رحل إلى دار البقاء الزجال المغربي المتميز الطاهر سباطة أول أمس الخميس بإحدى مصحات مدينة الرباط وهو واحد من الزجالين المغاربة الذين أثروا الأغنية المغربية بإبداعاتهم ونصوصهم الغنائية إلى جانب زملاء لهم في المجال، على غرار أحمد الطيب لعلج وفتح الله المغاري وعلي الحداني وعبد الرحمان العلمي وحسن المفتي وآخرون. عرف الراحل بغزارة إنتاجه الذي تناول فيه مواضيع كثيرة ومتنوعة بين ما هو وطني وعاطفي واجتماعي ومونولوج، واشتهر في هدا الخصوص بأغنية “عندي بدوية” التي قدمها الفنان محمود الإدريسي والتي حققت نجاحا كبيرا وانتشارا جماهيريا واسعا، رغم أنها لم تتضمن اسم المنطقة التي كتبت فيها. لميلاد هاته الأغنية حكاية خاصة، حيث كتب الراحل كلماتها خلال وجوده بالخميسات في مهمة سنة 1963 ببحيرة في ضواحي عاصمة زمور تسمى “ضاية الرومي”.. حينها كان الفنان الراحل، يتجول بالأسواق المحلية الموجودة في الخميسات وتيفلت وأيت واحي وجودران بعد أن استهوته هذه المنطقة بطبيعتها الخلابة وأثارت انتباهه بدوية كانت تسوق قطيعها من الغنم كل صباح وتعود به في المساء. كلها كانت ظروفا هيأته للشروع في كتابة بوحي من المنطقة. وبعد أن اكتملت هياكل هذا العمل الغنائي منحها الفنان الراحل الطاهر سباطة للمطرب محمود الإدريسي الذي أداها بشكل رائع، وزادها روعة الملحن الكبير والمقتدر محمد بنعبد السلام، وهو ما يفسر نجاحها الكبير والصدى الكبير الذي خلفته في نفوس الجماهير وطنيا ومغاربيا.. قدم الفنان الراحل الطاهر سباطة عشرات الأعمال الغنائية المتميزة التي أغنت خزانة الأغنية المغربية، وبكلماته شدا أغلب المطربين المغاربة، ومن بين من تعاملوا معه فنيا عبد المنعم الجامعي من خلال “فاينكوم يا عشراني” و محمود الإدريسي الذي قدم له أغنية “هايلة”، إضافة إلى الفنان الطاهر جيمي من خلال عمل “الله يخليك” و”حروف الزين” لمحمد علي و”الله يحفظك يا منور” التي قدمها الفنان محمد الغاوي، لتبقى أغنية “الخاتم” التي قدمتها باقتدار الفنانة القديرة نعيمة سميح نقطة تميز فني كبير على الصعيد الغنائي الوطني..لهذا العمل، قصة فريدة رواها الفنان الراحل الطاهر سباطة عبر صفحات إحدى الجرائد الوطنية، حيث قال “لهاته الأغنية سحر خاص وذكريات فنية جميلة، كتبتها سنة 1972، لفنان مغربي، لم يستطع أداءها بالشكل المطلوب، ما جعلني أحتفظ بالأغنية حتى سنة 1974..وبعد مدة قصيرة، قدر للجمهور المغربي أن يسمع الأغنية بصوت نعيمة، التي زادت من شهرتها، بعد أن حققت نجاحا كبيرا، لتكامل عناصرها، (الصوت القوي ذو البحة المتميزة، واللحن الأصيل، والكلمات البسيطة المؤثرة، التي اعتمدت في كتابتها على أحداث واقعية”..وعن أغنية “الخاتم”، قال محمد البوعناني” شكلت أغنية “الخاتم” من كلمات الطاهر سباطة وألحان محمد بن عبد السلام، رائعة كانت بمثابة الانطلاقة الحقيقية للفنانة نعيمة سميح، تمهيدا لأغنية جريت وجاريت” التي حققت شهرة واسعة وجعلت اسمها متداولا في كل الدول العربية، وهي من توقيع الزجال الراحل علي الحداني وألحان عبد القادر وهبي”.. قبل ولوجه عالم الفن ومجال الزجل تحديدا، شغل الفنان الراحل الطاهر سباطة وظيفة رجل أمن، وطيلة مسيرته الفنية خلف ريبرتوارا غنيا تضمن أزيد من 80 أغنية تحتفظ بها الخزانة الصوتية للإذاعة الوطنية، ومابين أعمال وطنية وعاطفية ودينية ما قدر مجموعه ب 170 أغنية، ستحفظها الذاكرة المغربية، رغم كل الصعويات التي يشهدها واقع حال الفن المغربي.. إكرام زايد