رانغون, 9-2-2021 (أ ف ب) - اقتحم الجيش البورمي مساء الثلاثاء مقر حزب أونغ سان سو تشي في رانغون بدون أي اعتبار لدعوة الأممالمتحدة لإنهاء قمع المتظاهرين المطالبين بعودة الديموقراطية. وقالت الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية إن العسكريين الذين نفذوا انقلاب ا الأسبوع الماضي واعتقلوا رئيسة الوزراء ودفعوا مئات الآلاف من البورميين للنزول إلى الشوارع تعبير ا عن احتجاجهم، اقتحموا هذه المرة مباني الحزب في رانغون. وكتب الحزب على صفحته على فيسبوك "دهم الديكتاتور العسكري ودمر مقر قيادة الرابطة الوطنية في حوالى التاسعة والنصف مساء " (3,00 بعد الظهر ت غ). ولم يذكر البيان المقتضب تفاصيل أخرى. اقت حم المقر في الوقت الذي خرجت فيه الثلاثاء احتجاجات لليوم الرابع على التوالي في عدة مدن رغم تحذيرات المجلس العسكري. ورد العسكريون برشق المحتجين بخراطيم المياه وبإطلاق الرصاص المطاطي باتجاههم. ودانت الأممالمتحدة الثلاثاء الاستخدام "غير المتناسب" و"غير المقبول" للقوة. وقال منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في بورما أولا ألمغرين في بيان إن "استخدام القوة غير المتكافئة ضد المتظاهرين أمر غير مقبول". وأضاف "لقد أصيب عدد كبير من المتظاهرين بجروح بعضها خطر"، وفق تقارير من مدن مختلفة عبر البلاد. ودانت واشنطن استخدام القوة ضد المتظاهرين. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ند برايس للصحافيين "ندين بأشد العبارات استخدام القوة ضد المتظاهرين. كل الأفراد في بورما لديهم الحق في التجمع السلمي". من جانبه، تطرق وزير الخارجية الأوروبي جوزيب بوريل إلى مسألة تبني عقوبات جديدة ضد الجيش البورمي. وقال "نحن نراجع جميع خياراتنا". وأضاف متوجه ا لأعضاء البرلمان الأوروبي أن هذه الإجراءات المستهدفة يجب ألا تتسبب بمعاناة للسكان. ولم يتسن الحصول على تقدير لعدد المصابين من المستشفيات. لكن مستوى التوتر ارتفع الثلاثاء، بعد أن هدد الجيش في اليوم السابق المحتج ين بالرد . في نايبيداو العاصمة الاقتصادية للبلاد، قال شهود عيان إن الشرطة أطلقت أعيرة مطاطية على متظاهرين بعدما حاولت تفريقهم بخراطيم المياه. وقال طبيب أن الجنود استخدموا كذلك الرصاص الحي وي ستدل على ذلك بحسب قوله من الجروح التي أصيب بها شابان أدخلا المستشفى في حالة حرجة. وقال الطبيب "نعتقد أنها رصاصات حية". وقال تون واي، وهو صائغ في السادسة والخمسين من عمره "أطلقوا النار على ابني عندما حاول استخدام مكبر الصوت ليطلب من الناس التظاهر بشكل سلمي". وأضاف "أصيب في ظهره ... أنا قلق جد ا عليه". وفي ماندلاي، ثاني أكبر مدن البلاد، أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين رفعوا علم الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية. ومنعت السلطات منذ مساء الاثنين التجمعات لأكثر من خمسة أشخاص في رانغون ونايبيداو ومدن أخرى. وفرض حظر التجول وتفرق المتظاهرون مع حلول المساء. لكن رغم التهديدات، خرجت تظاهرات جديدة الثلاثاء وإن كانت التجمعات أقل كثافة من الأيام السابقة. وتظاهر الناس في مختلف أنحاء رانغون، وتجمع البعض بالقرب من مقر حزب الرابطة الوطنية ورفعوا كتب عليها شعارات من بينها "نريد زعيمتنا" و"لا للدكتاتورية". وفي حي سان تشونغ في رانغون، نزل عشرات المعلمين إلى الشارع الرئيسي وهم يلوحون بالتحية الثلاثية الأصابع التي باتت شعار المقاومة. وقال المعلم خين ثيدا نوين "نحن قلقون ... لكن قلقنا أكبر على مستقبل أبنائنا". خلال الأيام الماضية تظاهر مئات الآلاف في مخلف أنحاء البلاد مطالبين بالإفراج عن المعتقلين وإنهاء الدكتاتورية وإلغاء دستور 2008 المحابي للجيش. لم يسبق للبلاد أن شهدت مثل هذه الاحتجاجات منذ الانتفاضة الشعبية عام 2007 والتي تعف باسم "ثورة الزعفران" التي قادها الرهبان وقمعها الجيش بعنف. وخطر القمع حقيقي في بلد عاشت بالفعل ما يقرب من 50 عام ا تحت نير العسكر منذ استقلالها عام 1948. في خطاب متلفز، هو الأول له منذ الانقلاب، شدد قائد الجيش مين أونغ هلاينغ على أن سيطرة الجيش لى السلطة يبرره "تزوير الانتخابات". وكان حزب سو تشي قد حقق فوزا كاسحا في الانتخابات العامة في تشرين الثاني/نوفمبر، لكن الجيش لم يعترف أبدا بشرعية الاقتراع. فالجنرالات خشوا من تراجع نفوذهم ومن أن تسعى أونغ سان سو تشي إلى تعديل الدستور. بعد وقت قصير على الانقلاب أعلن الجيش حالة الطوارئ لعام وعد بعدها بتنظيم انتخابات جديدة. وأكد مين أونغ هلاينغ الإثنين أن الجيش سيفي بوعوده ويعيد إرساء الديموقراطية. وأعلن أيضا أن الأمور ستكون "مختلفة" عن الحكم السابق للجيش الذي استمر 49 عاما وانتهى في 2011. وقال "بعد تحقيق مهمات فترة الطوارئ، ستنظم انتخابات حرة ونزيهة ومتعددة الاحزاب وفقا للدستور". لكن تلك الوعود ترافقت مع تهديدات. فأمام تصاعد موجة التحدي، حذر الجيش من أن معارضة المجلس العسكري مخالفة للقانون. وفي بيان نشرته وسائل إعلام حكومية قال المجلس إنه "يتعين اتخاذ خطوات" في مواجهة الأنشطة التي تهدد الاستقرار والنظام العام. وعلى الر غم من تشوه سمعتها في الغرب بسبب عدم تحركها إثر تهجير الروهينغا، لا تزال سو تشي شخصية ذات شعبية كبيرة في البلاد، وقد حصد حزبها أكثر من 80 بالمئة من الأصوات في الانتخابات الأخيرة.