شهدت أسواق السمك بتطوان، انخفاضا لم تعرفه منذ عشرات السنين، في جل أنواع السمك، والذي كان يباع بما لا يقل عن ثلاثة أضعاف ما وصل إليه حاليا من انخفاض، وخاصة منها "الشطون" الأكثر طلبا لدى التطوانيين، وبعض أنواع السمك الأبيض الأخرى، التي لم يكن أحد يستطيع اقتنائها أو حتى الإقتراب منها، بسبب غلائها. وأرجعت مصادر حسنة الإطلاع، من مهنيي الصيد والباعة، سبب هذا الإنخفاض، لوفرة المنتوج، وكذلك تراجع الطلب، بعد منع تهريب السمك عبر باب سبتةالمحتلة. وخاصة على مستوى ميناء المضيق، الذي كان سوق الجملة به، يعرف ارتفاعا غير طبيعي في أثمنة الأسماك المعروضة، والتي كان يوجه الجزء الغالب منها نحو أسواق ومطاعم سبتة. وكشفت مصادر من المضيق، أن عددا من المزايدين بسوق الجملة، معروفين بكونهم متخصصين في اقتناء الأسماك الجيدة، وبأثمنة مرتفعة لتوجيهها مباشرة نحو الثغر المحتل. وهو ما كان يرفع الثمن بشكل مهول. إذ غالبا ما كانت أسواق تطوان، تعتمد على الأسماك القادمة من موانئ أخرى كالعرائش وبعض الموانئ الصغيرة بالمنطقة، والتي لا تكفي للطلب المتزايد، وخاصة في الفترة الصيفية. ومما يؤكد علاقة انخفاض أثمنة الأسماك، بأسواق تطوان، وتوقيف تهريب الأسماك عبر باب سبتة، هي الكمية الكبيرة التي كانت تخرج بشكل يومي، وعبر سيارات تبريد وبطرق مختلفة أخرى، حيث أوضحت مصادر عليمة ومؤكدة، أن قرابة 10 أطنان من السمك التطواني، كانت تهرب للمدينة المحتلة، وهو ما كان يجعل السمك بها أرخص أحيانا من تطوان. وخاصة الأنواع البيضاء والقمريات وغيرها. واستغرب الكثيرون الكمية المهربة يوميا للثغر المحتل، معتبرين ذلك، تجارة منظمة ومسكوت عنها، خاصة وأن السلطات السبتية الصارمة جدا، في نقل ودخول بعض الخضر وحتى زيت الزيتون، تسمح بهاته الكمية الكبيرة من الأسماك للدخول. وهو ما دفع بالسلطات المغربية بالمعبر، مؤخرا لتوقيف مرور الأسماك بشكل شبه نهائي، مما أوقع المدينة في أزمة حقيقية، لكونها كانت تعتمد في 90% من مبيعاتها، على الأسماك المهربة من المغرب. وأدى هذا الوضع، لخفض من أثمنة السمك بتطوان لمستويات غير مسبوقة، من بينها "الشطون" الذي لم يكن ينخفض عن عتبة 30 درهم في أرخص أوقاته، ليصل اليوم لأقل من 10 دراهم. ونفس الشيء بالنسبة لبعض أنواع الرخويات الأخرى، والأسماك "الفارهة" كما كانت تسمى، بل أنها تصل في آخر المساء، لأثمنة لا يصدقها العقل. وهو ما لم يحدث بتطوان، منذ عشرات السنين، حيث تعرف جل أنواع السمك غلاءا غير مقبول، بل أن عددا من أهالي المنطقة، يقتنون أسماكهم من سبتة، بأثمنة أقل، دون علمهم بكونهم يعيدونها لمصدرها الأصلي.