يفضل الكثيرون إلقاء اللوم على الدولة دائما في كل شيء، من نظافة الشوارع إلى زحمة السير، مرورا باتساخ الأحياء والدروب، ووصولا حتى انتشار وباء كورونا. في العادة الأولى التي نربي عليها أنفسنا، والتي ورثناها من جيل آخر، والتي نربي عليها أبناءنا الآخر دائما هو المخطئ. لم نتعلم إلى حدود اللحظة تلك الخصلة الطيبة، التي يتسلح بها المتحضرون، والتي تقوم على البحث أولا عن مكمن الخلل في ذواتنا وفي أنفسنا، أي القيام بالنقد الذاتي، وبعد ذلك، وإذا لم نجد نمر إلي البحث عن مواطن خطأ في أماكن أخرى. هاته الخصلة الطيبة هي حل كثير من المشاكل التي نحياها. هاته الخصلة الطيبة ستمكننا، إذا كنا جادين وراغبين فعلا في ذلك، في الانتقال من حال إلى حال، وفي تطوير مجتمعنا بل تثويره، وجعله شبيها بالمجتمعات الأخرى، تلك التي نتحدث عنها بانبهار كبير، وننسى أن ذلك الانبهار سببه إحجامنا عن القيام بخطوات بسيطة للغاية في معيشنا اليومي قد تنقلنا من حال التأخر إلى حال التقدم في رمشة عين. الاعتراف بالخطأ، الاعتذار وهو فضيلة كبرى، تحمل المسؤولية حين الخلل أو الوقوع فيه، الإيمان بأنني لست أفضل من الآخرين، ولست أسوأ من الآخرين، بل مثلي مثل الآخرين، وأرتكب مثلما يرتكبون هم أخطاء، وأقوم مثلما يقومون هم بأشياء صائبة كثيرة، ونتعلم كل يوم. اليوم، ومع اضطرارنا للتعايش مع التعليم عن بعد لأبنائنا، علينا أن نتذكر أمرا آخر لا يقل أهمية عن التعليم هو التربية، وهي الكلمة التي تسير ندا للند مع التعليم في كل وزارات العالم. علينا أن نعلم الوافدين الجدد، أن كثيرا من أخطاء القدامى ومن هم في حكم القدامى، وإن كانوا صغارا في السن سببها إيماننا أن الخطأ دائما في مجتمعاتنا يقع على الآخر، وأن وهما ما يصور لنا أنفسنا ملائكة معصومين من الخطأ نمضي اليوم بطوله في مراقبة الآخرين وانتقادهم وننسى الأهم: مراقبة أنفسنا... نأسف لقولها بهاته الصراحة العارية والجارحة، ولكن جزءا رئيسيا من نكبتنا في زمن كورونا وانتكاسة الحالة الصحية المغربية سببه هاته الخصلة السيئة بالتحديد: خصلة لوم الآخرين وإعفاء النفس من أي انتقاد. للتأمل ليس إلا، لمن كان ذا عقل أو ألقى نظرات القراءة وهو شهيد.