AHDATH.INFO دعت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها إلى ضمان النجاعة القانونية المطلوبة بين منظومة التصريح بالممتلكات ومكافحة الإثراء غير المشروع، وتيسير تجسير العلاقات التي تتيح إمكانيات رصد إثراء غير مشروع عن طريق الممتلكات المصرح بها. واعتبرت الهيئة في تقريرها السنوي للعام 2020 أن من المهم التنصيص القانوني الصريح على أن رصد جريمة الإثراء غير المشروع يتم على الخصوص من خلال تتبع التصاريح بالممتلكات، أو تلقي التبليغات عن حالات الاشتباه، أو الحصول على معلومات في شأنها من المؤسسات القادرة، بحكم صلاحياتها وتوفرها على المعطيات، من اكتشاف تطور الثروات. ودعت الهيئة للتحلي بنفس درجة اليقظة التشريعية التي رُصدت لقانون غسل الأموال عندما اختار المشرع فتح روافد متعددة للتصريح بالعمليات المشبوهة في إطار غسل الأموال، من خلال توسيع لائحة الأشخاص والهيئات المعنية بالتصريح بالاشتباه. ويعتبر تقرير ملحق بالتقرير العام الصادر عن الهيئة والمتعلق بمنظومة التصريح بالممتلكات أنه من الضروري التوضيح القانوني للعلاقات بين المجلس الأعلى للحسابات والنيابات العامة وهيئات إنفاذ القانون الأخرى، في حالة الاشتباه بوجود إثراء غير مشروع، بما يخول هذه الأخيرة الاضطلاع بمهامها في البحث والتحري وتقديم الملتمسات بعقل وحجز الممتلكات والمنع من السفر وغيرها من الإجراءات القضائية الوقائية. وطالبت الهيئة ضمن تقريرها بترسيخ مبدأ علنية التصاريح وإتاحة المعلومات المتعلقة بها، مضيفة أنه لا يُمكن بأي حال من الأحوال أن يوظف مبدأ حماية الحياة الخاصة للأفراد كذريعة لتثبيت مشروعية حجب المعلومات المتعلقة بممتلكات المسؤولين العموميين عن المواطنين، لأن الوضع الاعتباري لهؤلاء المسؤولين يدرجهم ضمن فئة محددة ائتمنها المجتمع على تدبير المرفق العام بمقتضى مسؤولية تعاقدية تُشكل فيها الممتلكات والمنافع بندا أساسيا ضمن بنودها، بما يكسبها بالتبعية صفة العمومية التي تجعل كل حلقات المسؤولية التعاقدية مناط مراقبة ومساءلة وتتبع من طرف المجتمع. واعتبرت الهيئة أن ما رصده المجلس الأعلى للحسابات من إكراهات حالت دون اضطلاعه بمهام التتبع والمراقبة الناجعة لتصريحات الملزمين، لا يعكس حقيقة حجم الاختلالات البنيوية التي تعاني منها المنظومة القانونية الوطنية للتصريح بالممتلكات، لأن هذه المنظومة تعاني من أعطاب هيكلية تطال تدني منسوب تجاوب الآليات التي اعتمدتها القوانين الوطنية لتأطير هذا المجال مع المواصفات المعيارية ذات الصلة، سواء على مستوى الأشخاص الملزمين، أو التتبع والمراقبة، أو متطلبات الشفافية، أو مساطر البحث والتحري، أو المخالفات والمعاقبة عليها أو ضمان شروط تطبيقها الفعلي والمحكم. ويسمح استقراء المقتضيات القانونية، المؤطرة لمجال التصريح بالممتلكات في ضوء المواصفات المعيارية، ذات الصلة، برصد الفجوات الواضحة التي تشكل موطن قصور وثغرات ساهمت بقسط كبير في تعطيل هذه الآلية القانونية، وتحجيم دورها في تثبيت قيم الشفافية المطلوبة في ممارسة المسؤولية ببلادنا، حسب ما ورد في تقرير الهيئة، الذي أضاف بأن الآمال التي كانت معقودة على المنظومة الجديدة المتعلقة بالتصريح بالممتلكات لتجاوز حالة الجمود والعطالة التي ظلت لصيقة بقانون 1992، اصطدمت من جديد بمجموعة من العقبات، التي جعلت هذه المنظومة عاجزة عن توظيف آليات الإلزام والرصد وتتبع الممتلكات واقتياد المخالفين إلى سلطات المتابعة وإنزال العقاب، وبالتالي عاجزة عن إحداث الأثر الايجابي الملموس في بنيان الشفافية، وتحصين تدبير الشأن العام. وخلص التقرير ذاته، من خلال تقييم تجاوب المنظومة مع 15 معيارا، إلى أن هذه المنظومة تعاني من قصور منسوب الشفافية، والناتج أساسا عن الانغلاق الواضح لنظام التصريح بالممتلكات، في تنافر تام مع أهداف حماية ممارسة المسؤوليات، التي تظل منوطة بأنواع الرقابة في هذا المجال، ومن بينها الرقابة المجتمعية التي تبقى رهينة بالحق في الولوج إلى المعلومات المتعلقة بتصريحات الملزمين، وذلك باعتماد مبدأ علانيتها، وإتاحتها كليا أو جزئيا أو فئويا لتثبيت انخراط المجتمع في تعزيز مصداقية التصاريح وإعادة بناء الثقة في ممارسة المسؤوليات. وحسب تقرير الهيئة فإن مظاهر قصور منظومة التصريح بالممتلكات يتجسد أيضا في غياب التجاوب مع معيار التحديد الهادف للأشخاص، حيث تبين تذبذب المعايير المعتمدة في تحديد لائحة الملزمين، وعدم التفاعل مع اعتماد المرونة بالإضافة أو الحذف في لائحة الملزمين بالتصريح، إضافة إلى عدم إفساح إمكانية طلب هيئات أخرى إلزام أشخاص معنيين بالتصريح، وكل هذا جعل لائحة الملزمين مستوعبة لأشخاص ليسوا على قدم المساواة من حيث مستوى تعرضهم لشبهات الفساد واحتكاكهم بالأموال العامة، كما جعل دائرة الملزمين أوسع من قدرات التتبع والمراقبة وتناسبها مع الإمكانيات والآليات المتاحة. وبرزت مظاهر القصور، حسب نفس الوثيقة، على مستوى غياب آليات مضبوطة وناجعة للإحالة ولتبادل المعلومات، والتي ظلت في عمومها تقليدية، وغير قادرة على الاستفادة من إمكانيات تقديم تصريحات على دعامات إلكترونية مع الملزمين، فضلا عن عدم اعتماد سجل مركزي للمصرحين، وعدم إرساء علاقات تفاعلية مع المصالح المختصة بالإدارات المعنية، التي ينتمي إليها الملزمون لضمان تعاونها في هذا المجال.