AHDATH.INFO - أصيلة فكرة منفلتة من عقال التعريفات الدقيقة.نشأتها غير واضحة المعالم، ولمآلاتها فروع تتشعب حين تلتقي بالمتحرك السياسي و الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والديني ... هكذا بدى الحديث عن العروبة خلال المداخلات المركزة لضيوف موسم أصيلة الثقافي الدولي الثاني والأربعون، الذي واصل اليوم الاثنين 8 نوفمبر، طرح تساؤلات مركبة خلال ندوة "العرب والتحولات الإقليمية والدولية الجديدة: العروبة إلى أين؟'، التي خصصت جلستها الأولى لفكرة العروبة والبناء الإقليمي العربي". محمد بن عيسى، أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة و رئيس جماعة أصيلة، اختار خلال كلمته الترحيبية التذكير بتكامل ندوات جامعة المعتمد بن عباد المفتوحة في دورتها 35، التي تطرقت لموضوع المغرب العربي والساحل، ومستقبل الديمقراطية الإنتخابية، لينفتح النقاش على زاوية أدق تهم المصير العربي عبر من خلال تشريح فكرة العروبة في محاولة لجرد نقاط القوة والضعف وفتح نافذة على إمكانية تقديم بديل أو آلية لترجمة ما تم طرحه على ساحة النقاش منذ نهاية القرن 19 إلى اليوم، مع استحضار كل المتغيرات الجذرية التي حدثت في هذا المنحى الزمني. بنعيسى استحضر ثلاث صياغات لتناول فكرة العروبة، أولها حضارية تترجمها جهود الادباء والمفكرين، وثانيها إيديولوجي مرتبط بالانسياقات السياسية الحزبية والتنظيمات الحركية التي تبنت مسألة الوحدة العربية، وثالثها صيغة ببعد استراتيجي تحيل على النظام الاقليمي الاندماجي الذي تبنته جامعة الدول العربية، ليستحضر في ختام كلمته التحولات الإقليمية والدولية التي أثرت سلبا على فكرة العروبة التي تلاشى وجودها معمقا شرخ الدولة الوطنية في عدد من الاقطار العربية ما يفتح الباب أمام قوى متربصة لا تتوانى في استثمار ما هو إثني و طائفي لتأزيم الوضع وأخذه نحو الفوضى والانقسام. الإعلامي ومستشار ملك البحرين في الشؤون الإعلامية، نبيل يعقوب الحمر، أكد بدوره أن هناك عدد من التحولات التي عرفها العالم العربي والتي كانت محصلتها كارثية على الوضع الحالي، ما يستدعي التطلع لوطن تجمعه العروبة بغض النظر عن الوسائل المتوفرة لتحقيق الفكرة، مشيرا أن كورونا تشكل المستجد الأكثر إرباكا ما غير مسارات العالم ويراكم التبعات على المدى الطويل، والتي يحضر في مقدمتها التحدي الاقتصادي. الحمر أشار أن العرب مدعوين اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى التفكير ودق جرس الانذار بعد هذه التجربة المرعبة التي تقتضي الحد الادنى من التنسيق، معربا في المقابل عن تفاؤله من كون الإنسان العربي أكثر وعيا اليوم بما يحاك ضده و أكثر تشبت بعروبته اكثر تشبت بعروبته، الى جانب تسليطه الضوء على الامتداد لاسيوي والافريقي للوجود العربي، وهو المعطى الذي يجعل من الدول العربية قادرة على صناعة التحولات في العالم كقوة. المفكر والباحث العراقي الحسين شعبان، اختار التفريق بين العروبة والقومية التي تربك فهم البعض، مشيرا أان العروبة هوية جامعة ذات بعد وجداني، بينما القومية ذات بعد سياسي، كما أنها استعلائية متعصبة وتنشر الفرقة. وحاول الباحث بعض استعراض عدد من تعريفات العروبة، الخروج بخلاصة تبعد العروبة عن طابع الجمود، مؤكدا أنها متحولة، متفاعلة، متجددة، قادرة على استيعاب العادات واختلاف الهويات بعيدا عن اختزالية العرق والنسب. أمام هذه الحركية،طالب المفكر العراي بضرورة أنسنة العروبة و تحصينها بعيدا عن أي قالب تعريفي موحد، مشيرا أن تناولها خارج إطار الجمود يشكل مشروع نهضة قائم على الحرية والتنمية، بعيدا عن التطرف ومنفتح على الهويات الفرعية، مذكرا بضرورة الابتعاد عن خلط القومية بمعناهاةالضيق، والعروبة الحضارية بمعناه المرن القادر على جمع المتفرقات في ظل التفتت الداخلي الذي تعرف الدول العربية. بنبرة ناقدة، اختار سفير اليمن لدى اسبانيا سابقا، مصطفى نعمان، التساؤل عن جدوى مناقشة العروبة منذ سنوات، مشيرا أنها قد تكون مجرد فكرة للتغني بها، بعد افراغها من مضمونها، مستدلا بالجامعة العربية الذي قال أنها لم تتمكن من تقديم أي حل، متسائلا عن إمكانية وجود بديل لفكرة العروبة في المستقبل، أو العمل على تفعيلها حاضرا في ظل وجود مخاطر مشتركة تهدد المصالح العربية