لم تدم فرحتهم طويلا بالانتقال من الدور الصفيحية إلى منازل حديثة البناء. فظروف السكن غير اللائق التي عاشوها لسنين طويلة تحت سقف البراريك البئيسة، ظل تطاردتهم إلى مكان استقرارهم الجديد، حيث وجدوا أنفسهم في شقق تسر الناظرين في شكلها وهندستها، لكنها للأسف بدون ربط بشبكتي الماء والكهرباء. هذه اللعنة المزدوجة التي تجمع بين «الظلمة والعطش»، صارت واقعا سكنيا مقلقا للمرحلين من قاطني «دوار السكويلة» بسيدي مومن، الذين استفاد جزء منهم منذ أواخر سنة 2010 من برنامج إعادة إسكانهم بمشروع «الأمان 1» قرب تجزئة البيضاء، بعد أن رحلت قبلهم نسبة كبيرة من أمثالهم إلى مشروعي السلام 1 والسلام 2 المجاور لحي أناسي بتراب عمالة البرنوصي بالدار البيضاء. هم ما يقارب 300 أسرة من قاطني بلوك 7 ب«دوار السكويلة»، الذين بدأت أفواج منهم تنتقل تباعا في أواسط السنة الماضية إلى غاية الآن، حيث استقرت العشرات من الأسر في منازلها، التي تم بناءها بشراكة مع «مول الشكارة» على مساحة عقارية تتكون من حوالي 140 بقعة أرضية، غير أن الانعتاق من بؤس البراريك، كان بالنسبة لهم مجرد أحلام يقظة، بعد أن تعدر عليهم ربط منازلهم بشبكتي الماء والكهرباء، وبالتالي مواجهة كابوس عدم الاستفادة من الإنارة المنزلية والماء الصالح للشرب. مصدر جمعوي من أبناء «دوار السكويلة»، لم يستطع مثله مثل العديد من المرحلين إلى مشروع «الأمان 1« تحديد الجهة المسؤولة على هذا المشكل المرتبط بتجهيز التجمع السكني. فمن خلال مجموعة من الشكايات التي وجهوها إلى السلطة المحلية بسيدي مومن وباقي الأطراف المتدخلة في المشروع، كان يتم توجيهم تارة إلى «مؤسسة العمران» وتارة أخرى إلى« شركة ليديك»، اللتان حسب أقوال المتضررين ترمي كل واحدة منهما «الكرة في ملعب الأخرى»، دون يجدوا جوابا شافيا حول استمرار حرمانهم من «الضو والما». هذا العيش في العتمة ليلا والبحث المضني يوميا عن شربة ماء، دفع هؤلاء المرحلين من الكاريان إلى مشروع سكني حديث، يلجأون إلى خبرتهم السابقة في الاعتماد على وسائلهم الخاصة في تدبر أمر الحصول على الماء والكهرباء ولو بطرق غير قانونية، حيث اضطر العديد منهم إلى «سرقة» حاجتهم من «الضو والما» عبر القنوات الرئيسية للكهرباء والماء الموجودة بالقرب من مساكنهم في انتظار حل هذا المشكل من طرف الجهات المعنية.