حسب ما أكده أحد العاملين في القطاع في حديث ل التجديد دفعت بعض الجمعيات إلى الابتعاد عن هدفها الأساسي لتقديم القروض الصغرى، وأصبحت لا تحترم كل المعايير المطلوبة لإعطاء القروض، مما جعل القطاع يتخبط في مشاكل لا حصر لها. فقد رصدت جمعية الأمانة وحدها عدد القروض المتأخرة خلال شهر نونبر 2009 ما مجموعه 42 ألفا و194 تأخرا. وبلغ عدد القروض الملغاة 14 ألفا و 905 حسب ما جاء في مجلة أمانيوز عدد 191 دجنبر ,2009 وهو الأمر الذي أدى ببعض المؤسسسات إلى إعادة النظر في سياساتها المتعلقة بمنح القروض. انتقادات يرى المحامي والحقوقي عبد المالك زعزاع، حسب تصريح سابق ل التجديد أن من العيوب التي ظهرت في السنوات الأخيرة أن البعد الاجتماعي الإنساني تراجع في منح تلك القروض لصالح الهاجس التجاري، الذي صار مهيمناً لدى بعض الجمعيات المشتغلة في هذا المجال. وأضاف أن الشكاوى ضد جمعيات القروض الصغرى تنامت في السنوات الأخيرة، لأن ممارسة البعض منها تساعد على توسيع دائرة الفقر وليس العكس، مشددا على أنه ينبغي ألا يصبح الفقراء وسيلة تمتطيها هذه المؤسسات للاغتناء. وأبرز المتحدث أن القروض الصغرى المتداخلة، أي أخذ أكثر من قرض في الوقت نفسه، هي السبب وراء إثقال كاهل الفقراء وعجزهم عن السداد، وانتقال الموضوع إلى ردهات المحاكم بتهمة عدم الوفاء بالدين في عدد من مناطق المغرب كالخميسات والقنيطرة وآسفي والصويرة وشيشاوة... ومن جانب آخر استغرب عمر الكتاني الخبير الاقتصادي ما وصفه ب سكوت الدولة على هذه الممارسات، وعدم تدخل المسؤولين للحد من تداعيات السلفات الصغرى التي تثقل كاهل الأسر الفقيرة والمعوزة بالمديونية، وهو ما سيسهم في اضطراب الاقتصاد الوطني..