باريس, 21-4-2021 (أ ف ب) - دام الحلم "الانشقاقي" 48 ساعة فقط وتحول الدوري السوبر الأوروبي لكرة القدم الى مثابة مشروع و ل د ميتا بعدما أعلنت الأندية الإنكليزية الستة الثلاثاء انسحابها من مخططاته، ما دفع بالمؤسسين للتوجه نحو "إعادة هيكلة" وهو الأمر الذي يترك المشروع المثير للجدل في مهب الانهيار خصوصا في أعقاب ردود الفعل الغاضبة من الجماهير حياله. وأعلنت أندية مانشستر يونايتد، ليفربول، أرسنال، وتوتنهام ومانشستر سيتي وتشلسي الانسحاب من الدوري السوبر، لتبقى في الواجهة أندية ريال مدريد، برشلونة، وأتلتيكو مدريد الإسبانية، إلى جانب إنتر وميلان ويوفنتوس الإيطالية. ويبدو أن إنتر ميلان سيكون أول الفرق الإيطالية الثلاثة الذي سينضم الى السداسي الإنكليزي بعدما نقلت وكالة "أنسا" عن مصدر من داخل متصدر "سيري آ" قوله "إن في الوضع الراهن، لم يعد إنتر مهتما بمشروع الدوري السوبر". وكان عمالقة إنكلترا الستة من بين 12 ناديا مؤسسا لهذا الدوري الانفصالي الذي أعلن عنه ليل الأحد الإثنين لمنافسة دوري الأبطال، لكن رد الفعل على المخطط كان قاسيا حيث هدد السياسيون وسلطات كرة القدم باتخاذ إجراءات قانونية ضد ما يسمى ب "الدزينة القذرة"، وصولا الى التهديد بحرمان الأندية ال12 من المشاركة في دوريات بلادها. وقال مانشستر سيتي السباق للانسحاب، وقال في بيان إنه "يمكن لنادي مانشستر سيتي لكرة القدم أن يؤكد أنه اتخذ رسميا إجراءات الانسحاب من المجموعة التي تطور خطط الدوري السوبر الأوروبي". وأعرب رئيس الاتحاد الأوروبي السلوفيني ألكسندر تشيفيرين عن "سروره" لقرار سيتي. وقال في تصريحات أرسلها لوكالة فرانس برس "يسعدني أن أرحب بعودة سيتي إلى أسرة كرة القدم الأوروبية"، مشيدا ب"الذكاء الكبير" و"الشجاعة" لهذا الانسحاب. من جهته، قال أرسنال عبر تويتر "بعد الاستماع إليكم وإلى مجتمع كرة القدم الأوسع خلال الأيام القليلة الماضية، فإننا ننسحب من الدوري السوبر المقترح. لقد ارتكبنا خطأ ونعتذر عنه". قال الاتحاد الإنكليزي في بيان إنه يرحب بخطوات الأندية للتخلي عن الدوري السوبر، مشيدا بالمشجعين على "صوتهم المؤثر والصريح". ونشر القائد جوردان هندرسون بيانا باسم فريق ليفربول قال فيه "لا نحب ذلك ولا نريده أن يحدث. هذا موقفنا الجماعي". وبعيد ذلك، أعلنت منظمة "الدوري السوبر" في بيان حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منه أنها "ستعيد النظر في الخطوات الأنسب لإعادة هيكلة مشروع" المنافسة الرامي إلى مزاحمة دوري أبطال أوروبا في كرة القدم، معتبرة أن الأندية الإنكليزية الستة التي انخرطت في بادئ الأمر بالمشروع، أعلنت مساء الثلاثاء انسحابها "بسبب الضغط الذي وضع عليها". وعارض بطل أوروبا بايرن ميونيخ الألماني والوصيف الفرنسي باريس سان جرمان بشدة هذا الدوري، ما أضر بشكل كبير بمشروعية المخطط. وفي يوم درامي بامتياز، أعلن مانشستر يونايتد أن نائب الرئيس التنفيذي للنادي إد وودوارد سيتنحى عن منصبه في نهاية العام 2021. وفي وقت سابق الثلاثاء، قال تشيفيرين إن الوقت لم يفت أمام الأندية ال12 للاعتراف بأنها ارتكبت خطأ وبأنه "لا يزال هناك وقت لتغيير رأيكم. الجميع يرتكب أخطاء". وهد د رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) جاني إنفانتينو الثلاثاء بأنه يتعي ن على الأندية المنشقة "تحم ل عواقب قرارتها". وقال السويسري إنه "من واجبنا حماية نموذج الرياضة الاوروبية، وبالتالي إذا قر رت مجموعة ما الذهاب في طريقها يتعي ن عليها تحمل عواقب خياراتها". وضع قرابة ألف مشجع لأندية إنكليزية عدة خصومتهم في الدوري الممتاز جانبا وشاركوا في تظاهرة احتجاجية خارج ملعب "ستامفورد بريدج" خلال مباراة تشلسي وبرايتون التي انتخت سلبا ، ضد "الانشقاق" عن الكرة الأوروبية. ورفعت لافتات كتب عليها "لترقد كرة القدم بسلام 1863-2021"، و"أسست من قبل الفقراء، سرقت من قبل الأثرياء"، و"رومان إفعل ما هو صحيح" في رسالة إلى مالك تشلسي الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش. وكان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون التقى في وقت سابق مع أندية الدوري اتحاد كرة القدم في انكلترا ومجموعات المشجعين، وتعهد ببذل كل ما في وسعه لقتل خطة الدوري السوبر. وغرد جونسون في وقت لاحق عبر تويتر، قبل تأكيد قرار سيتي، إن "قرار تشيلسي ومانشستر سيتي إذا ما تم تأكيده، هو القرار الصحيح تماما وأنا أشيد بهما على ذلك". وكان العنوان الذي صدرت به صحيفة "ليكيب" الرياضية الفرنسية الأكثر تعبيرا عما حصل في الساعات القليلة الماضية بقولها إن "برميرليغ وأد سوبر ليغ في مهده". وكان من المفترض أن تضمن المشاركة في الدوري السوبر للاندية المؤسسة مقعدا لها في كل سنة وبالتالي عدم القلق من امكانية عدم احتلال مركز مؤهل الى دوري الأبطال وما يرافق ذلك من خسائر مادية ضخمة. لكن مدرب مانشستر سيتي الإسباني بيب غراديولا لم يترد د في انتقاد الخطوة. وقال إن النظام المغلق للبطولة الجديدة "لا يمت الى الرياضة عندما تنعدم العلاقة بين الجهود والمكافأة. ليست رياضة عندما تكون ضامن ا للنجاح، ليست رياضة عندما لا يكون مهم ا إذا خسرت". وبانتظار معرفة ما سيحصل لهذا المشروع، تضع هذه الحلقة الجنونية كرة القدم الأوروبية في مواجهة الخلافات الهائلة التي تحركها، بين أندية غنية متلهفة للأرباح والمحافظة على مكانتها وسط أزمة اقتصادية ناجمة عن تفشي فيروس كورونا، وعدم اليقين الرياضي. والأسئلة المشروعة حاليا وبعد ضعف موقف الدوري السوبر نتيجة انسحاب عمالقة إنكلترا، هل سيعاقب المنشقون على التفكير بمثل هذه الثورة؟ هل سيتم الابقاء على إصلاحات دوري أبطال أوروبا التي ستطبق اعتبارا من 2024 والتي تم اعتمادها الاثنين، مع أنها لا ترضي الجميع، بينهم المشجعون الذين يعتبرون أن فهم النظام الجديد مقعد؟ كلها أسئلة سيتعين على الاتحاد الأوروبي التعامل معها، لكن في الوقت الراهن، يبدو ما حصل الثلاثاء وكأنه انتصار لكرة القدم الشعبية على كبار الرؤساء الأثرياء والمساهمين، "انتصار على الجشع" بحسب الصحف الإنكليزية. ومع انسحاب الأندية الإنكليزية، لا يبدو أن أي قيمة حقيقية لما صدر الثلاثاء عن محكمة في مدريد قضت بمنع الاتحادين الأوروبي والدولي من اتخاذ أي خطوات لعرقلة خطط الدوري السوبر، لأن هذا المشروع لا يمكن أن يمضي قدما بهذا العدد المتبقي من الأندية والمرشح للتراجع بعدما أفادت تقارير أن برشلونة وأتلتيكو مدريد يفكران أيضا بالتخلي عن الفكرة.